المصالحة في خلطة التخليل

بقلم: رمزي النجار

في هذه الأيام يكثر الحديث عن المصالحة الفلسطينية، وما يثير الحيرة أن غالبية المتحدثين عنها هم من قادة الفصائل والنخب وغيرهم، وهو حديث ليس بجديد عليهم ولكنه يتجدد في المناسبات فقط للاستهلاك المحلي والاعلامي وخاصة مع اقتراب موسم الزيتون الذي ينتظره الناس سنويا وهو بمثابه عيد عائلي لقطف الزيتون بغرض الكبيس والتخليل والعصير، فالمصالحة أصبح الحديث عنها موسميا كالزيتون للتخليل وبانتظار خلطه جديده ينتهجها الأطراف المنقسمة تمرر على الناس بطريقة سهله ولا تستغرق وقتا سواء بالاعداد حتى يستوى تخليلها، فالزيتون استوى بدرى هذا العام والناس استوت من الحر الشديد، فالناس مستويه كفاية عليكم الحديث عن المصالحة كلاما بلا فعل ولا ضغوط ولا تنازلات، فالانقسام بات أكبر من الوطن لأن الفصائل أصبحت أكبر من الوطن والقضية، وكأن مشروع توحد الوطن وهم وخيال في عالم المستحيل، ضيعنا كل الفرص لإنهاء الانقسام والتوحد ولم الشمل، وتدخلت كل الوساطات بدون جدوى، وكان الشيطان للإنسان خذولا.

يبدو أن الحديث عن المصالحة في هذه الأوقات من قبل الفصائل الفلسطينية ذر الرماد في العيون، فهم لا يعملون شيئا على أرض الواقع لإجبار الجميع على المصالحة، والفصائل قادرة على ذلك ولكنها لا تريد أن تفعل، يفكرون بمشاكل غيرهم ولا يفكرون بمشاكل شعبهم وكيفيه لم شمله، يسارعون الى مساندة الأخرين وغير قادرين على مسانده بعضهم بعضا، وهم يعلمون جيدا أن الشعب كاشف أوراقهم وزهق من كلامهم واحاديثهم وصمتهم وفقدان الثقة بهم، فالناس ملت من سيره فتح موضوع المصالحة، ولم تعد تهتم كثيرا لأنهم أصبحوا مستسلمين للواقع الذي يسيطر عليه الاحباط على عقول وحياه الناس، كما أن الناس في كل مناسبة يفتح بها موضوع المصالحة تمتلك القدرة على التحليل أحسن بكثير من بعض قادته، والناس لديها قناعة راسخة بأن طريق المصالحة واضح للجميع وهي طريق واحدة وحيده عبر بوابه واحده وحيده بدون لف ودوران في الحلقة المفرغة.

فإذا بقي لكلمة المصالحة من معني في قاموس اللغة العربية فلن تجد لمعناها في القاموس الفلسطيني أثر، وبعد كل هذه السنوات لم يعد لمصطلح المصالحة أي قيمة وفحوى ما دام لم يحن الوقت لكي تؤسس الفصائل شراكة في كل قضايانا الوطنية حتى نحقق امل وطموحات شعبنا، ألم يستحق شعبنا الحياه بعد كل هذه المعاناة، أرحموا الناس وكفي استوى الزيتون ولم تستوى المصالحة بعد، استوت الناس ولم تعد تتفائل بالمصالحة وليس لديها امل بذلك، ولسان حال يقول أن المصالحة أصبحت عملية مصالحة دون مصالحة، وباتت المصالحة في خلطه التخليل منقعه في المحلول الملحي منذ أكثر من احدي عشر عاما في إناء لم يعد يتسع لها منذ سنوات بانتظار من ينتشلها من كثر التنقيع والتخليل ولم يغلق الإناء بعد.

بقلم/ د. رمزي النجار