أوسلوا ...والمزاج الوطني

بقلم: وفيق زنداح

الثالث عشر من شهر سبتمبر بالعام 93 تم التوقيع على اتفاقية اعلان المبادئ كمرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات يتم تنفيذها من خلال ثلاث مراحل بدايتها غزة...أريحا أولا وحتى نهايتها بالمرحلة الثالثة بالعام 99 لتجسيد الدولة وانهاء الاحتلال .

فرحة عارمة ...وبداية صفحة جديدة من النضال السياسي الفلسطيني والذي تجسد بأول سلطة وطنية فلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني ....مما أفرح الجميع ....

بدايةعرس وطني بعودة قائد الثورة والزعيم الراحل ياسر عرفات والقيادة الفلسطينية بغالبية قادتها وفصائلها .

اتفاقية اوسلوا لم يقل احد انها الامثل ...والافضل ...لكنها الاتفاق المتاح والممكن في ظل معادلة دولية وعربية ...كما الحالة الفلسطينية التي يغلب عليها حصار سياسي ومالي في ذلك الوقت .

الاتفاق المتاح والممكن والذي تم التوقيع عليه وعدم التزام اسرائيل بتنفيذه وعدم ممارسة الراعي الامريكي لدوره وانقلاب الخارطة الحزبية الاسرائيلية لجهة اليمين المتطرف لا زال يشكل عائقا اما تنفيذ المرحلة الثالثة والذي كان من المفترض تنفيذها بالعام 99 حسب اعلان المبادئ والملاحق .

لقد عشنا الواقع ....وراينا بأم اعيننا ....وسمعنا باذاننا ....وشاهدنا صورة جديدة لواقع جديد اشعرنا من خلاله ان هنالك شئ ما قد بدا يتغير ومشاهدة العلم ورفع رايته والاستماع للنشيد الوطني والوقوف له ...وحيازة جواز السفر الفلسطيني والانتقال من دولة لاخرى ....وتواجد ممثليات عربية واجنبية .

شاهدنا ولا زلنا نشاهد ونستمع لقرارات دولية تدعم حقوقنا وتؤسس حقنا بتقرير المصير ..كما شاهدنا وتلمسنا علاقات دولية واعترافات من الغالبية العظمى من دول العالم بدولة فلسطين .

أي أننا انتقلنا من مرحلة الثورة ....الى مرحلة بناء الدولة ....حتى وان كنا لازلنا نتعثر ونواجه المصاعب والتحديات ....ولا زالت حكومة دولة الكيان على مواقفها وتطرفها وعنصريتها وعدم التزامها بتنفيذ كافة بنود الاتفاقية رغم قصورها وعدم اكتمالها .

المزاج الوطني وقد حدث عليه الكثير من المتغيرات منذ توقيع اتفاقية اوسلوا وحتى يومنا هذا ....نتيجة لظروف احتلالية وممارسات عنصرية ...كما نتيجة لظروف داخلية وطنية احدثت مصاعب جديدة وتحديات تزداد يوما بعد يوم في ظل حصار اسرائيلي واعاقة مدبرة لتنفيذ الاتفاقيات الموقع عليها .

اتفاقية الممكن والمتاح في ظل خارطة دولية واقليمية بدأت تتغير الى مرحلة نضوج قرار أممي بحقنا باقامة دولة فلسطينية مستقلة ....تحقق الحلم الوطني بعد ضياع وتشريد وملاحقة .

لقد تواجدنا على ارضنا ....وعادت قيادتنا ...واصبحنا بعنوان سياسي ...تقدمنا وحدث تغير ملموس بواقعنا ولا يستطيع احد التنكر او تجاهل ما حدث ...اصبنا واخطأنا ...فشلنا ونجحنا .....لكننا بالمجمل قد حققنا الخطوة الاولى وما سوف يتلوها من خطوات وانجازات سياسية لم تصل بعد الى الحد الكامل بالنسبة لنا وطنيا .

عدم الانجاز السياسي الوطني لتجسيد دولة فلسطين بعاصمتها القدس له علاقة مباشرة باحتلال جاثم على صدورنا واستيطان عنصري ....وحكومة يمين متطرف وراعي امريكي منحاز ....ومجتمع دولي لازال ضعيفا وغير قادرا على حسم مواقفه والزام المحتل الوحيد في هذا العالم على الانسحاب والاعتراف .

حكومة الكيان والراعي الامريكي والمعادلة السياسية الدولية والشرق اوسطية تشكل سببا مباشرا بحالتنا الفلسطينية التي تزداد صعوبة وتحديا خاصة ونحن نعيش فخ الانزلاق بمتاهات الغرق الانقسامي الوهمي على النفوذ والحكم ونحن لا زلنا تحت الاحتلال ...ولم نستكمل خطواتنا وانجازنا السياسي .

اتفاقية اوسلوا والتي جاءت ما بعد مؤتمر مدريد للسلام قد حركت المياه الراكدة ...لكنها لم تغير من عقلية المحتل الذي لا زال يمارس عنصريته واحتلاله واستيطانه ...كما أننا لازلنا على الصعيد الداخلي نزيد من تحدياتنا ومعوقاتنا باختلاق الأزمات والمشاكل الداخلية لنا مما فتت الكثير من طاقاتنا وإمكانياتنا ....وجعلنا أمام عدو محتل يستسهل التنصل من التزاماته واتفاقياته ....كما يجعلنا امام راعي اميركي لا زال يتخبط ويعمل على قاعدة ادارة الصراع وليس حل الصراع ....كما لازالت الحالة الوطنية الداخلية غير جاهزة وقادرة على التوحد حول الموقف السياسي الجامع .

خلاصة القول أن اوسلوا بكل عيوبها وثغراتها فيها الكثير مما يمكن الاستفادة منه والبناء عليه على طريق حريتنا واستقلالنا الوطني.... لكننا قصرنا امام انفسنا ....كما عجز العالم عن مساعدتنا ودعمنا ...في ظل حكومة عنصرية متطرفة وراعي امريكي.

بقلم/ وفيق زنداح