تنحني الاقلام اجلالا واكبارا لشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا ، خمسة ثلاثون عاما مرت دون محاكمة قادة العدو الصهيوني وعملائهم الذين ارتكبوا المجزرة على مرآى ومسمع العالم ، حيث سقط بنتيجتها ثلاثة الاف ومئتان شهيدا من الأطفال والنساء والرجال من ابناء الشعبين الفلسطيني واللبناني.
وامام هذه الذكرى الاليمة في التاريخ ، ما زال العدو الصهيوني يرتكب المزيد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني لتضاف الى سجله الاسود الحافل بالجرائم والانتهاكات، ليس مجازر جنين وقانا وغزه والجرائم اليومية التي ترتكب في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقطاع غزه الا جزء من هذا المسلسل المتواصل الذي يحدث ويتواصل على مرأى ومسمع العالم..
إن مجزرة مثل صبرا وشاتيلا كانت تستحق من المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته وهيئاته ان يقف أمامها موقفا حازما ويحاكم مرتكبيها خاصة وان المجزرة تعتبر وترتقي الى مستوى جريمة حرب وجريمة ضد الانسانية خاصة وانها جريمة ابادة جماعية ارتكبت بتخطيط مباشر من اعلى المستويات السياسية في الكيان الصهيوني، لا بل ان صمت المجتمع الدولي شجع هذا الكيان العنصري على الاستمرار في نهج القتل والارهاب والتدمير، بما يعكس الازدواجية في التعاطي مع قضايا العالم.
وفي ظل هذه الظروف نرى الانحياز الاعمى من قبل الادارة الامريكية والمجتمع الدولي حيث يتم مكافأة العدو بدل ان يحاكمه .
ان مجزرة صبرا وشاتيلا هي واحدة من المجازر التي لا تسقط بالتقادم ولا يمكن ان تزول من ذاكرة شعبنا وكل الشعوب المحبة للسلام. وعليه فاننا نجدد الدعوة الى اعادة فتح ملف مجزرة صبرا وشاتيلا سواء من خلال المحكمة الجنائية الدولية او من خلال مجلس الامن الدولي باعادة الاعتبار لمصداقية القانون الدولي من خلال محاكمة مرتكبي ومدبري هذه المجزرة وعزل كيان العدو على المستوى الدولي من خلال وضعه امام العدالة الدولية باعتباره الراعي الاكبر لعمليات الارهاب في المنطقة بعامة وضد الشعبين اللبناني والفلسطيني بخاصة.
لقد سعى المخططون لهذه المجزرة الى تحقيق جملة من الاهداف، فاضافة الى قتل اكبر عدد ممكن من المدنيين، كان تهجير الشعب الفلسطيني من لبنان احد اهداف هذه المجزرة ومحاولة التخلص من عبء اللاجئين الفلسطينيين باعتبارهم يختصرون معاناة اللجوء، لكن الشعب الفلسطيني افشل هذه المؤامرة واثبت للعالم ان مثل هذه المجازر لن تزيده الا اصرارا على التمسك بحقوقه الوطنية، وكل الجرائم التي تلت العام 1982 جاءت لتخدم ذات الهدف التخلص من قضية اللاجئين باعتبارها جوهر القضية الفلسطينية والغاء حق العودة كمقدمة لتصفية القضية الفلسطينية.
أنّ هذه الجريمة وغيرها من الجرائم المتراكمة في سجل العدو الإسرائيلي لن تنجح في منع "التمسّك الفلسطيني بحق العودة وبالقضية الفلسطينية ، وأن الوفاء لشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا ولجميع شهداء شعبنا يكون بالتمسك بالثوابت الوطنية وتعزيز الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام في اطار خارطة طريق وطنية جديدة
صبرا وشاتيلا، حكاية شعب كل ما اراده هو الحياة وكل ما حصل عليه هو الموت, ولكنه وبالرغم من كل ما مر به ما زال واقفا بعنفوان يتحدى وينتصر، بعدما غابت الحقيقة خلف الأفق كالشمس ولكن بلا عودة ، ولكن اليوم تسجل انتصارات لقوى المقاومة وشعوبها بمواجهة الهجمة الامبريالية
الصهيونية الارهابية التكفيرية ، حيث لا يمكن ان تنحني قامات الشعوب ومقاومتها وهامتها امام الهجمة وستبقى الى جانب فلسطين القضية والشعب والارض لانه لابد للحق أن ينتصر، وشعب فلسطين سينتصر مهما طال الزمن ولا يمكن ان يسقط الحق الفلسطيني في التقادم او انتزاع حق العودة الي فلسطين من أي احد فهذا حق كفله القانون الدولي ، فهو حق مقدس غير قابل للتصرف ختاما: لا بد من ان نحيي المتضامنين الدوليين من وفد " كي لا ننسى" الذي اكد على الاستمرار في الوقوف الى جانب قضية فلسطين في جميع البرلمانات الدولية والمؤسسات الدولية الى ان يعاقب مجرمي هذه المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، ونقول ان مجزرة صبرا وشاتيلا ستبقى في الذاكرة الفلسطينية والعربية والمطلوب اليوم العمل من اجل انهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية ورسم إستراتيجية وطنية في مجابهة الاحتلال الإسرائيلي ، والتمسك بخيار المقاومة بكل أشكالها وأساليبها ، وفق برنامج سياسي مشترك أساسه دحر الاحتلال وتحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
بقلم/ عباس الجمعة