يذكر الفلسطينيون جيدا حكاية الراحل ياسر عرفات مع الفلسطيني الذي يقوم بدور اله لدى احد الطوائف الهندية والذي رفض الذهاب لمقابلة ياسر عرفات باعتبار انه اله ولا يذهب الآلهة للبشر بل العكس وقد رد الراحل عرفات عليه بالقول انه اي عرفات رئيس على 9 مليون اله على شاكلته وسواء صحت الحكاية ام لم تصح فان لها مدلولاتها التي تقول ان لدينا رؤساء وقادة وزعماء ووجوه وشخصيات اعتبارية وشهداء واسرى وجرحى وابطال افراد بكل معنى الكلمة وحتى لدينا من يدعون الالوهية وكل ما ينقصنا هو بطل لكل الشعب بطل حقيقي يشكل الهاما حقيقيا لشعبنا ومسيرته وكفاحه بطل يعيش في ضمائرنا ويصبح نموذجا اعلى لكل الشعب ... بطل يشبه عمر المختار ... بطل يشبه غاندي ... بطل يشبه نيلسون مانديلا ... يشبه مارتن لوثر كينغ ... يشبه هوتشي منه بطل يدوم في عقولنا وارواحنا ويبقى منارة لكل المكافحين والمقاتلين في سبيل الحرية في كل انحاء العالم.
بطل يصل حد القداسة ... بطل يقدم نفسه قربانا لشعبه وقضيته بعد ان وصل الحال بنا الى ما وصل اليه فلم يعد يجدي مع هذا العالم رئيسا بربطة عنق وبزة غربية انيقا مهذبا ... وشعبنا يذوق الامرين من قمع الاحتلال وشبابنا يستشهدون ياسا اكثر منه بطولة واسرانا يفقدون قدرتهم على تحقيق مطالبهم فعلا مع كل عذاباتهم وارضنا تنهب امام اعيننا يوميا والعالم غارق في صمته نائما لافتا عينيه وعقله بعيدا عنا فغزة لا زالت تخنق وتخنق ونحن بحال من الفرقة لم يحدث في تاريخنا.
أيكفي اذن ان نواصل انتظار رئيس امريكي جديد يشغلنا بأفكاره الجديدة حتى يغادر بيتهم الابيض لنعاود الانتظار لرئيس جديد وافكار جديدة لا تغني ولا تسمن من جوع.
الرئيس محمود عباس امد الله في عمره اجتاز العقد الثامن فهل بقي من العمر ما هو اكثر وهل هناك عمرا مخلدا لاحد سوى عمر ما فعله حقا على الارض
منذ امد تمنيت على الرئيس عباس ان لا يعود من نيويورك الا اذا كانت عودته الى القدس العربية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة واقترحت عليه باختصار ان يعلن العصيان من على منبر الامم المتحدة رافضا النزول من هناك الا الى فلسطين المستقلة وان يضع الامر برمته في حضن المجتمع الدولي صاحب قرار التقسيم الذي اقيمت اسرائيل بموجبه ولم يتم تنفيذ الشق الفلسطيني منه وان يكون مطلبه قرار التقسيم دون مواربة والا فانه سيبقى معتصما او مضربا على منصة الامم المتحدة.
القضية الفلسطينية لم تعد تحتمل مماطلة اكثر ولا دبلوماسية اكثر فالعالم كل العالم يدير ظهره لقضيتنا واقصى ما يقدم لنا افكار وافكار امريكية او اوروبية او رباعية لا معنى لها ولا احد يتحدث ابدا الا عن عودة المفاوضات بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو ولا يكترث احد على الاطلاق للشرط الفلسطيني للعودة الى طاولة المفاوضات وهو شرط وحيد وقف الاستيطان والذي ترفضه اسرائيل جملة وتفصيلا.
الشرط الفلسطيني بات خادما لمشروع التهويد فالعالم يسعى للمفاوضات ونحن نرفض واسرائيل تواصل الاستيطان والتهويد فأي فرصة افضل من هذه لإسرائيل بان يقوم العالم بلجمنا وتقوم هي بتهويد بلادنا وسرقتها علنا وبكل صلف وبالتالي فان مواصلة النداءات السنوية من على منبر الامم المتحدة لن تنتهي الا بتصفيق دولي واحتفالات وطنية وشعور سخيف بنصر لا اساس له وبقاء اسرائيل ممعنة في استهتارها مواصلة لسرقة الارض وتهويدها وهو الامر الذي لم يعد حكرا على القدس بل بات يطال الخليل ونابلس وكل ارض فلسطينية.
اسرائيل تواصل النجاح العملي ونحن نواصل الانتصارات المنبرية بلا معنى سوى ارضاء فارغ للذات او تمضية للوقت بلا هدف ولا معنى وهو ما سيدفع بقضيتنا ووجودنا على ارضنا الى الوراء كثيرا خاصة وان حكاية خلافة الرئيس صارت مثار بحث ومتابعة من كافة الاطراف المعادية لشعبنا قبل الصديقة دون ان يظهر ذلك علنا في مؤسسات شعبنا المغيبة وبالتالي فنحن لا نحتاج من الرئيس عباس ان يواصل مهام منصبه بهذه الرتابة المتواصلة وكان الامور على افضل ما يكون.
شعبنا اليوم بحاجة لبطل حقيقي يخرج قضيتنا من غرفة الانعاش ومسيرة كفاحنا من حالة الموت السريري فلا حكاية المصالحة واجتماعاتها المقيتة باتت حلا ولا انتظار المجلس الوطني ولا غياب فصائل العمل المقاوم بكل الوانها فالأمر بات تمضية للوقت او ادارة سيئة لأزمة لا لقضية شعب ووطن.
بحاجة نحن لبطل يمسك بمنصة الامم المتحدة ويعلن بصوت واضح لن اتزحزح من هنا الا الى القدس ويوجه اتهامه علنا الى كل الحضور انتم من سرقتم بلادنا ومنحتموها لأعدائنا وقد كان من المفترض ان تركتم لنا بعضها فاعيدوا لنا ما تركتموه فقط وليعلن عن نفسه رئيسا لدولة فلسطين المحتلة وانه لن يغادر مكانه الى اي مكان اخر سوى الى عاصمة بلاده القدس والتي تقر كل مواثيق وقرارات الامم المتحدة بعروبتها وبانها ارض تحت الاحتلال.
ازمة حقيقية ستكون امام العالم وبطل حقيقي سيكون امام شعبنا وسيجد كل الشعب من حوله وسيعيد لبلادنا وشعبنا وقضيتنا مكاننا الحقيقي على قمة اولويات العالم بيسر وسيجد العالم نفسه امام خيارين لا ثالث لهما اما ان يجبر رئيس لبلد محتل تتعاطف معه كل شعوب العالم على النزول عن المنصة بالقوة او ان تتوقف كل اعماله الا عن البحث بحل لهذه الازمة فلن يستطيع احد الصعود للكلام على منصة يحتلها الرئيس الفلسطيني.
خطوة صغيرة واحدة من رجل واحد تعيد لشعب فقد الامل بكل شيء كامل حيويته وعلى الرئيس ان يدرك ان خطوة كهذه يجب ان لا يتراجع عنها الا بقرار دولي يندرج تحت البند السابع والا فالرئيس امد الله في عمره عاش ما يكفي ليودع الارض بطلا لم يشبهه بطل.
سيدي الرئيس
اخلع ربطة عنقك وتخفف من حذائك الرسمي اللامع وارفع اصبعك المبتور بنارهم في وجه العالم وتمترس على منبر الامم المتحدة فإما ان تعود بطلا فاتحا للقدس واما ان تعود بطلا على اكتافنا ... لتحيا بطلا في ضمائرنا وكفى.
بقلم/ عدنان الصباح