بصراحة ... الحكومة قادمة ... والتحديات قائمة

بقلم: وفيق زنداح

ليس بمقدور الإعلام ... وأصحاب الرأي ... أن يجملوا الواقع ... ويجعلوا من الصورة جمالا نادرا ... واستثناءا قائما ... وعلاجا شافيا ... وكأن الحكومة القادمة سيكون بإمكانها تنفيذ مشاريعها ومخططاتها ... والتي ستوفر لنا حلا جذريا لمعضلاتنا وأزماتنا وإشكاليات واقعنا .

حكومة التوافق القادمة الى المحافظات الجنوبية ستجد بحقيقة الأمر والواقع حالة من الفراغ ... وعدم الانجاز على مدار السنوات العشرة الماضية ... لان اليافطات والمكاتب وما يمكن ان يكون عليه العمل من تسيير أمور ادراية ... وإصدار قرارات ... لا يعتبر بالمعني الحكومي التنفيذي وجودا حكوميا فاعلا ... على اعتبار ان الحكومة تخطط ... تنفذ ... تتابع ... وتراقب ... توفر الأموال اللازمة لتغطية النفقات التشغيلية والإدارية والتطويرية ... وهذا ما لم يكن قائما .

الحكومة قادمة في ظل حالة الفراغ وبكافة المجالات ... وعلى مستوى الخدمات ... إلا أنها الحكومة المسئولة بحكم ما جرى وما تم الاتفاق عليه والملزمة بتوفير المتطلبات ... وإيجاد الحلول ... وحل المعضلات والأزمات ... وتوفير الخدمات .

حكومة قادمة لا نجاملها ... ولا نعمل على استسهال أمورها ... لأنها ستجد مياه ملوثة وغير صالحة للاستخدام الآدمي ... كما ستجد مياه عادمة وطافحة ... وبحر ملوث ... أمراض مزمنة ... خدمات متدنية ستجد الحكومة واقع مرير ... واحتياجات تفوق إمكانياتها ... وطاقتها والمتوفر لها من إمكانيات ... ستجد إرادة محبطة غير مستعدة للعمل والعطاء بسبب ظروف شخصية ذات علاقة بالعمل الوظيفي ومدخولاته واستقطاعاته... ستجد الحكومة مدخولات متدنية وفقر واضح يشمل عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة ... ستجد الحكومة الآلاف من المرضى بأمراض مزمنة والتي تستوجب العلاج بالخارج .

حكومة لا تحسد على موقفها ... وظروف عملها ... وإمكانياتها ... لكنها الصراحة المطلوبة والمسئولة .. والواضحة ... والتي لا تجمل الصورة ... ولا تنافق الحكومة ... ولا تصنع أمال واهية ومخادعة ... فالناس لا تحتمل صدمات جديدة .... بعد إن فقدت الثقة ... وعانت الامرين على مدار السنوات العشرة الماضية .

قطاع غزة .... وأهله ... لا ينتظرون قدوم وزارة ووزراء مع احترامنا لهم وتقديرنا لجهودهم ... وأملنا بعملهم وانجازهم ... لا ننتظر ... إملاء المقاعد بالمسئولين ... ولا ننتظر أن تزداد المواكب والحراسات الشخصية لهذا المسئول أو ذاك ... ننتظر عملا جادا ... وعملا واضحا ... وفعلا ملموسا .

قطاع غزة وأهله ينتظرون الحلول العاجلة للتخفيف من أزماتهم وكوارثهم وويلات واقعهم الذي صعب عليهم حياتهم ... وزاد من آلامهم وتخوفاتهم ... على أبناءهم وأجيالهم وعائلاتهم .

ملفات عديدة ليس لها أول من أخر ... ملفات الموظفين العاملين والعاطلين والخريجين ... ملفات العمال وأصحاب المهن ... ملفات الاقتصاد ورجال الأعمال الذين تساقطوا وأفلسوا واحدا تلو الأخر .... ملفات الفقر والعوز والأسر الفقيرة ... ملفات الخدمات والبلديات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والبنية التحتية المتهالكة ... ملفات تفوق في أعباءها وثقلها حكومة التوافق ... او أي حكومة حتى ولو كانت حكومة وحدة وطنية فصائلية ... لأنه ليس بالشعارات يمكن ان تحل المعضلات ... ويتم إنهاء الأزمات .

هذا الحديث ليس للإحباط وتعزيز اليأس ... لكنها المصارحة والمكاشفة ... والصراحة ... التي نحتاج لها باعتبارها محاولة جادة ومسئولة ليأخذ كلا منا دوره ومسؤولياته ... فمن ترك فهو مسئول ... ومن جلس على المقعد فهو مسئول ... ومن منا في الشارع وداخل بيته فهو مسئول ... لا يستطيع احد منا التهرب وتحميل الأخر المسؤولية ... ولا يقبل باستخدام سياسة الإفشال ... والتصيد وبناء المواقف ... ومحاولة الكسب الفصائلي على حساب أزمات وويلات الناس .

المشاكل والأزمات وعدم إيجاد الحلول السريعة لها سيفتح المجال لبعض المتصيدين لشن هجمات وانتقادات ضد الحكومة ... وكأن القائلين يتحدثون بأنكم انتظرتم حكومة التوافق ... وها هي الآن موجودة ومسئولة ... فأين الحلول سؤال ليس بمحله ... لكنه سؤال سيطرح أمام تحديات متعاظمة ... ومعوقات لا حدود لها ... مما سيوفر المزيد من الإحباط المبرمج والمنظم ... ووضع البدائل ما بين مرحلة وأخرى ... ونحن بالهم سواء .

ليس بهذا الكلام الا موضوعيه واتزان وعدل ... لان الحكومة ستأتي الى واقع مرير... وبنية مدمرة ... وأوضاع مأساوية ... والحلول لها تحتاج الى سنوات وليس الى أيام وأشهر ... قد يحدث بعض التحسن المعيشي .. وبعض فرص العمل ... وزيادة طفيفة بمعدلات الدخل واتساع قاعدة البيانات لمساعدة الأسر الفقيرة ... والعمل على تسهيل التحرك من خلال المعابر ... وزيادة الأموال من الجهات المانحة والمقرضة لتنفيذ المشاريع واستيعاب ألاف العمال وتحريك التجارة الداخلية .. سيكون هناك المزيد من الانفراجات ... لكنها ليست بالانفراج المأمول ... والمطلوب .

قناعتي التي لا أحيد عنها ... ان المخرج الوطني يتمثل بالانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني وان كافة الحلول الجزئية والترقيعية لن تساهم بحل معضلاتنا وأزماتنا ... ووضع حلول فاصلة لكل منا ... ومعرفة كلا منا بقدراته وجماهيريته وإمكانياته .

الرأي العام المنتظر والمترقب لقدوم الحكومة ... وحل معضلات وأزمات الواقع ... لن يجد الكثير مما هو مطلوب ... لكنه سيجد بعضا من التحسن .

ما تم سرده ليس بجديد ... أو مستغرب ... او غير معلوم .... بل العكس تماما ... فالحقيقة أكثر قسوة وضراوة ومرارة ... وفيها من التفاصيل ما يوجع قلوبنا ...ويشتت أفكارنا... ويجعلنا بحالة يأس وإحباط من إمكانية تغيير واقعنا بصورة جذرية وشاملة .

حقيقة مرة ... وصراحة غير معتادة ... لكنها الضرورة ... والمكاشفة والمصارحة والتي نحتاج لها في المنعطفات والأزمات .

ناصية الحقيقة .. والعمل بجد واجتهاد وإرادة جامعه ... للخروج من أزماتنا التي لا تعد ولا تحصى ... فالمصارحة والصراحة مع الرأي العام سيوفر علينا الكثير من ردات الفعل غير المحسوبة ... ومن الآراء غير المسئولة ... والتي ستصل بالناس الى حد الغضب ... ما بعد طول انتظار ... وما بعد آمال تعززت حول الانفراج من أزمتنا الطاحنة مع قرب قدوم الحكومة ... وبداية إنهاء الانقسام ما بعد عشرة سنوات طالت الكثير من مناحي حياتنا ... ودمرت ما دمرت ... وعطلت ما عطلت ... ولا زلنا بانتظار الحلول ... لعلها تأتي ... ونتمنى أن تكون .

بقلم/ وفيق زنداح