اليسار .....والجهاد الإسلامي ....وخارطة المصالحة

بقلم: وفيق زنداح

نحن أمام محطة تاريخية هامة ومفصلية..... نحتاج فيها إلي كافة القوي والأحزاب والفعاليات السياسية .....لاعادة المراجعة والتقييم ...واستخلاص العبر والدروس المستفادة ....من تجربة انقسامية .....كانت قسوتها ومرارتها ....ونتائجها ....قد أضاعت علينا الكثير من مكتسباتنا وانجازاتنا..... ومقومات صمودنا .

انقسام سياسي هدد قضيتنا ....وأضعف من قوتنا ...وقدرتنا على التحرك والاقناع ...وإيصال رسالتنا الي حيث يجب أن تصل .....بكل القوة المطلوبة ....والوضوح البين ... والمواقف التي لا تقبل التأويل او الشك .

من حقنا الاستماع الي من هم شركاء الوطن ....ومن دفعوا من دمائهم ....ومن أكدوا بمواقفهم وعبر تاريخ نضالهم ومسيرة كفاحهم ....والممتدة منذ عقود ....حقنا الاستماع لتوضيح كامل ومواقف واضحة يغلب عليها الصراحة .....وفق الحسابات الوطنية ....والتي لا تقبل الشك ولا التأويل ....ولا تقبل القسمة باستمرار الحديث بلغة العموم والجمع .....من خلال خطاب واضح ومحدد.....حول القضايا المركزية ....والخلافات المفصلية ....والمتطلبات الوطنية ....وكيفية إيجاد الحلول والمخارج لها من خلال النظام السياسي الديمقراطي .....ومن خلال آليات الانتخابات العامة .....التي ستأتي لاحقا لحكومة الوحدة الوطنية التي سوف يتم تشكيلها من الفصائل والقوي السياسية الوطنية والاسلامية .

نحن أمام هذا المرحلة الهامة والحساسة من تاريخ نضالنا الفلسطيني ....وفي ظل واقع اليسار وأزماته .....وخلافاته ....وتعدد منطلقاته ....وعدم القدرة على ايجاد صياغة توافقية موحدة لهذا اليسار ذات التاريخ والمسيرة النضالية الطويلة.... والتي تستحق قاعدة جماهيرية اكبر مما هي عليه ....وحضور سياسي واعلامى بأكثر مما هم جميعا عليه .

اليسار الفلسطيني ذات فكر سياسي ....ديمقراطي ....يتميز عن باقي القوي بقدرات ومهارات خاصة لم تستغل ....ولم يستفاد منها بالقدر المطلوب والمتاح .....لتعزيز قوة الرسالة الوطنية لهذا اليسار ....وجعله احد المرتكزات الأساسية .....بالخارطة السياسية الحزبية ....وحتي بخارطة المصالحة الوطنية .

قوي اليسار..... ليس عددا يضاف الي باقي القوي السياسية الوطنية والإسلامية .....لكنه ركيزة أساسية وطنية وتاريخية وتنظيمية .....تم ظلمها والتقصير بها .....بفعل ظروف ذاتية وموضوعية .....لا تستحقها ....ولا يجب التسليم بها باعتبارها أمرا مفروضا .....أو حكما نافذا ....أو قصورا مستمرا .

قوي اليسار الفلسطيني يجب ان تستنهض حالتها التنظيمية الوطنية والفكرية .....الثقافية والإعلامية..... في ظل مرحلة أحوج ما تكون إليها الي إعادة صياغة خطابها السياسي والإعلامي لتعزيز وجودها ....ومكوناتها الثقافية ومؤثراتها الإعلامية .....لتوضيح حقيقة مواقفها .....وتحديد توجهاتها ....وإبراز صورة أوضح .... لمعادلة مواقفها السياسية والتنظيمية ....ومدي حرصها على مؤسسات الشرعية الوطنية .....وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد بكافة مؤسساته ...المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية وكافة المؤسسات التابعة لمنظمة التحرير .

قوي اليسار الفلسطيني وقد أهدرت الكثير من انجازاتها ....وأضاعت الكثير من مواقفها ....بزحمة خلافاتها ...ومثاليتها العالية ....والتي جعلت منها تعبيرا عن مواقف نظرية ....لا تخضع لحسابات سياسية ....ولا لمعادلات اقليمية ودولية .....وكأنها طحن للماء دون ضجيج او ردود ....الا زيادة حده الخلاف والتباين....وهذا ما أضاع على اليسار الكثير مما كان يجب أن يكون في اطار مكاسبه السياسية والتنظيمية .....وفق الخارطة السياسية الداخلية .

قوي اليسار الفلسطيني يجب أن تكون أكثر استعدادا ...وحرص على الانتخابات القادمة التي يجب أن يشكل فيها اليسار قوة فاعلة ومؤثرة .....ومحسوب حسابها ....وفق معادلة التنافس الداخلي المتعارف عليها .

ان الحديث عن اليسار الفلسطيني من منطلق الحرص والتأكيد ....على أن قوي اليسار قوي مناضلة وفاعلة .....وفيها من الفكر والايدولوجيا ....كما فيها من الكادر القيادي والاعضاء ما يميزهم ويوفر لهم المزيد من الفرص لتحقيق نجاحات متقدمة اذا ما أحسنوا تنظيم أنفسهم ....واجتمعوا على موقف واحد....وتنافسوا بكتلة واحدة ....حتي يحققوا نتيجة مرضية للجميع ...وليست لهذا الفصيل او ذاك .

حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين حركة نضالية مجاهدة ....مؤسسها الدكتور فتحي الشقاقي رحمة الله ...وأمينها العام الدكتور رمضان شلح ...ابن الشجاعية ..وأحد أبناء غزة الأبرار المخلصين لوطنهم ....ولقضية شعبهم ....نتابعهم من خلال الإعلام ...وعلاقتنا بقادة هذه الحركة الوطنية المجاهدة ومنهم الدكتور محمد الهندي .....والأخ خالد البطش والذين كانوا من الضيوف الدائمين لبرامج تلفزيون فلسطين .....والذين كانوا يدلون بتصريحاتهم ....ويحددوا مواقفهم وفق منطلقاتهم وأرائهم بكل حرية .

حركة الجهاد الإسلامي حركة نحترمها ونجلها .....ونقدر تاريخ نضالها ....ومسيرتها الكفاحية المقاومة لكننا نختلف معها ....كما نختلف مع بعض قوي اليسار بمواقفهم السياسية والتنظيمية ....والتي تخرج من وجهة نظرنا عن الإطار العام ...الممكن والمتاح ....بما يعزز وحدة الموقف الوطني ....ازاء كافة القضايا السياسية .

من حق حركة الجهاد الإسلامي أن يكون برنامجها السياسي باتجاه فلسطين التاريخية من البحر الي النهر .....كما من حقها أن ترفض اتفاقية أوسلو ومشروع السلطة الوطنية .....لكن هذا الحق ليس حقا كاملا ....غير منقوصا ومطلقا ....ولا حدود فاصلة له ...على اعتبار أن حركة الجهاد الإسلامي حركة شريكة بهذا الوطن ....قاومت وضحت ....وعملت ولا زالت تعمل بكل طاقاتها وإمكانياتها لأجل الدفاع عن شعبنا وأرضنا ....ومواجهة عدونا .....والعمل على تحرير أرضنا ....مع كافة القوي السياسية الوطنية والاسلامية ....وعبر تاريخ طويل وممتد منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.

مواقف حركة الجهاد الإسلامي .....مواقف وطنية ....وعظيمة ولها جمهورها .....كما لها من يخالفها ويتعارض معها ......ليس إنقاصا من قدر شعاراتها ....ولكن بحكم معادلات داخلية وإقليمية ودولية .....لا تسمح بتنفيذ كافة شعاراتها ....وفق معادلة السياسة الدولية والاقليمية .

خارطة المصالحة الوطنية .....التي ستبدأ غدا بقدوم حكومة التوافق وتسلم مهامها ....وبحضور وزير المخابرات المصرية اللواء خالد فوزي المرحب به بفلسطين والداعم لاتفاقية المصالحة .....وبتوجيهات من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي .

ما نحتاجه من القوي السياسية ......من وعي وطني .....لاستمرار خارطة المصالحة وفقا لاتفاقية 2011 بالقاهرة ....والتي ستجتمع فيها كافة الفصائل الموقعة ....لتحديد أولويات تنفيذها وبكافة تفاصيلها ....وبرعاية مصرية مباركة ....استعدادا وتمهيدا لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفصائلية التي ستعمل على التمهيد لبدء مرحلة الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني .

وهنا من هذا المقام ....وما أعلن سابقا من حركة الجهاد الإسلامي حول عدم رغبتها بالمشاركة بالانتخابات ....ولا حتى بمؤسسات السلطة .....مع قبولها بالمشاركة بمنظمة التحرير ومؤسساتها..... يحتاج إلي المراجعة والتقييم..... حتى تكون حركة الجهاد الإسلامي في إطار النظام السياسي الفلسطيني بكافة مؤسساته .....سواء أكانت السلطة الوطنية أو مؤسسات الدولة أو حتى مؤسسات المنظمة.... فالنضال من داخل المؤسسات وتحديد المواقف والتوجهات يفيد كثيرا ...وذات مدلول كبير وعظيم ....واستخلاص وطني.... استخلصته بعض قوي اليسار التي خرجت من منظمة التحرير بفترات زمنية سابقة ....وجمدت عضويتها ....ووجدت نفسها أمام لحظة الحقيقة ....والصواب ....بأن لا مكان لأي فصيل أو حزب ....أن يكون خارج الإطار.... ومؤسساته الشرعية الجامعة للكل الفلسطيني .

ونحن على أعتاب المصالحة وما يجب على اليسار الفلسطيني أن يكون عليه .....كما حركة الجهاد الإسلامي باعتبارهم شركاء المصالحة ...وليسوا شهود عليها ....وهذا للتاريخ .

بقلم/ وفيق زنداح