الحكومة الفلسطينية تتسلم مهامها في غزة اليوم باشراف مصري

يشكل وصول وفد حكومة التوافق الوطني الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله الى قطاع غزة، اليوم الإثنين، نقطة إنطلاق لقطار المصالحة الوطنية بين حركتي (فتح وحماس) على أمل إنهاء عشر سنوات من الإنقسام، باشراف ورعاية رسمية من جمهورية مصر العربية.
ومن المقرر أن يصل وفد الحكومة الى القطاع عبر معبر بيت حانون/ايرز اليوم في تمام الساعة 12:00 ظهراً، حيث سيكون في استقباله وفد قيادي من الفصائل الوطنية والإسلامية وممثلي منظمات المجتمع المدني والأكاديميين والوجهاء والمخاتير.
وقالت مصادر في القطاع ان حركة حماس وجهت دعوات إلى مئة قيادي في الفصائل الوطنية والإسلامية وممثلي منظمات المجتمع المدني والأكاديميين والوجهاء والمخاتير لاستقبال وفد الحكومة برئاسة رامي الحمدالله، عند الثانية عشرة ظهراً أمام معبر بيت حانون/ ايرز شمال القطاع.
 وقالت إن الحمدالله والوفد المرافق له سيتوجه فوراً إلى أحد فنادق مدينة غزة، ومن ثم إلى مقر مجلس الوزراء في المدينة (منزل الرئيس محمود) عباس سابقا، بصحبة وفد أمني مصري لعقد اجتماع تسليم وتسلم الحكومة الوزرات من دون حضور قيادة حماس.
وكان قد وصل الى القطاع يوم الاحد وفد من جهاز المخابرات العامة المصرية يضم اللواءين همام أبو زيد وسامح كامل عبر معبر بيت حانون/ ايرز للمرة الأولى منذ عشر سنوات، للاشراف على عملية تسليم وتسلم الحكومة عملها في القطاع، فيما عاد السفير المصري لدى إسرائيل حازم خيرت أدراجه إلى تل أبيب ، بعد وصوله إلى الجانب الإسرائيلي من المعبر، بصحبة اللواءين.
وفور وصول اللواءين أبو زيد وكامل من مدينة رام الله إلى القطاع، عقدا اجتماعا مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية وعدد من قيادات الحركة واجتماعا آخر مع وفد من حركة فتح برئاسة عضو اللجنة المركزية للحركة أحمد حلس، في إشارة قوية إلى اهتمام مصر وجدية طرفي الانقسام حركتي (فتح وحماس) ، اللتين واصلتا الحوارات طوال الأيام والساعات القليلة الماضية، لتسهيل مهمة تسليم وتسلم الحكومة.
وأوضحت المصادر في القطاع أن الحمدالله والوفد المرافق له والوفد المصري وقيادات حماس والفصائل سيعقدون لقاء، هو الأول من نوعه، وسيتناولون طعام الغداء بدعوة من عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أحمد حلس، فيما سيعقد لقاء آخر ومأدبة غداء الثلاثاء بدعوة من هنية.
ويأمل الفلسطينيون من خلال زيارة الحكومة الى قطاع غزة، إنهاء عشر سنوات دامية وخلافية بين حركتي (فتح وحماس)، غير ان مسؤولين ومحللين يرون ان الخطوة تتم وسط حقل من الالغام، وان الخروج من إرث تلك السنوات لن يكون سهلا.
وهذه "الالغام" هي التي حالت دون قيام الحكومة الفلسطينية التي تشكلت بعد مصالحة تمت بين الحركتين في نيسان(ابريل) 2014، بتسلم مهامها في قطاع غزة الذي تديره حماس.
في مقال نشر  في صحيفة "الايام" الفلسطينية، كتب رامي المهداوي "المحزن عدم ظهور اي شخص حتى لحظة كتابة هذا المقال يقول لنا على ماذا تم الصلح بشكل مفصل؟ وما هو السبب والاسباب المباشرة وغير المباشرة التي أدت الى تسارع الجميع الان للتمسك بالمصالحة؟ وكيف سيتم تطبيق المصالحة؟ ومن يتحمل ماذا؟ وما هي أولويات العمل؟". وتساءل "ماذا عن أمن غزة وسلاح المقاومة وغير المقاومة؟".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري أن "اللغم الأهم في طريق المصالحة، هو ما إذا كانت هناك شراكة حقيقية ام ان الامور ستقاس من الغالب ومن المغلوب".
فإذا كانت حركة حماس دعت الحكومة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقرا، الى المجيء الى غزة وتسلم إدارة القطاع، فهل هذا يعني انها مستعدة لتسليم كل شيء، بما فيه الامن والمعابر والسلاح؟.
ويلفت هاني المصري الى سيناريو يمكن ان يتمثل بنوع من التعايش، كما يحصل في لبنان، بين القوى الشرعية التابعة للحكومة وحزب الله الذي يمتلك ترسانة سلاح ضخمة، وفي الوقت ذاته "له مشاركة في الحياة السياسية اللبنانية، في البرلمان والحكومة".
غير ان منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبر رأس الشرعية للنظام السياسي الفلسطيني ترفض استنساخ نمط حزب الله في غزة. وقال عضو في اللجنة المركزية لمنظمة التحرير في تصريح بثه وكالة فرانس برس "لن نسمح مطلقا بنظام مشابه لنظام حزب الله في غزة".
ويعتبر ملف المعابر التي تسيطر عليها حركة حماس، من "الالغام" المرتبطة بالسيطرة الامنية التامة على قطاع غزة.
ويقول الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم ان "حماس كانت تستفيد من ادارة هذه المعابر من خلال فرض ضرائب او جمارك على بضائع منتقاة لتمويل مصروفات اخرى داخل القطاع".
ويضيف "في حال تحملت السلطة الفلسطينية المسؤوليات الاقتصادية والمالية لكافة شؤون الحياة في قطاع غزة ومن ضمنها قضايا الموظفين المدنيين والعسكريين، فان حماس لن تكون لديها مشكلة في التخلي عن ادارة هذه المعابر".
ومن العقبات الاخرى التي يوردها مسؤول كبير في الحكومة الفلسطينية "رواتب الموظفين الذين وظفتهم حركة حماس بعد سيطرتها التامة على القطاع".
وحصلت القطيعة بين الطرفين بعد ان فازت حماس في انتخابات 2006 التشريعية، ورفض المجتمع الدولي قبول حكومة حماس وطالب الحركة اولا بنبذ العنف والاعتراف باسرائيل واحترام الاتفاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
وتطور الوضع الى مواجهات مع حركة فتح ثم تفرد حماس بالسيطرة على القطاع اثر مواجهات دامية مع فتح برئاسة الرئيس محمود عباس. ويسأل المهداوي في مقاله  "كيف تستطيع سلطة رام الله  دفع رواتب لاكثر من 60 الف موظف على قيود غزة، وهي اصلا تعاني من ازمة مالية خانقة؟".
في ظل هذه التعقيدات، يخشى المصري ان تكون زيارة الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمد الله "بروتوكولية"، مشيرا الى ان "الالغام" في قطاع غزة بحاجة الى مستويات سياسية اعلى من الحكومة الفلسطينية.
بدا الحمدالله مدركا لاهمية هذه الامور العالقة. وقال خلال ترؤسه اجتماعا وزاريا وامنيا في رام الله امس الاحد ان "الحكومة ستساهم بشكل تدريجي في حل القضايا العالقة التي وقفت في السابق عائقا امام تنفيذ اتفاقات المصالحة بين حركتي فتح وحماس".
وأعلن تشكيل ثلاث لجان، هي: لجنة المعابر، ولجنة الوزارات والموظفين، واللجنة الأمنية.
وقال الحمد الله، بحسب بيان حكومي، "ذاهبون الاثنين الى قطاع غزة بروح إيجابية، وعاقدون العزم على القيام بدورنا في دعم جهود المصالحة، وطي صفحة الانقسام ليعود الوطن موحدا بشعبه ومؤسساته".
ويخلص المسؤول الحكومي الى القول "نعم هناك توقعات ايجابية من انهاء ملف المصالحة، لكن الامور معقدة كثيرا ولا يمكن حلها بزيارة واحدة ودون قرارات عاجلة من الحكومة".
وهو يرى ان "الانتخابات التشريعية والرئيسية (التي تم الاتفاق على تحديد موعد لها) قد تكون هي اللغم الاخير والاخف اذا ما قورنت بباقي الالغام".

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -