انطلقت مسيرة المصالحة معلنة إنهاء الانقسام، بكل ما يحفها من مخاوف وعثرات، ولكن الإيمان بإن إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام ضرورة حتمية لمصلحة الشعب الفلسطيني لا بد منها من أجل تبلور استرانيجية فلسطينية شاملة في ظل الوضع الدولي الذي يستهدف وجودنا كشعب له حق الحياة كباقي شعوب العالم.
لذلك فإن إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة يتطلب منا جميعا الإيمان الحتمي بتحقيق المصالحة وذلك بالسعي لها بكل صدق وإخلاص، إدراكا منا أن إنجاز المصالحة هو مصلحة فلسطينية عامة تنعكس على الكل الفلسطيني، وأن وصول رئيس الحكومة الفلسطينية مع وزراء حكومته وانعقاد أول جلسة للحكومة في مدينة غزة هو الخطوة الأولى في تعزيز المصالحة التي تترافق مع عودة بث تلفزيون فلسطين من غزة.
لندفع جميعا باتجاه إنجاز المصالحة متغلبين على السلبيات التي تظهر على طريق إنجازها، معززين الإيجابيات بكل ما نملك من طاقات، وذلك من أجل تجسيد اتفاق 2011 ليكون داعما لإعادة تفعيل دوائر ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا العربي الفلسطيني.
إن إنجاز المصالحة مسؤولية الجميع، مسؤولية الكل الفلسطيني، وليس مسؤولية حركتي فتح وحماس فقط، لأن الكل الفلسطيني فصائل ومؤسسات وفعاليات وأفراد معني بإنجاز المصالحة، فالوقوف في محطة الانتظار من قبل البعض مراهنا على فشل المصالحة إنما بضع حجر عثرة على طريق إنجازها، وأن الاصطياد في العكر لا يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني، بل علينا واجب العمل على تصفية هذا الماء وإزالة الشوائب منه، فعشر سنوات من الانقسام لا يمكن إنهاؤه بضربة قاضية من الجميع بقدر ما يحتاج من الجميع التعاون لإنهائه.
فالانقسام كرس ثقافة أخذتنا إلى حالة الإخوة الأعداء، هذه الثقافة التي قلبت الأمور رأسا على عقب، فهذه الثقافة كرست انقسام الشعب والأرض في جيل فلسطيني شب في ظل الانقسام، وهذا يتطلب من الجميع جهدا كبيرا في إنهاء ثقافة الانقسام، فلا يمكن في ليلة وضحاها أن تصبح أدوات الانقسام هي أدوات المصالحة دون إنجاز المصالحة فعلا، حيث يتطلب الأمر من الذين عملوا على تكريس الانقسام لإعتذار للشعب الفلسطيني عموما، ولأهلنا في قطاع غزة خاصة، لأن أهل غزة هم الذين عانوا من ويلات الانقسام، هذا الانقسام الذي رافقه الحصار الخانق للقطاع، والذي رافقته حروب ثلاثة شنها العدو الصهيوني على أهلنا هناك، موقعا القتل والتدمير والتخريب في كل القطاع، ولم يتم حتى الآن إعادة بناء ما دمره العدو الصهيوني في قطاع غزة.
كما إن إنهاء ثفافة الانقسام تتطلب من الجميع العمل على إعادة بناء وحدة المجتمع الفلسطيني بتعزيز الثقة بين أفراده، هذا المجتمع الذي كان أبناؤه ضحية هذا الانقسام، فالدم الذي سال في البيوت الفلسطينية لا بد أن يرى مصالحة فلسطينية حقيقية، مصالحة تطهر النفوس من الحقد والكراهية وتنشر ثقافة المحبة والمودة بين أبناء الشعب الواحد،ومؤكدة على ضرورة إحلال السلام والوئام بين الجميع، وهذا يتطلب من الجميع التنازل عن مصالحه الخاصة مهما كانت من أجل المصلحة الوطنية العامة التي ترقى إلى موضع المسؤولية الوطنية، وذلك عملا على إحلال ثقافة وحدة المجتمع من خلال التعاون المشترك بين الكل الفلسطيني.
ونحن أمام ما يحاك ضدنا من مؤامرة صفقة القرن التي تهدف إلى تجزئة الأرض والشعب وإعادة الوضع إلى ما كان عليه إداريا قبل عدوان حزيران 1967، وتصفية حقوق اللاجئين الفلسطينيين، علينا الانخراط جميعا في وحدة العمل الفلسطيني والمسارعة إلى عقد الإطار القيادي الفلسطيني الموسع بحضور كل القوىالفلسطينية تنفيذا لوثيقة الوفاق الوطني، وذلك من أجل وضع مبادىء استراتيجية العمل الفلسطيني في المرحلة القادمة لتكريسها برنامجا سياسيا فلسطينيا بانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الذي يجب أن يحضره الكل الفلسطيني المؤمن ايمانا مطلقا بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا العربي الفلسطيني في كل أماكن تواجده.
إن إعادة اللحمة والوحدة لشعبنا وأرضنا يجعل من المصالحة الفلسطينية ضرورة حتمية لا بد من إنجازها بما يخدم قضيتنا الفلسطينية وتحقيق مشروعنا الوطني الفلسطيني في إنهاء الاحتلال والعودة والاستقلال.
بقلم/ صلاح صبحية