المشهد السياسي الحمساوي ... يؤكد على العديد من الحقائق حول إعادة صياغة الفكر السياسي والتنظيمي للحركة ... وهذا ما يعطي للحركة قوة إضافية نوعيه ... لم تكن بحسابات حماس القديمة ... وفكرها وسياستها المستندة إلي ميثاق تأسيسها ... لكنه المشهد الذي تقدم حتى على وثيقتها الجديدة والتي تم الإعلان عنها مؤخرا .
كلمات الوزير المصري اللواء خالد فوزي رئيس جهاز المخابرات العامة أن التاريخ سيسجل لحركة حماس دورها في تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني ... تصريح له مدلولاته وأهميته ... والتي يجب البناء عليها ... بما يعزز من مكانة حماس ... وتوجهاتها الجديدة ... بقيادتها الحكيمة وعلى رأسها مكتبها السياسي ممثلا برئيسه إسماعيل هنية ومسئول الحركة بقطاع غزة يحيى السنوار ... هذه القيادة التي خرجت عن التقليد العقائدي السياسي ... لتدخل بمضمار الحداثة والفكر المتطور... لحركة سياسية قادرة على مخاطبة الأخر ... وتجاوز عقباتها والتحديات بداخلها ... وما يواجهها من أخطار محتملة ومحدقة بها .
تصريحات الأستاذ إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ... ان الانقسام خلف ظهورنا ... وان قرار الحركة ان تقدم أي ثمن من أجل إنجاح المصالحة الفلسطينية ... وان المصالحة خيار وقرار استراتيجي ... وان حماس ليس لها علاقة مع تنظيم الإخوان ودولة قطر ... وأنها ليس لها أي امتداد تنظيمي خارج حدود فلسطين ... وانها حركة تحرر وطني فلسطيني ... وتعمل من داخل فلسطين ... من اجل الشعب الفلسطيني .
كلام واضح وصريح ومباشر ... ويتحلى بالمسؤولية الوطنية والتاريخية ... كلام لا يقبل التأويل او التشكيك ... بل يمكن للمحللين البناء عليه وتطويره ... كلام يؤكد على حقيقة الانفتاح للفكر السياسي الوطني الفلسطيني الحمساوي ... ومدى استخلاصاته ... مما جعله اكثر قدرة ومرونة على الحديث والتحرك ... الاقناع والقبول ... بعد سنوات من عمر هذه الحركة التي خسرتها الكثير... دون ان يكون لها ادنى مبررات يمكن الاستناد عليها ... والتي طالما تم التحذير منها ومن مخاطرها ... الا انه الزمن ومتغيراته ومتطلباته ... التي تستوجب فكرا وقرارا وحضورا مختلفا ... ومتناغما مع الحالة الداخلية ... الاقليمية والدولية .
حركة حماس ... حركة كبيرة لها العشرات من المفكرين والمنظرين لها .. حركة لها استخلاصاتها وتجربتها والتي تتلخص من عمق تجاربها ... وما يؤكد انها حركة متطورة لها استخلاصاتها والتي يمكن اختزالها بالتالي
أولا لا يمكن ان تكون هناك حركة سياسية فلسطينية وذات قرار وطني مستقل ومنافس حقيقي بالقيادة والحكم له مرجعياته الخارجية سواء كان على صعيد تنظيمات او دول .
ثانيا عدم امكانية التفرد او الانعزال او الانقسام عن منظومة العمل الوطني الفلسطيني ومؤسساته ومرجعياته السياسية والمعترف بها فلسطينيا واقليميا ودوليا .
ثالثا التأكد بحكم التجربة أن الشعارات والمبادئ والاهداف يجب ان تكون في الاطار الوطني الفلسطيني ... وبما يخدم المشروع التحرري .. وبما يلبي طموحات شعبنا بتحقيق حريته واستقلاله ... وامكانية التنفيذ وفق المقومات المتوفرة والعوامل الداخلية والخارجية .
رابعا خيار الوحدة الوطنية خيار استيراتيجي لا بديل عنه ... ولا يمكن ان تتوفر ظروف النجاح والتقدم على صعيد القضية وحرية شعبنا الا من خلال هذه الوحدة الاستيراتيجية ... بعيدا عن كافة اشكال العزلة والانقسام ... والخروج عن الاطر والمؤسسات الشرعيه والقوانين المنظمة لها .
خامسا حركة حماس وقد اصابها خسارة كبيرة منذ العام 2007 ... وان استعادة قوتها ومكانتها .. وحيوية دورها وشرعيتها ... تتجدد مع بداية المصالحة الوطنية والتي سوف تزيد من قوة ومقدرة حماس وتأثيرها واستعادتها لشعبيتها التي فقدت منذ بداية سنوات الانقسام الاسود وحتى الان .
سادسا المفكريين والمنظريين السياسيين لحركة حماس وقد استفادوا من تجربة ماضية ... بما يعزز لديهم قدرات جديدة على صياغة المواقف وتحديد المفردات وتجديد الشعارات ... بما يخدم مواقف الحركة ويزيد من قوتها ... وهذا ما يحتاج الى اعادة صياغة خطابها السياسي الاعلامي ... الثقافي والديني برؤية وطنية متطورة ومؤثرة ويمكن الاستماع لها والتأثر بها .
سابعا حركة حماس حركة وطنية فلسطينية تحررية لها فكرها الاسلامي الوطني ... والتي لا يجيز لها امتلاك الحقيقة الدينية ... ولا حتى امتلاك الحقيقة السياسية ... لكنها حركة مشاركة في صياغة الفكر الوطني العام بكل مكوناته ومرتكزاته .
ثامنا قوة حماس وحيويتها ومركزية دورها في الاطار الوطني الداخلي ووفق الخارطة السياسية الفلسطينية ... بكل اجتهاداتها وتبايناتها التي تعزز من قوتها ... ولا تضعفها ... ومن داخل مؤسساتها الشرعية ووفق انظمتها القانونية والدستورية .
تاسعا حركة حماس يجب ان تسمع لنفسها ... كما الاستماع للمحبيين لها ... وحتى الناصحين ... والحريصين عليها ... وان لا تخرج عن اطار الاستماع ... وتغرد الى حيث من سبقهم التاريخ ... واخرجهم الواقع دون ان يتعلموا الدرس واستخلاصاته ... وهنا والامثلة عديدة لدول وحركات واحزاب سياسية اقليمية ودولية .
عاشرا حماس وقد عادت سالمة قوية ... وتزداد بقوتها وحضورها السياسي الوطني والقومي ... من خلال علاقتها بالشقيقة مصر التي تحرص على وحدتنا ... حرصها على كافة فصائلنا ... بما يخدم ويحقق طموحاتنا السياسية ... ومن ضمنها طموحات حركة حماس المشروعة والديمقراطية ... والذي يصلب من وجودها ويجعلها قوة على الخارطة السياسية الداخلية ... وما يجنبها الاخطار والمنزلقات والمخاطر التي اوقعت العديد من الحركات السياسية ذات المنطلقات الدينية .
ستبقى حركة حماس حركة وطنية سيسجلها التاريخ ... بشجاعة قراراتها ... وبتغليب مصالح الوطن على المصالح الضيقة ... بعد خروجها سالمة قوية من تجربة طويلة ومريرة ... كان فيها الكثير من الاخطاء... كما كان فيها الكثير من الانجازات ... الا ان الصورة للقطة التاريخية ... والحدث الابرز ... والمحفور بالذاكرة ... أن حماس جزء اصيل من الوطنية الفلسطينية قد عادت ... واستعادت بفكرها ... وبقيادتها والمؤيدين لها ... خيار وحدة وطنهم ... كأولوية وطنية ... وليس استمرار شعار وحدة امتهم وما كانوا يستمعون له من طييب الكلام ... وقلة الافعال ... وهذا ما اكدته الايام .
شكرا لحماس على اداء واجبها ... واتخاذ موقفها الوطني التاريخي ... والذي اعاد لها قوتها ... واعادها الينا ...وجدد وفائها الحقيقي لقياداتها التاريخية وعلى رأسهم الشيخ الجليل أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وصلاح شحاده ... وغيرهم من الشهداء الابرار ... اليوم تجدد حماس الوفاء للشهيد الرمز ياسر عرفات والشهيد الدكتور فتحي الشقاقي والشهيد ابو علي مصطفى ... وغيرهم من القادة الشهداء .. كما تجدد الوفاء للحركة الاسيرة ولكافة الجرحى واهلنا بمخيمات الشتات واللجوء ... جميعهم شهداء واحياء ... ينظرون الينا ... والي شعبهم الموحد بأماله وتطلعاته واهدافه ... التي تتجدد مع كل موقف واجماع وطني ... ومصالحة وطنية حقيقية .
بقلم/ وفيق زنداح