حكومة بلا حكومة بعد الزيارة الصفرية لغزة وهمسة في أذن القيادة الفلسطينية

بقلم: أحمد الأسطل

قبيل أيام معدودات عقدت جامعة القدس المفتوحة بالتعاون مع دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية مؤتمرا يخص قضية اللاجئين، وفي الحقيقة تكمن أهمية المؤتمر وقيمته في قضيته، وقد وسم بعنوان اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات الواقع والتحديات وقد شاركت فيه بورقة بحثية بعنوان دور وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين في المخيمات الفلسطينية.

وهنا ينبغي أن أنوه إلى خروجي عن النص البحثي بعد استئذان القائمون على المؤتمر، وذلك بتوجيه رسالة للأخوة بمنظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس الأب والرمز بحكم السن والقيمة والمكانة والدور، ودعوتهم للرجوع لمبادرة الفئات المهمشة لإنهاء الانقسام الفلسطيني السياسي والجغرافي والديموغرافي لما فيها من تفاصيل مهمة قد تثري إنهاء حالة الانقسام، وألمحت إليهم بضرورة دمج الشباب في مؤسسات صنع القرار دونما تهميش لطاقاتهم وقدراتهم وانسجاما مع نظرية تدافع الأجيال، وعدم تعميق الفجوة الفكرية بين كافة الأجيال ما يعطي قدرة على البناء والتقويم والاستمرارية في بنية الدولة المستقبلية الفاعلة.

إذن لقد جاء حل اللجنة الإدارية بعد سلسلة من المناكفات السياسية والاجراءات القهرية التي طالت المواطن الغزي نفسه، وقد كانت مناسبته في الوقت الذي كان يجهز الرئيس فيه حقائبه بالذهاب للأمم المتحدة، والقاء خطابه التاريخي للمطالبة بحق تقرير المصير لفلسطين، وبالتالي جاءت خطوة حركة حماس داعمة ومساندة، ولا نقلل من قوتها.

وأخيرا جاءت حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، وكان التصور المبدئي للشعب الفلسطيني في غزة بناء على المعطيات التي سبقت قدومها أو حتى تلك التي سبقت خطوة حركة حماس بقبول مطالب الرئيس الثلاثة حل اللجنة الإدارية، وتمكين حكومة الوفاق الوطني، والانتخابات العامة حيث كان الحديث العام بأنه بمجرد حل حماس اللجنة الإدارية سينهي الرئيس إجراءاته، وكنا قد رجونا ذلك بمجرد استلام حكومة التوافق سيتم انهاء الإجراءات الأخيرة على غزة، وبالتالي أخذ خطوات مهمة لطمأنة الناس باتجاه المصالحة، ولكن ما حدث هو عكس المتوقع أو المأمول

حقيقة جاءت الحكومة وتم استقبالها بما يليق بها على كافة المستويات، ولكن بعد قدومها تقلص الحلم الغزي، وتمدد سقف المطالب بمعنى بدلا من جعلها بمجرد وصولها واستلام أعمال الحكومة في غزة برعاية المصريين ترفع الاجراءات الأخيرة أصبح الأمر متروك للقاءات القاهرة المقبلة، وقد تأتي اللقاءات تلو اللقاءات، وفي هذا تخوف كبير من انتكاس حالة التفاؤل، والتداعيات الخطيرة جراء ذلك.

وبعد قدوم حكومة التوافق يخرج علينا الرئيس محمود عباس من منابر إعلامية ويتحدث بلغات مختلفة ضمنية وصريحة وكان مجملها يدور حول معالجة ملف سلاح المقاومة، وأنا معه ولكن شريطة ربط معالجته بنجاح مشروعه السلمي في ارساء السلام، وإلا ما جدوى جهوده هذه وما الفائدة المرجوة منها.

ومن هنا اتفق مع سياسات الرئيس الفلسطيني في الغالب واختلف معه في بعض الأحيان، ومن مواطن الاختلاف ماهية المقاومة وفقا لمنظور الأمم المتحدة عن ماهيتها من منظوره الخاص، ولكن يبدو أن في السياسة أهداف وشؤون قد تكون غائبة عنا.

على أية حال خطونا جميعا خطوة مهمة جدا باتجاه إنهاء الانقسام، وأقصد طرفي الانقسام، والفئات المهمشة في المجتمع والأكثر تلهفا لحدوث حلحلة قوية باتجاه اغلاق هذا الملف إلى الأبد ما يفتح أمامها آفاق الأمل المفقود والحلم المهدد.

وفي هذه الخطوة المهمة والجريئة رسالة مهمة للشعب الفلسطيني نفسه بالأمن والسلم المجتمعين، وفي الحين نفسه حالة الخطر التي تداهم قضيتنا الفلسطينية العادلة، ومدى حالة الإدراك، والحس الوطني لدى الفرقاء.

ويبدو لنا أن هنالك غموض يكتنف الصمت الأمريكي والإسرائيلي من هذه الخطوة، ولربما وجود المخابرات المصرية في رام الله قبيل قدوم وفد الحكومة الفلسطينية، له دلالات مهمة سواء على صعيد التنسيق بشأن المصالحة بين طرفي الانقسام، أو الخشية من منع دولة الاحتلال الوفد الفلسطيني فتعد انتكاسة كبيرة للجهود المصرية.

وبغض النظر عن حالة الغموض هذه، ومن المعطيات السابقة نود ارسال مجموعة من الرسائل ونتمنى أن تصل لمبتغاها

الرسالة الأولى الأخ الرئيس محمود عباس أبو مازن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دولة فلسطين.

نتمنى من سيادتكم ضرورة عدم إماعة هذه الفرصة تحت عامل قتل الوقت، وإدخال الناس لاسيما الموظفين في ظل حالة الانقسام من التيه، وبالتالي ضياع هذه الفرصة هو ضياع للمشروع الوطني ذاته، ولربما تعميق حالة الانقسام إلى انفصال كلي.

الرسالة الثانية الأخوة في حركة حماس وعلى رأسها السيد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي والسيد يحيى السنوار رئيس حركة حماس في غزة.

لا ترجعوا عن مبادرتكم هذه مهما تكلف الأمر وتعقدت التفاصيل ومهما ازدادت حجم المناورة وتعددت طرق الضغط، وبالنسبة لسلاح المقاومة ينبغي من تنظيمه في هذه المرحلة الدقيقة، والقضاء على أي مظاهر مسلحة لما يساهم ذلك في حالة الأمن والسلم المجتمعين كما أسلفنا، ومنح المشروع السلمي فرصته كاملة لكيلا يبقى مبرر لأحد بحقيقة وأهداف دولة الاحتلال الإسرائيلي.

الرسالة الثالثة للقيادة المصرية الراعية لعملية المصالحة وعلى رأسها رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي.

مصر عمق العروبة وصمام أمانها، وسلمها نحو المجد ورايتها نحو النجاة، ولذا كان المتوقع من الرعاية المصرية التي رعت عملية الاستلام والتسليم لحكومة التوافق الدفع باتجاه حسن النوايا من كلا الطرفين، والتخفيف من حدة الاجراءات التي أخذت سمة العقاب الجماعي، وبحكم أنكم الضمانة التي ارتضاها الطرفين.

الرسالة الرابعة ضرورة تفعيل دور الفصائل الفلسطينية والعلماء وكافة شرائح المجتمع المؤثرة في دفع الفرقاء بقوة نحو مربع المصالحة.

الرسالة الخامسة للأخوة في فتح وحماس لابد أن يكون هنالك للفئات المهمشة دور واضح في انهاء الانقسام لاسيما شريحة الشباب، ومن الضروري في الوقت نفسه أهمية الرجوع لمبادرة الفئات المهمشة كخارطة طريق يمكن الاستفادة منها أو البناء عليها.

بقلم/ أحمد الأسطل.