اجعلوا من القادم ... أمنيات تتحقق

بقلم: وفيق زنداح

ما بعد قدوم حكومة التوافق وتسلم مهامها ومسئولياتها من خلال وزرائها .....وعقد جلسة للحكومة لتأكيد الحضور والاستلام ....وتنفيذ المسئولية دون فتح الملفات والقضايا العاجلة التي كان ينتظرها أهل القطاع ....المتشوقين لتلبية طلباتهم الملحة ...وحل أزماتهم المستعصية .....وبداية صفحة جديدة للمصالحة .....وتعزيز الوحدة بين شطري الوطن ....بكافة وزاراته ومؤسساته .
الأيام الماضية ....كانت جديدة بكل مظاهرها ومضامينها ....وحتى تصريحاتها والزائرين للقطاع من أشقاء أعزاء وعلى رأسهم اللواء خالد فوزي رئيس المخابرات العامة المصرية والوفد المرافق له ....مما أشعرنا .....وأكد لنا ...وثبت من قناعاتنا..... أن مصر ستبقي الراعية والداعمة ....والضامنة للمصالحة الفلسطينية .
الأيام القادمة سيكون اللقاء ما بين وفدي حركتي فتح وحماس لاتمام بنود المصالحة من خلال وضع اليات التنفيذ وفق اتفاق القاهرة بالعام 2011بملفاته الخمسة المعروفة .
ما تم حتى الان لم يكن المطلوب منه فقط حل اللجنة الإدارية .....والموافقة على تسليم حكومة التوافق لمسئولياتها ومهامها .....والقبول با جراء الانتخابات العامة .....وكأن المطلوب من حركة حماس قد تم تنفيذه .....ولم يعد هناك من مطالب أخري ...والتزامات وطنية ....لتحقيق مصالحة حقيقية ....وأن الأمور قد وصلت الي نهايتها ..... ومبتغاها ....وأن الوحدة قد تحققت .... والانقسام قد انتهي .....وأن الجميع قد حقق المراد ...والمطلوب ...والمنتظر منذ عشرة سنوات من الانقسام الأسود ....وكوارثه وأزماته وويلاته..... التي لا تعد ولا تحصي .
كما لم يكن مطلوبا من حركة فتح أن تذهب للقاء حماس ....والتأكد من موافقتها على حل اللجنة الادارية .....وتسليم حكومة التوافق.... والموافقة على إجراء الانتخابات .
ما تم حتى الان بداية طيبة كنا بانتظارها ....ودفعة قوية تحتاج للمزيد من الدفعات .....وانفتاح مقبول .....على طريق انفتاح أكبر لملفات لا زالت تحتاج الي ارادة سياسية ....والي قرار وطني ....والي مسئولية عالية ....لا تقبل بالإطالة .....ومحاولة الجدل ....واطلاق التصريحات .....التي لا تفيد بحالة الوئام ....وتعزيز الوحدة .....وإنهاء وايجاد الحلول للملفات المراد البحث فيها لأجل وضع آليات تنفيذها ....وليس المناقشة حولها .
أي أننا أمام مرحلة التنفيذ .....ووضع الآليات .....وتمكين الحكومة من مهامها ومسئولياتها الكاملة ....حتى نتمكن جميعا من مواجهة تحديات المرحلة.... وحتى يتم التمهيد ما بعد تعزيز الاتفاق واليات التنفيذ ....بلقاء جديد ....لكافة القوي السياسية الموقعة على اتفاقية القاهرة .
أمامنا مصاعب وتحديات ....لكننا بالإرادة ....والوحدة والثقة المتبادلة ....والنوايا الحسنة ....نستطيع تجاوز كافة العقبات والتحديات والتي تزداد في كل مرحلة نتقدم بها .....على اعتبار أن المطلوب من حركة حماس ...وحركة فتح يتعدي ما هو معلن ....ويتم تداوله عبر الاعلام ومن خلال التصريحات ....ولا نعرف الي أي مدي تم الوصول الي محطة التوافق والاتفاق ما بين الحركتين بملفات منظمة التحرير وبرنامجها السياسي الملزم ....والانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني ...والمشاركه والمنافسة على كافة المؤسسات والمواقع القيادية على اعتبار وقاعدة السلطة الواحدة ....والقانون الواحد .....والسلاح الواحد ...وأن الجميع تحت طائلة القانون .
كما المطلوب من حركة فتح اعتماد مبدأ الشراكة السياسية .....وعدم الاستمرار بما هو قائم .....حتي يشعر الآخرين من باقي القوي والفصائل بوجودهم ....ومشاركتهم ....في صناعة القرار .....في اطار خارطة سياسية داخلية .....ونظام سياسي فلسطيني ....يعزز من الديمقراطية والمشاركة .....والية اتخاذ القرار الوطني .
حماس وفتح المطلوب منهم أكبر بكثير من غيرهم ....باعتبارهم الأكبر وهم الحركتين الأكثر خلافا ...وانقساما على مدار العشر سنوات الماضية ....وما يتطلبه من الحركتين من استمرار التعاطي بجدية ....والتزام لدفع قطار المصالحة للأمام ...ولا مجال للحركتين بالخروج عن سكة القطار والمحطة المراد الوصول اليها .
مهما اجتهد المتحاورين ....ومهما طال حديثهم ....وتعددت لقاءاتهم ....ومهما كان الزمن المفتوح والمتاح ليحقق كل طرف ما يريد ....فاستحقاقات المصالحة ومتطلباتها واتمامها بصورة كاملة لا تعطي المجال ....والوقت في ظل حالة الضغط والأعباء المتزايدة .....والتي تزداد مع طول الزمن .
لا مجال لحركتي فتح وحماس بالخروج عن اطار الوحدة ...والطريق المرسوم .....كما لا مجال لهم للتهرب من مجمل التحديات والمتطلبات الداخلية والخارجية ......والتي تفوق ما يمكن الحديث عنه وما يتم تداوله .
حكومة الوحدة الوطنية كاحد الخيارات المطروحة لاعطاء قوة دفع جديدة .....وارادة أقوي للمشاركة الفصائلية في متابعة الأزمات والمعضلات وإيجاد الحلول لها .....وما يمكن أن نتعرض له من مطبات ومنزلقات .....حول البرنامج السياسي والمطلوب من هذه الحكومة ....وما يمكن أن يتعارض مع برنامج حماس والذي سوف يدخلنا بإشكالية جديدة حول التشكيل والبرنامج والأهداف المراد تحقيقها ....وهذا ما نعتقد أننا بغني عنه..... في ظل عدم وجود الفرق الشاسع ما بين حكومة التوافق وحكومة الوحدة .....الا بجانب واحد له علاقة بجملة التصريحات الإعلامية .....والمطالبات اليومية على اعتبار أن الفصائل التي ستشكل هذه الحكومة سيكونوا خير مدافعين عنها ....ولن يطالها جملة الانتقادات التي صاحبت حكومة التوافق منذ تأسيسها وحتى اجتماعها قبل أيام ..
القضايا والأزمات والمطالبات العديدة .....معروفة للجميع ...وإيجاد الحلول لها يحتاج الي المزيد من الوقت ....والي توفر المال ....والإدارة والارادة والمناخ السياسي والأمني ....فهل هذا متوفر ومتاح .
مشكلة الموظفين القدامى والجدد تحتاج الي مال ودعم مستمر ومنظم .....فهل هذا متوفر ومتاح
مشكلة العاطلين عن العمل وهم بعشرات الآلاف وحقهم الوظيفي كغيرهم ....بحاجة الي المزيد من الأموال حتي تتوفر البنود المالية ....أو حتى المكافئات لهذا الكم الكبير من المطالبين بالعمل فهل هذا المال متوفر ومتاح
البنية التحتية المدمرة والمياه الملوثة .....والبحر الملوث وتدني الخدمات ....وضياع الكثير من الحقوق يحتاج الي أموال وخطط وارادة سياسية فهل هذا متوفر ومتاح
كل شي بحياتنا بعد هذه السنوات وبكافة التفاصيل ....تحتاج الي الكثير من الأموال والخطط والادارة السليمة ....والإرادة السياسية الجامعة ....كما يتطلب كل ذلك أن يتحمل الجميع مساحة الزمن ....وأن لا نكون بعجلة من أمرنا .....وتصريحاتنا وتخوفاتنا وململت كل واحد منا .....وكأن الحلول في الجيوب .....وداخل الأدراج ....وداخل الغرف المغلقة ....والخزائن الحديدية .
مشاكلنا وأزماتنا وكوارثنا ....تفوق الكثير مما يتحدث عنه المتحدثون .....وكأن التحديات بمتناول الأيدي ....وبالإمكان تجاوزها ....وإيجاد الحلول لها ....وهذا مخالف للحقيقة والواقع .
هذا الكلام لا يعني بالمطلق استحالة الحلول ....وعدم احتمالية حدوثها .....ولا يعطي المجال للحكومة أوغيرها من التأخير والمماطلة ....ولا يعطي الفصائل والقوي المزيد من المجال لاستمرار المناكفة والمزايدة وتصيد الأخطاء .
القاهرة ....الراعية والضامنة والداعمة ....لاتمام المصالحة وتنفيذها على أرض الواقع .....عليها الكثير من الجهود المطلوبة والعمل المستمر .....والضغط الدائم بما تمتلك من ادوات التأثير الاخوى باعتبارها الشقيق الأكبر ....ومن أصحاب المصلحة العليا في اتمام المصالحة ....وتعزيز وحدة الشعب الفلسطيني وفصائله .
الا أن مسئولية القاهرة ودورها التاريخي .....لا يعفي مسئولية الفصائل والقوي الفلسطينية ....والمطلوب منها ....وانهاء ثقافة الخلاف ....وتعزيز ثقافة الوحدة .
فرصة تاريخية ....قد لا تتكرر ولسنوات طويلة .....اذا لم نتحلي بروح المسئولية الوطنية والتاريخية .....والبناء على جهد الأشقاء المصريين ....والاستفادة من قوة دفعهم ورعايتهم ودعمهم ....حتي نزيد من قوة دفعنا ....وحتي لا نعطي المجال للمعوقين ....والمتصيدين والمشككين .
نحن امام قضية وطن ....وشعب يعاني من آلامه وويلاته .....وانقسام لا زال ينخر بلحمنا وعظمنا ....ومتطلبات حياة لا زلنا نفتقدها ...وأزمات أجيال.... لا زالت تعصف بكافة تفاصيل حياتنا ....وخدمات أدني من أن تلبي احتياجاتنا الانسانية .
هناك الكثير ما يدفع للنجاح .....وتحقيق المصالحة الكاملة ....ووضع اليات التنفيذ وأن لا نعود للمحاورة والجدل والنقاش ...وحتي يعرف الجميع منا ....أننا أمام سيناريو وحيد..... يدعونا جميعا للوحدة وليس لغيرها ....اذا ما كنا نريد أن نحافظ على ما تبقي من هذا الوطن المسلوب ....ومن هذا الشعب المحروم .....وحتى لا نسمح بالتراجع .....في ظل الهاوية التي تهددنا .... والذي لا يوجد بعدها قيام .
الكاتب وفيق زنداح