يلتقي اليوم في القاهرة وفدا حركتي فتح وحماس لوضع خارطة طريق المصالحة الفلسطينية استنادا إلى اتفاق المصالحة عام 2011 وما لحقه من تفاهمات، هذه المصالحة التي دخل الكل الفلسطيني من بابها الواسع ليجعلها حقيقة واقعة، وإن باب المصالحة الذي تم فتحه بالغاء اللجنة الإدارية واجتماع الحكومة الفلسطينية في غزة، هو باب للولوج في المصالحة التي فيها مصلحة الجميع، هذه المصالحة التي لا يوجد لها باب للخروج منها، وإذا حاول البعض خرق جدار المصالحة لأي سبب كان فيجب الأخذ على يديه، فلا مجال اليوم لغرق المركب الفلسطيني في بحر الانقسام الذي خرجنا منه إلى بر المصالحة التي تشد الكل الفلسطيني إليها، وذلك من أجل مواجهة فلسطينية حقيقية لصفقة القرن المشبوهة التي تريد شطبنا من الخارطة الجغرافية والسياسية .
واجتماع القاهرة اليوم بين حركتي فتح وحماس هو التمهيد لاجتماع الكل الفلسطيني من أجل وضع استراتيجية فلسطينية شاملة تحدد معالم المرحلة القادمة، فلذلك أكد الأخ أبو مازن في اجتماع المجلس الثوري الذي أنهى دورة اجتماعاته يوم السابع من هذا الشهر، بأن خيارنا الاستراتيجي هو اتمام الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأننا سنبذل كل ما بوسعنا لتحقيقها، وإن حركة فتح ملتزمة باستعادة الوحدة السياسية والجغرافية لإعادة الزخم والحيوية لمشروعنا الوطني الفلسطيني لإن الانقسام يعني بوضوح استحالة إقامة دولتنا المستقلة، وفقط بالوحدة نستطيع تحقيق أهداف شعبنا بإنهاء الاحتلال وتجسيد الاستقلال الوطني وإن فتح ستذهب للقاءات القاهرة بأقصى درجات الايجابية .
كما أكد المجلس الثوري لحركة فتح في بيانه الختامي كعلى أن الوحدة الوطنية هي برنامج مبدئي ثابت لحركة فتح التي عملت وما زالت تعمل على إنجازه لتمكين شعبنا من تحقيق استقلاله وسيادته على أرضه، وإن حركة فتح مصممة للذهاب إلى لقاءات القاهرة من أجل الوصول إلى سلطة واحدة بقانون واحد، ضمن برنامج سياسي يلبي حق شعبنا من خلال أطر وقرارات والتزامات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.
هذا التوجه من قبل حركة فتح والذي نثق بتوجه حركة حماس بما يماثله إن لم يكن يوافقه، يتطلب من حركتي فتح وحماس خاصة ومن كافة الفصائل والقوى الفلسطينية عموما أن تحصر تصريحاتها بناطق رسمي واحد يعبر تعبيرا جديا وصادقا ومسؤولا عن الموقف الرسمي عن الجهة التي يتحدث باسمها، فثمة تصريحات تخرج من أشخاص هم في مواقع المسؤولية الأولى في فصائلهم تسيء وتلوث الجو الفلسطيني العام للمصالحة، فالكعكة الفلسطينية لن تجزأ ليحصل كل فصيل على حصته، فالمصالحة تعني الكل الفلسطيني الذي يجب أن يدفع نحو إنجازها لا أن ينتظر حصته منها.
يأتي إنهاء الانقسام والدخول إلى المصالحة في ظل الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، هذا الوعد الذي أكد على منح اليهود وطنا قوميا لهم في فلسطين، حيث يسعى الصهاينة اليوم أن تكون كل فلسطين وطنا قوميا لهم، مما يستدعي منا وحدة وطنية حقيقية وسط كل الظروف التي نعيشها وتحيط بنا من كل جانب، هذه الظروف التي يجب النظر إليها ببصرنا وبصيرتنا لواقعنا الفلسطيني والعربي، لأن المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني لم يكتمل بعد ، حيث مازالت إدارته ماضية في إنجازه من خلال عملية الاستيطان المتزايد يوميا على أرضنا الفلسطينية.
لذلك فإن إنجاز المصالحة الفلسطينية، ووضع استراتيجية فلسطينية للمرحلة القادمة، يمثل مواجهة حقيقية للاحتلال الصهيوني، هذا الاحتلال الذي يظن أن المصالحة ستحقق له أمنه من خلال وحدة السلطة ووحدة القرار ووحدة السلاح، وهذا ما يجب أن لانحققه للاحتلال من خلال تأكيدنا بأن المشروع الوطني الفلسطيني هو مشروع مقاومة من إجل إنجاز الحرية والاستقلال والعودة، فما زلنا نعيش مرحلة التحرر الوطني التي تعني مقاومة الاحتلال بكل أدوات ووسائل المقاومة التي نملكها والتي نستخدمها بما هو متاح وممكن دون أن ينعكس ذلك سلبا على مشروعنا الوطني.
فلا عودة عن المصالحة التي أصبحنا في داخلها، لأنه لا يوجد باب للخروج منها مهما كانت الأسباب، لأن المصالحة الوطنية الفلسطينية أهم من كل المصالح الفصائلية.
20171010. صلاح صبحية