حماس ... والحسابات الانتخابية

بقلم: وفيق زنداح

قادم الايام وما سوف يتم من اعداد وتجهيز.... وتهيئة لاجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني وحتى البلديات ... وسواء اتفقنا ام اختلفنا.... فان حركة حماس بأعتبارها حركة فلسطينية وطنية تحررية.... لها قاعدتها الجماهيرية.... كما لها مسيرتها التاريخية منذ تأسيسها على يد الشهيد الشيخ احمد ياسين مع بداية الانتفاضة الفلسطينية بنهاية العام 87 ... وما سبق هذا التاريخ من تأسيس المجمع الاسلامي الذي شكل بأغلبيته معظم المؤسسين والقادة التابعين لحركة حماس .
اتفقنا ام اختلفنا فان حماس ... بجذورها العقائدية ... ومنطلقاتها الوطنية.... لها ارتباطاتها الخارجية مع التنظيم الدولي للإخوان..... ومع بعض الدول التي لا يروق لنا تكرار اسمها والتقرب منها نتاج سياساتها ومواقفها مع امتنا العربية.... وبعض أقطارها ذات المكانة العالية ونخص مصر الشقيقة وسوريا وليبيا ... وحتى العراق والتدخل التركي بشماله كما التدخل التركي والتوغل داخل الأراضي السورية..... كما الدعم القطري للإرهاب في سيناء وليبيا .
هذه العلاقة التي خسرت حركة حماس ... بأكثر مما حققت من أرباح ... والتي لم توفر للحركة علاقات طبيعية مع العديد من الأقطار العربية وخاصة السعودية ودول الخليج وغيرها من الدول ذات الثقل السياسي بالمنطقة العربية والاقليمية .
ما حدث على حركة حماس من متغيرات قيادية وتوجهات جديدة .... وبداية تغييب تدريجي لعلاقات قديمه مع بعض الدول ومع التنظيم الدولي ... بفعل متغيرات داخلية فلسطينية واقليمية ودولية .....وما يجري البحث حوله حول امكانية تحقيق صفقة القرن وبداية تسوية فعليه ... وعدم القبول بابقاء حماس خارج اللعبة السياسية وضرورة شراكتها بالنظام السياسي للدولة المستقبلية .
متغيرات حادثة وبقوة تعطي الحركة مساحة اكبر للتحرك ... والتفاعل والانخراط والمشاركة بمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني كما المشاركة بمؤسسات السلطة الوطنية وخوض الانتخابات الثانية لهذه السلطة بالنسبة لحماس
حركة حماس فازت بأغلبية برلمانية في الانتخابات الثانية في العام 2006 ... الا ان هذا الفوز المتوقع من البعض..... لم يكن في حسابات البعض الاخر ... فوز جاء في ظل ظروف سياسية داخلية وإقليمية ودولية.... تختلف عما هي عليه الان ....وبالتالي لا يمكن الاستناد ... وبناء الحسابات الانتخابية على ذات القاعدة والمناخ والظروف .
من هنا حركة حماس ومن خلال كافة المتابعين والمحللين والكتاب ... لا يمكنهم كتابة رؤيتهم وتوقعاتهم وتحليلاتهم على أرضية الانتخابات السابقة ... بكل ظروفها ووقائعها ومعطياتها الداخلية والخارجية..... وفي ظل تجربة حكم منفرد اتخذته حماس من خلال انقسامها وتحملت مسؤولية القطاع وأهله دون مقدرة وإمكانيات تمتلكها.... يمكن الحديث عنها او الاستناد عليها ... مما ولد فشل الحكم ... وعدم الانجاز.... وما ترتب على اوضاع 2 مليون فلسطيني من ويلات وكوارث وازمات ... بفعل اخطاء سياسية ... وتجاوزات قانونية وادارية ... ارتكبتها حماس بفعل حكمها وسيطرتها ... وعلى عكس شعاراتها التي كانت ترفع باعتبارها الحركة الربانية المعروفة بنزاهتها وشفافيتها وعدالتها ... والتي لا يمكن تكرارها والحديث عنها ... في ظل تجربة ماضية قاربت على العشر سنوات .
حركة حماس ما بعد تجربة فوزها الانتخابي وما جرى بانقسامها ... وما جرى عبر السنوات العشر السابقة ... خسرها بأكثر مما توقعت بحساباتها الداخلية.... بل خسرت بأكثر مما توقع المحللين والمتابعين للشأن الداخلي .
الا ان هذه الخسارة التي أوصلت حماس الى واقع مختلف ... والى فكر سياسي مغاير ... والى علاقات عربية أكثر وضوحا ورسوخا.... والى مواقف سياسية اكثر اتزانا ... لا يعتبر بالمعني السياسي والتنظيمي تعبير عن حالة تراجع ... بقدر ما يعبر عن اعادة ترتيب الأوراق وانتظام الأولويات التي سوف تعمل على انقاذ حماس من نفسها اولا ... ومن المخاطر المحدقة بها ثانيا .. ومعالجة امورها وتصويب مسارها ...كما كافة الحركات واحتياجها للوقفات.... واحداث التقييمات والاستخلاصات وبناء العلاقات الوطنية على أسس جديدة ...كما بناء العلاقات العربية وخاصة مصر الشقيقة ...على أرض الوضوح والتعاون ...واحترام السيادة .
الا ان الانقاذ ... والمعالجة ... وتصويب المسار ... بعد اخطاء التجربة .. التي وصلت الى حد الخطايا في بعض المراحل والمنعطفات .. يجعل من حسابات حماس ... ومنطلقاتها ... وتوجهاتها .... ضرورة إستراتيجية جديدة لها محدداتها وعناوينها ... حول المشاركة بالمؤسسات الشرعيه ... والشراكة بالنظام السياسي وقرار السلم والحرب ... كما حساب الانتخابات القادمة التي سوف تخوضها حركة حماس على قاعدة المستجدات ...وليس الماضي ... على قاعدة الاستخلاصات ....وليس ما هو ثابت بعقلية البعض ممن تم تعبئتهم بصورة مغايرة لما نحن عليه ... وما نحن قادمين له ... حتى نتمكن من إحداث التغيرات ... وتحقيق التوازنات ... ودخول حماس بعمليه انتخابيه عامة ما بعد عشر سنوات من الانقسام وتجربة حكم تحسب عليها ... وليس لها .
صحيح ان تجربة حماس بالحكومة التي شكلتها .... وحتى بحكمها وسيطرتها على القطاع ... كانت بظروف انقسامية استثنائية ... غير عاديه.... كما كانت في اطار حصار خانق ... وصلاحيات مقلصة ... وإمكانيات متواضعة .. ونفوذ لم يصل الى حد امتلاك قرار خارج الحدود الجغرافية للقطاع.... مما زاد من ضعف حماس الجماهيري ... بل وافقدها الكثير من مقومات قوتها ومكانتها والمتوقع منها ....لكن حسابات هذه الحالة ترجع لحماس بأكثر من غيرها .
حركة حماس وما يعبر عنه بعض قادتها من خلال ما يكتبون .... وما يحدثون من توقعات وتقييمات .....يعطي اشارات ايجابية وواضحة وبارزة ان الحركة بقيادتها الجديدة ... وبتجربتها المتراكمة ... واستخلاصاتها الخاصة والعامة.... قد وجدت طريقها وعنوان تقدمها والية مشاركتها وشراكتها ....حتى تؤدي دورها ومسؤولياتها ... وحتى تعيد صورتها والآمال المعقودة عليها .
الا أن هذا ليس بالأمر السهل والممكن في ظل فترة زمنية قصيرة ... بل ان الأخطاء التي ارتكبت على مدار عقد من الزمن ربما يحتاح الى عقدين على الاقل ... وان الظروف والمعطيات الداخلية والاقليمية والدولية من تحدد طبيعة التحديات الرئيسة التي يمكن ان تقرب المسافة لحركة حماس او تبعدها الى حيث امكانية الرجوع الطبيعي....في ظل معادلة دولية يبدو انها لها قبول بمشاركة حماس..... وإحداث المصالحه معها ....وتقديمها كأحد الحركات السياسية ذات البعد الديني الإسلامي الوطني .
كما ان قدرة حماس على التعاطي الدائم بايجابية وقبول بعيدا عن الحسابات الخارجية القديمه وعملا بحسابات داخلية وطنية ... تجد حماس نفسها أكثر قبولا وتجاوزا لمشاكلها ... وازمات علاقاتها الوطنية والاقليمية ... واختصار المسافات وعوامل الزمن ... وتجاوز الاخطاء التي ارتكبت عبر العقد الماضي .
الانتخابات الرئاسية والتشريعيه والمجلس الوطني في ظل المعطيات والوقائع وما افرزتها التجربة منذ الانتخابات الثانية بالعام 2006 لا يوفر الكثير من فرص النجاح المضمون لحركة حماس ... فاحتمالات الربح.... كما احتمالات الخسارة ....وهذا ليس متوقف على حركة حماس بقدر ما سوف تكون عليه الحسابات الانتخابية للحركة المنافسة والاقوى حركة فتح كما المنافسة لقوى اليسار والمستقلين ... على اعتبار ان الخارطة الانتخابية ونتائجها لن تكون محسومة بحساباتها ... ولن تكون معلومة لدى المحللين والكتاب بصورة واضحة .
الفوز بالانتخابات لن يكون في اطار التمنيات... لكنه تعبير عن جهد متواصل ... وحسابات مستمرة ودقيقه ... ومواقف متوازنة لمسيرة عطاء دائم ... وتجربة لها استخلاصاتها وفعلها الملموس ....والتي يقدرها جمهور الناخبين بأكثر من رأي الكتاب والمحللين .
الرأي العام وما أفرزته التجربة وفق التقديرات والحسابات ... التي ربما تختلف عن تقديرات وحسابات هذا الفصيل او ذاك ... لاعتبارات تنظيمية ومعنوية خاصة بهذا الفصيل الذي لا يريد ان يرى بأعين فاحصة ما له وما عليه ....وهذا حال الغالبية العظمي من فصائلنا التي تسمع من نفسها ....وتسجل الأرقام بقدر حساباتها ... وتعلن عن الانجازات بقدر حلمها وأمالها وتمنياتها .
القوى السياسية الفلسطينية ربما لا تقرأ ....ولا تأخذ بالحسابات الاعلامية ....باعتبارها حسابات قائمه على الرأي الشخصي والتحليل السياسي.... باستخدام مفردات وبلاغة لغوية لا علاقة لها بالواقع ومجرياته ... وهي تعبير عن نظرة أحادية ... وحالة من القصور ربما المقصود بفعل منطلقات عقائدية ومواقف سياسية ... وربما بفعل عدم المقدرة على قراءة الواقع وحيثياته ... وقدرات هذا التنظيم وجماهيريته .
أيا كانت النتائج الانتخابية القادمة.... ستكون إضافة جديدة على طريق الديمقراطية وتعزيزها ... وضرورة الخوض فيها بكل ثقة وقدرة واقتدار ... وبكل حكمة وموضوعيه واتزان .... خطوة شجاعة وقوية ... نحاول ان نبعث بها برسالة وطنية ديمقراطية قويه .. اننا بصدد تعزيز نظامنا السياسي ... بكافة مؤسساته ... وان المجتمع الفلسطيني برغم كل ما يعاني منه مجتمع قادر على ان يصنع لنفسه حاضرا ومستقبلا ديمقراطيا ... وقادرا على مواجهة تحدياته ومجمل أزماته .
نحرص على حركة حماس ان تكون شريكا فاعلا ومتميزا ....وليس فصيلا منفردا ومنعزلا ... حرصنا على حماس.... كما الحرص على الجهاد الإسلامي وما يميزه من خطاب متوازن وحرص وحدوي وطهارة سلاحه ... واعلامه الهادف ....نختلف مع الجهاد الاسلامي ... كما نختلف مع حماس بمواقفهم السياسية ... لكننا لا نختلف عليهم بوطنيتهم وتضحياتهم ... وحرصهم على وطنهم وشعبهم ....كما باقي الفصائل والقوى السياسية.... التي يجب ان تأخذ طريقها لتوحيد نفسها.... استعدادا لانتخابات قادمة يستحقون فيها الحصول على نصيبهم وحصادهم الذي يستحقونه ....حتى نعزز من نظامنا السياسي الديمقراطي .... وحتى نوفر متطلباته ومقومات المجتمع الديمقراطي.... القادر على المطالبة بحقوقه وأداء واجباته .
الكاتب : وفيق زنداح