سألني أحد الأصدقاء: هل تفكر حركة حماس بتأسيس حزب سياسي؟
قلت: حتى اللحظة لا.. نعم؛ هناك همس يجري على ألسنة بعض نخب الحركة ومفكريها، ولكني لم أسمع عن تداول الفكرة بعد على المستوى القيادي بشكل واسع.. لقد طرحت تصوراً لفكرة الحزب عام 2006، ولكن كان هناك رفض وتحفظات ومخاوف من التعاطي مع هذا الطرح، ولقد أعدت الحديث في الموضوع أكثر من مرة، ونشرت أكثر من مقال في الصحافة، ولكن الموقف لم يتغير!! من يدري، ربما الآن نضجت الظروف، وتلقى الفكرة - بعد المصالحة - ترحيباً أكبر.
بصراحة؛ أنا على المستوى الشخصي أدعو لذلك، وأرى أن في ذلك مصلحة وطنية وحركية، ولكن مثل هذا القرار يحتاج اتخاذه إلى مجالس الحركة الشورية والمكتب السياسي، وهذه تخضع لتقديرات الموقف والظروف المحيطة والتحديات داخل الوطن وخارجه.
تجرأ صديقي أكثر وقال: إذا فكر أحد الإسلاميين في تأسيس حزب سياسي، فمن ترشح لرئاسته؟
قلت وبدون تردد أو تفكير: د. غازي حمد..
قال: لماذا د. غازي حمد؟
قلت: لأن د. غازي (أبو عمر) هو من أكثر الوجوه المعروفة والمحبوبة بين الإسلاميين في قطاع غزة، وربما على مستوى الوطن، كما أن فكره السياسي يتمتع بالواقعية والقبول لدى الكل الوطني، وليس هناك أيضاً ما يجرح في أخلاقياته وطهارة مواقفه الوطنية.. إضافة لقدراته على مخاطبة العالم - كل العالم - وحتى المجتمع الإسرائيلي؛ فالرجل يتحدث ثلاث لغات من بينها الانجليزية والعبرية بطلاقة وفهم، وقد حافظ على علاقات متوازنة مع الجميع، وكان عنصر جامع بين الفرقاء السياسيين، ويسعى بالخير وحل الخلافات بين فتح وحماس بلغة تجمع ولا تفرق. والأكثر من ذلك فقد حافظ الرجل على مكانته المتميزة بين إخوانه، حيث لم يشكك أحد في إخلاصه وصدقية انتمائه، وطيبة مقاصده ونواياه.
قال بحماس شديد: يعني إذا قام الأخ غازي (أبو عمر) بتأسيس هذا الحزب السياسي، فهل ستقف إلى جانبه وتدعم توجهه؟
قلت: سأكون ضمن من يقدمون له الرأي والمشورة، ولن أخذله، وسأكون بمثابة الناصح الأمين.
قال: ألا تخشى أن يُفهم ذلك بأنه انشقاق داخل حركة حماس؟
قلت: أولاً؛ د. غازي ابن بار لهذه الحركة ولا يفكر بما ذهبت إليه، وإن مثل هذه القضية إذا تمت فلن تكون إلا بالتوافق مع الحركة أو بقرار فيه تكليف مباشر له..
في اعتقادي، أن الظروف الآن قد غدت مواتيه لعنوان وطني جديد، يحظى بتأييد القوى الإسلامية والوطنية للاصطفاف خلفه، وحشد الشارع لمنحه الثقة والتأييد.
قال: هل في داخل حماس من يرتاح لمثل هذا الطرح، ويمكن أن يكون قاطرة له؟
قلت: نعم؛ إن هناك الكثير من نخب الحركة وكوادرها التنظيمية التي تمعن النظر في مثل هذه الأفكار والطروحات، وقد علمتها تجربة العشر سنوات الماضية ما يشجعها على القبول بمثل هذه الاجتهادات السياسية.
في الحقيقة، إن القضية - اليوم - ليست هي مسألة تأسيس حزب سياسي بخلفية إسلامية وطنية حاضنة للجميع، ولكن متى؟ وهذه التجربة مع الحزب الإسلامي، خاضها الإسلاميون في الأردن واليمن والكويت والجزائر وتونس والمغرب والبحرين والسودان، وكذلك في ماليزيا وتركيا وإندونيسيا، وقد حالف بعضها النجاح كما في تركيا وماليزيا والمغرب، فيما تعثرت التجربة في بلدان أخرى.
قال: هل من كلمة أخيرة؟
قلت: نعم؛ هذه المقابلة وهذه التساؤلات سوف تعيد طرح الفكرة للنقاش من جديد داخل أطر الحركة، وربما خلال سنة أو سنتين ستأخذ طريقها للتنفيذ، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير.
احمد يوسف