في حواري مع بعض المشاركين معي في بعض وسائل التواصل الاجتماعي كــ"الفيسبوك والواتساب"، حاولت استشراف رؤيتهم حول عنوان المقال، وبدأت بطرح سؤالا محددا واعتبرته "تفاعليا"، وهو "ما هي القيم الوطنية التي يمكن بها إنجاح المصالحة الفلسطينية "، وحين بدأت الحوار الذي شارك فيه أشخاص من بيئات وأعمار وثقافات مختلفة، تبادلنا وجهات النظر عن القيم الوطنية بإعتبارها جزء أساس من الهوية الوطنية التي عبثت بها سنوات الانقسام وتداعياته، والقيم التي وجدتهم ينشدونها تمثلت في الحرية والعدالة والمساواة وحق المواطنة والتنمية والبناء، وهي تصلح لعناوين كبيرة ولا يمكن لأي مشروع وطني أن يعبر دون أن تشكله تلك القيم، ولذا يمكنني القول أن الهوية الوطنية للمصالحة تكمن في هذه القيم والمرتكزات الأربعة والأساسية .
الأولويات وثقافة الأولويات وكيف نبدأ، شكلت محاور نقاشية عميقة، وملخص نتاج النقاش "أن حياتنا تحتاج الى اعادة ترتيب وفق تلك الثقافة"، ولاحظت بالفعل أن هناك أولويات يصنفها كل شخص وفق ما يراه، فهناك حاجات تعتبر للبعض أولويات، وهناك مطالب تعتبر أولويات، وبالتالي كل هذه الأولويات يمكن تلمسها عن قرب لمجتمع يعيش أجواء وبرنامج المصالحة كهدف وطني جامع، وأحد المشاركين كتب يقول " الإعلام الوطني قادر على إشراك المواطن في الترتيب بين أولوياته الفرديه و أولويات المجتمع و الدوله".
مشارك تفاعل ووضع تصوراته وملخص حواري معه " القيم الوطنية هى تمثيل لأهم جانب من ذاتية المواطن فى المبادئ والتفكير والضوابط والسلوك والاخلاق للفرد والجميع، وطنيتنا فى اثبات مواقف ايجابيه اتجاه المجتمع والتأكيد على الأمانة المشتركة فى الحفاظ على الوطن، وبالوحدة والعدل والحوار والعمل والنظام يتحقق كل شى نتمناه، ما سوى ذلك لن يتحقق شئ ."
وحول الوعي الجمعي الوطني المطلوب، اخترت فقرة من حوار تقول " يتوجب الايمان والوعي بالاسباب التي أدت الى الانقسام وإصلاح ما يمكن اصلاحه ولو تدريجيا، ومع اهمية المصالحة المجتمعية، وترسيخ الخطاب الوطني والإنساني (الهوية الوطنية) وتعزيز قيم التسامح وقبول الآخر."
وفي مجموعات الواتسأب وعند طرح نفس السؤال التفاعلي كان هناك إجابات موزونة تتحدث عن أهمية عقد مؤتمر او ورشة عمل وطنية للاعلام بحيث يتم الخروج بميثاق إعلامي يستند الى القيم الوطنية، ليحكم التصرفات الادبية للإعلام، بحيث لا يسمح لوسيلة ببث الكراهية والتهميش عن طريق قنوات او صفحات التواصل الاجتماعي غير المسؤولة، أو انحراف مواقع لأهداف خاصة بها وتهدف لارباك المواطن واصابته بالاحباط والانتكاسة، أو تقود الى خلط الاوراق ونسج اخبار توتيرية لا اصل لها، ولكنها ترتبط مباشرة بكل من لا يريدون خيرا لشعبنا ولقضيتنا ومصيرنا.
وفي مجموعات الواتس وجدت انسجاما حول أهمية قيام المؤسسات الدينية والاعلامية والتربوية للتعريف بالمعايير الوطنية في ظلال المصالحة، ومنها الحريات والتعبير عن الرأي و احترام الرأي والرأي الآخر ونبذ خطاب الكراهية والعنف الاجتماعي والسياسي، خدمة لتطويربرنامج عمل وطني مشترك، يمكننا به نواجه الاحتلال ونقف سدا منيعا أمام كل محاولاته لاستمرار الانقسام وتمزيق النسيج الوطني الفلسطيني وتشويه القيم والهوية الفلسطينية.
بقلم/ د.مازن صافي