استعرضت اليوم الاربعاء، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" بمشاركة وحضور ممثلين عن الفصائل والقوى السياسية في قطاع غزة خلال لقاء خاص رؤيتها حول (آليات التحول نحو المصالحة الفلسطينية)، ومناقشة سبل تعزيز المصالحة وفق النهج القائم على حقوق الإنسان، وبما يحقق ضمانات الإصلاح المؤسسي والوصول للعدالة.
وأكد عصام يونس نائب مفوض عام الهيئة على ضرورة الخروج من مأزق الانقسام وما خلفه من اشكاليات أودت بالقضية الفلسطينية إلى حالة غير مسبوقة من الضعف والتشرذم، وخلفت تغولاً للاحتلال على حقوق أبناء شعبنا وأرضه ومقدراته، داعياً جميع أطراف الصراع إلى التمسك بالمصالحة والسير قدماً لإنجاحها. لافتاً إلى أن الهيئة المستقلة تساهم انطلاقاً من مسؤوليتها نحو المصالحة بإعداد ورقة خاصة تتناول آليات التحول نحو المصالحة من منظور قانوني. داعياً إلى ضرورة إيجاد منظومة رقابة خاصة بالمصالحة من أجل ضمان سيرها بالاتجاه الصحيح المتوافق مع المدخل الحقيقي لقواعد العدالة.
وشدد المحامي جميل سرحان نائب مدير عام الهيئة لقطاع غزة على أن إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام، لا يمكن أن يكتمل دون معالجة الجانب الحقوقي، وإيجاد حلول مناسبة لكافة الملفات التي ترتبت على حالة الانقسام. واستعرض رؤية الهيئة بهذا الخصوص، وبعض التصورات لمعالجة هذه الملفات، التي تهدف إلى ضمان طي صفحة الماضي، وتعزيز الحريات وحقوق الإنسان وسيادة القانون، لعدم خلق الفرصة لتكرار حالة الانقسام.
وأشار سرحان إلى أبرز ما تتضمنه هذه الرؤية، وفي مقدمتها إنشاء هيئة مستقلة تسمى "هيئة الإنصاف والمصالحة" وتؤدي هذه الهيئة دورها كلجنة الحقيقة وفق مفاهيم ورؤية العدالة الانتقالية عبر العالم، ودعوة أطراف الحوار الفلسطيني إلى تطبيق نهج قائم على حقوق الإنسان، والالتزام بما ينص عليه القانون الفلسطيني عند اتخاذ القرارات والسياسات والتدابير، كما تطالب بتطبيق أجندة السياسات الوطنية 2017- 2022 على قطاع غز بالتوازي مع الضفة الغربية. موضحاً أن الهيئة المستقلة ستعمل خلال ذلك على تسهيل توافق وحوار مكثف بين الأطراف بشأن الإصلاحات الواجب اتباعها من حيث طبيعتها وسرعتها، وتعمل على تقديم النصح والإرشاد والمشورة.
وأجمع المشاركون في اللقاء على أن المصالحة تحظى باحترام وإجماع الكل الوطني، وأنها ضرورة لا تحتمل الفشل، مؤكدين على تعزيز الإرادة السياسية الحقيقية، وبحث ملفات المصالحة وفق الشراكة الوطنية، بعيداً عن الاقصاء، مطالبين الحكومة الفلسطينية اتخاذ إجراءات إسعافية، والمسارعة لإلغاء الإجراءات العقابية المفروضة على قطاع غزة، مع ضرورة التفريق بين خطوات تمكين الحكومة والمسائل الحياتية العالقة للمواطنين.
وأضافوا أنه لابد من الاستفادة من التجارب السابقة في حل الصراعات الداخلية المستندة للقانون، والبحث في آليات المصالحة وفق السياق القانوني، على الرغم من تخوفات عدم نجاحه في حال عدم التوافق. مطالبين في هذه المرحلة بتغليب سيادة القانون على المصالح الحزبية. ودعوا إلى ضرورة إشراك منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني في حوارات القاهرة.
وأثنى الحضور على مبادرة الهيئة بهذا الخصوص، واعتبروا أنها مبادرة واعدة فريدة من نوعها، ترتكز في معالجتها على اتفاقيات دولية وقانونية، وتحمل أفكار جدية للسير نحو المصالحة، مؤكدين دعمهم لما جاء فيها، وآملين أن تحقق هدفها وتدعم المصالحة انطلاقاً من المعايير السياسية والأخلاقية والقانونية.
وتعمل الهيئة على تنظيم اجتماعات متلاحقة، خلال الأيام القادمة مع قيادات كل فصيل، وممثلو مؤسسات المجتمع المدني، وأكاديميين، ومحللين سياسيين، وإعلاميين، لوضعهم في صورة هذه الرؤية الحقوقية وشرح تفاصيلها، لتعزيز قناعاتهم من خلال أسس مبنية على القانون والنهج الحقوقي.