الشباب العربي .... أين ... والى أين ؟!

بقلم: وفيق زنداح

الأجيال الشابة العربية تتسم بصفات ومواصفات فيها الكثير مما يمكن ان نفخر به ... وان نعتز بوجوده ... وان نعزز من هذه الروح ... لفكر متجدد ... وإبداعات شبابية ... لها منا كل الفخر والاعتزاز .. كما علينا وعلى غيرنا الكثير مما يجب عمله ... وتوفيره ... وزيادة مقوماته ... حتى يتمكن شبابنا العربي من تجاوز مصاعبهم الحياتية ... وتحدياتهم المستقبلية ... من خلال إرادة قوية ... وفكر مستنير ...وإيمان عميق بحتمية الانتصار على الجهل والفقر والتبعية ... كما ضرورة انتصار الذات الإنسانية لمواجهة واجتثاث كافة عوامل واسباب اليأس والاحباط التي تحاول الالتفاف على طموح شبابنا ... ووضع العراقيل امامهم ... مما يولد لدى البعض القليل حالة من الانحراف السلوكي ... الفكري والثقافي كما يولد حالة من الانعزال والعزلة المجتمعيه .
مصاعب وتحديات ومعوقات ... تحمل عناوين ومضامين عديدة ... ولاسباب متعدده ... ومنطلقات مختلفة ... جميعها يصب بمحاولة صناعة واقع لا يلبي الطموح ... ولا يساعد على الانتاج والفعل الايجابي ... واقع بوفر عوامل السلب دون الايجاب ... عوامل التراجع دون التقدم .
وحتى نكون اكثر صراحة ووضوح وحتى لا نخجل من انفسنا كأمة عربية .. ونغطي على عيوب اجيالنا الشابة في اطار عيوب واخطاء مجتمعيه لها علاقة بالسياسات العامة والتخطيط ... كما لها علاقة مباشرة بالتعليم والصحة ... والتنمية المجتمعيه والمتابعه الحكومية .. الاعلامية والثقافية والدينية ... وحتى قصور في اداء مؤسسات المجتمع المدني غير الحكومي .
قصور مجتمعي حكومي وغير حكومي ... اتاح فرصة ومساحة التوغل ... والتدخل ... واخذ زمام المبادرة للتجهيل والتأطير ... واخذ بعض الشباب الى حيث مربعات الجهل الاكبر ... والكفر الاعظم ... والارهاب الاخطر .
فمن المسؤول عن حالة بعض الشباب العربي الذي اصابه الخلل ... ووصل الى حالة الانحراف ... والتهاوي بمستنقع الارهاب التكفيري ؟!
المجتمعات العربية وما تعيشه من تحديات اقتصاديه ..اجتماعيه ..ثقافيه انسانية ... وعدم قدرتها الكاملة على ترتيب اولوياتها ... وتخطيط مواردها ... واستنهاض طاقاتها ... في ظل بعض الموروثات والتجارب التي اتسمت باتكالية عالية ... واعتماد على الاخر ... في ظل حالة من الفراغ الفكري ... والغياب الواضح لحالة الطموح ... والتخطيط الشخصي ... في ظل حالة التراجع التعليمي والبحثي ... وغياب مراكز الابحاث والدراسات وقياسات الرأي العام ... واحداث التحليلات لكل متغير سياسي اجتماعي واقتصادي ...وفي واقع ضعف اعلامي فيه بريق الصورة ... ونقاء الصوت ... في ظل غياب المضمون الواجب والمتابع لحيثيات الواقع ومجرياته ... وتحليله ... ومعرفة حقيقة اسبابه ... ومخاطر نتائجه .
حالة من الفراغ الفكري النسبي في ظل حالة الضعف العام وبمستويات متعددة ومختلفة ... اتاحت فرصة للتوغل والتدخل والتداخل... بتفاصيل حياة مجتمعاتنا من خلال اساليب فيها من الدهاء والخسة ... بأكثر ما فيها من القيم والمبادئ والتدين .
اساليب ظلامية ..تعزز الغضب والانعزال .. والشر بداخل الانسان ولا تعزز الانتماء والتجذر بالارض والمجتمع والوطن الذي نعيش فيه ... اساليب خسيسة لها ما وراءها من قدرة التلاعب بعقول بعض الشباب العربي لحرف مسارهم ... وانحراف فكرهم ... وتغييب ايمانهم بوطنهم ومجتمعهم ... والى درجة العداء للوطن وللمجتمع .
نجحت قوى الشر والظلام بالايقاع بقلة قليلة من الشباب التائهين ... المتخبطين ... الغارقين بأحلامهم واوهامهم ... وغير القادرين على تلبية احتياجاتهم ... ورؤية طريق مستقبلهم العابثين والرافضين ... وغير الفاعلين لتطوير ذاتهم ... واحداث تقدمهم ... واثبات ذاتهم ... لمواجهة كل ما يواجههم ... ويقف امامهم ومن حولهم من تحديات معيشية آنية ومن طموحات مستقبلية ... في ظل ضعف المتابعه ... وغياب الحلول العملية للكثير من المشاكل والازمات التي يمكن ان توفر علينا الكثير ... لانقاذ ما يمكن انقاذه من بعض شبابنا ... الذي غرر بهم ... والذين وقعوا فريسة الارهابيين وتكفيرهم .
حالة غضب ذاتي وجدت من يعمل على تغذيتها عند القلة القليلة من بعض شبابنا العربي ... الذي وجد نفسه بالصحراء وأمامه شخص يدعي الاسلام والتدين وفهم الدين على صحيحه والسيرة على صحتها ... ليقول له ما يحلو له ... ويوعده بالجنة وحور العين ... وان سرعته على قتل اكبر اعداد ممكنة ... ممن يسمونهم بالفاسقين ومن يلتفون حول النظام ومن يعملون على خير اوطانهم وعروبتهم وقوميتهم ... بضرورة قتلهم ... لان في قتلهم تكفير عن الذنوب ... وتسهيل للذهاب الى الجنة وحور العين من وجهة نظر هذا المنظر .المخادع والكاذب والمنافق .. الذي يدعي التدين ... والذي يدعي الانسانية ... والذي يدعي الرحمة والخوف على الشباب المسلم ... ليثبت بما لا يدع مجالا للشك انه من المرتزقة ... من القابضين للمال ... ومن ناكحي الجهاد المدعيين المنافقين ... والذين يحاولون ترسيخ غيبيات من خلال تضليل وأكاذيب ... وتلفيق لروايات وأوهام ... يحاولون من خلالها :-
أولا : إجهاض روح الانتماء للأرض والمجتمع الذي يعيش فيه هذا الإنسان
ثانيا : محاولة إقناع البعض القليل أن من تعيشون معهم ليسوا بأهل إيمان وإسلام وإنما هم الكفار الجدد والفاسقين والمنافقين ومصيرهم بأسفل السافليين .
ثالثا : إن المجتمعات والأنظمة السياسية هي مجتمعات وأنظمة كفر لشياطين هذا الزمن ... وانه لا مجال لنا إلا الخلافة والإمارة التي ستصل بنا الي الجنة .
رابعا : ما يسمونه تقدم وتطور داخل مجتمعاتهم الفاسقة يجب ان يحارب بكافة الأوقات ومن جذوره وعدم السماح بالوقوع في شرك مثل هذه الحياة التي لا علاقة لها بالآخرة والجنة .
ما سبق من نقاط هي في إطار التحليل للكاتب ... لما يمكن ان يقال لبعض الشباب الذي يغرر بهم ... ويؤخذون الى مربعات الخيال والأوهام ... حتى تحدث التبعية من خلال مثل هذا الكلام ... بكل أخطاءه ومغالطاته ... وبكل ما يحمله من أحقاد وكراهية على المجتمع والانسانية .
لكنني وبقناعه شخصية اجد ان ما يجري من إيقاع بعض الشباب بشرك التكفير والإرهاب ... وارتكاب الجرائم ضد ابن وطنهم ... وجارهم وقريبهم ...ابن قريتهم ومدينتهم ... ابن هذا الوطن الذي يجمعهم .
محاولة خداع كبيرة من خلال مفاهيم ومغالطات وادعاءات دينيه وسياسيه اجتماعيه واقتصاديه ... ومن خلال إعلام الكتروني يفضفض فيه الشباب عما يعيشون به من مصاعب الحياة ومعوقاتها ... لتشكل مثل هذه الوقائع فرصة للمتربصين والمتصيدين ... الذين يريدون إيقاع بعض الشباب غير الواعي ... ليكونوا ضمن مجموعاتهم الإرهابية والتكفيرية ... بعد ان يغسلوا أدمغتهم ... ويزرعوا الحقد بداخلهم ... والكراهية لمجتمعهم ... كما اغرائهم بالمال وتعدد الزوجات ... والحياة الأفضل من وجهة نظرهم والتمتع بها بعد ان حرمهم مجتمع الكفر والفسوق من مميزات المال والزواج المتعدد وغيرها من غيبيات الحياة التي تلامس متطلباتها لكنها ليست بالصورة المطروحة ... كما انها ليست بمنظور حياة إنسانية ... اجتماعيه .... قانوينة ... في إطار نظام سياسي يحكم العلاقات ما بين الأفراد ... وينظم حياتهم ... ويوفر لهم سبل الحياة بالقدر المتاح وفق ميزانية هذه الدولة او تلك ... وليس وفق أوهام وأحلام تتعدى حدود وإمكانيات تلك الدولة ... والتي يحاول فيها هؤلاء المأجورين من المرتزقة أن يستغلونها بأساليبهم الفكرية التكفيرية والإرهابية الخسيسة ... بكل ما فيها من خداع وتضليل واكاذيب ... ليمارس بعض الشباب العربي في مناطق مجتمعاتهم أو حتى بمجتمعات قريبة منهم وسائل القتل والتخريب .
الإرهابيين الجدد والذي تم استحداثهم ... ولا يعرفون حقيقة ما وصلوا اليه ... ونتائج ما تعلموا ... والأسباب التي أوصلتهم الى هذا الحد من الغرق بوحل الشيطان وجرائم الإرهاب ... هم بحقيقة الأمر لا يعرفون ... ويجهلون ... ويغرر بهم ... لكن السؤال سيبقى حول حقيقة الجهة التي تعمل على تنظيمهم وتجميعهم ... تمويلهم وتسليحهم ... وتوفير سبل التحرك لهم ... هنا تكمن الخطورة والإخطار وضرورة تجفيف منابع الإرهاب ... وقطع سبل دعمه والوقوف أمام آليات إعلامه وتأثيرها .. وتحريفها وقلبها للحقائق ... وإخراج بعض الشباب عن إطار أوطانهم وتربية مجتمعاتهم ودينهم الوسطي .
شبابنا العربي عماد المستقبل ... وقوة الحاضر الذي نتميز به ... والذي يجب ان نعمل على تطويره ... وفتح آفاق المستقبل أمامه ... بما يمكن ان نوفر له من تعليم جيد... ومقومات حياة إنسانية كالمأوى والسكن والمأكل ... كما توفير متطلبات تقدمه ... من خلال تطوير قدراته الذاتية بوسائل عديده من خلال المؤتمرات والندوات وورشات العمل وطرح الأفكار والمبادرات للمناقشة حولها ... والخروج بنتائج عملية وعلمية ... وتوفير فرص عمل كافيه وقادره على الوفاء بمتطلبات هؤلاء الشباب ... كما توفير كافة سبل الدعم للمزيد من الابداعات والابتكارات وخلق الفرص لتعاونيات انتاجية يتشارك بها بعض الشباب .
أي ان المشاركة المجتمعية للشباب العربي وفق كل مجتمع ... وحتى في إطار المجتمعات العربية بمجملها ... والانفتاح على المجتمعات الغربية من خلال التبادل الثقافي وتطوير المهارات وتنمية القدرات ... وتبادل المعرفة واستخلاصات تجربة كل مجتمع ... من خلال تجمعات شبابية اقليمية ودولية .
هناك الكثير مما يمكن عمله ... والتخطيط له حتى ننهض بشبابنا العربي ... وحتى لا نتركهم بحالة فراغ ... وبحالة ضعف أمام متطلبات حياتهم ... لنجعل منهم لقمة سائغة لقوى شريرة ... تأخذ بهم الى مربعات الإرهاب والتكفير .
شبابنا العربي نحن بحاجة اليه للعمل والبحث العلمي وتطوير المصانع ... وزراعة الصحراء والمشاركة العلمية والعملية بإخراج المجتمع من أي علامات جهل او فقر ... ومن أي ظواهر سلبية يمكن أن تطرأ داخل أي مجتمع .
شبابنا العربي يجب أن يأخذوا دورهم ... وان يستنهضوا طاقاتهم .... وان تتجمع إرادتهم حول إصلاح مجتمعاتهم وتعزيز ايجابياتها ... ومحاصرة سلبياتها ... وأن يكون هؤلاء الشباب عامل تغيير وإصلاح ... وبناء حتى يبقى الشباب العربي بمكانه المرفوع ... وبعطائه المعروف ... وبالأماني المعلقة عليه .

الكاتب : وفيق زنداح