بمقالتي السابقة كتبت عن الشباب العربي ... وحاولت ان اشرح بقدر ما استطيع ... حول واقع ومستقبل هذا الشباب ... والمخاطر المحدقة بهم وخاصة محاولة التلاعب بعقولهم ... واستغلال ظروفهم ... من خلال مجموعات ارهابية تكفيرية ... تحاول جرهم الى مربعات الفتنة والمال والنساء ... تحت شعارات واهية ومفرغة ... وفيها من التدليس والتلاعب بالمشاعر .... وكأنهم الاقرب الى الجنة وحور العين ... وهم بهذا الفعل المشين والمسيئ يحاولون قلب الحقائق ... وخلط المفاهيم ما بين الاستشهاد والشهادة لأجل الاوطان والدفاع عن الكرامة والسيادة ... وما بين الارهاب والتخريب وتدمير الاوطان وتهجير الناس واثارة الذعر والخوف ... للانسان ... وابن الوطن والامة والدين ... فالفارق كبير وشاسع ما بين الخير والشر ... وما بين القيم ... والرذيلة .
ما نحن بصدده بهذا المقال حول شبابنا الفلسطيني الذي لم يكن موضع الاهتمام ... ولا حتى موضع القرار ... ولا حتى موضع الانجاز المطلوب ... ما بعد مصالحة انتظرناها طويلا ... عشنا على امال تحقيقها ... وانتظرنا بفارغ الصبر حدوثها ...حتى نقلب صفحة سوداء اوجعت قلوبنا ... وجعلت من شبابنا جيوشا من العاطلين ... المهمشين ... غيرالفاعلين ... المحبطين ... بفعل فراغ مفروض ... وعمل غائب ... لا يسمعون عن انفسهم ... والحديث عنهم الا من خلال الحوارات ... ومانشتات الصحف .. وعبر اثير الاذاعات وشاشات التلفزة ... كما الندوات وورشات العمل والمؤتمرات ... والدعوة للعمل التطوعي دون مقابل ... لمؤسسات ومشاريع ممولة .
شبابنا الحاضر بكل ما يمتلك من عطاء وقوة ... علم وخبرة ... والغائب عن كل قرار ... يمكن ان يتخذ ... لاخذهم خطوة للامام ... على طريق تلبية طموحاتهم وفتح افاق مستقبلهم .
عشرات الالاف من الشباب الخريجين والمهنيين ... وما يمثله قطاع الشباب من نسبة اكبر لتعداد السكان ... وهي النسبة الاكثر معاناة وبطالة ... وتعيش تبعات الانقسام الاسود وكوارثه ... كما تعيش حالة الترهل والضعف ... وغياب التخطيط العلمي والاستيراتيجي... وعدم وضعهم بالاولوليات والاحتياجات الملحة .
عندما نكون امام بداية صفحة جديدة ... لنطوي صفحة سوداء انقسامية ... كفرنا بها ... وحقدنا عليها ... وجعلنا منها تجربة مريرة وقاسية ... ونقطة سوداء بتاريخنا ... لا نتمنى تكرارها ... ولا العودة اليها كارهين تاريخ حدوثها ... ويجب العمل جميعا على تجاوز نتائجها ... ومعالجة ازماتها .
بداية صفحة جديدة من المصالحة ... كثر الحديث حولها ... واصبحت الملفات تزداد ... واصبح كل طرف يسعى للحصول على نصيب اكبر ... وامتيازات اكثر ... ولم نستمع ..... ولم نشاهد .... ولم نقرأ حول ملف الشباب وعشرات الالاف من الخريجين والعاطلين عن العمل على طاولة حوار قادتنا وفصائلنا ... كما لم نستمع لنتائج قرارات صادرة بحق هؤلاء الشباب والاخذ بيدهم الى حيث واقع افضل ... ومستقبل يمكن من خلاله ان يحققوا طموحاتهم لاثبات ذاتهم ... وتاكيد نجاحهم ودورهم لخدمة وطنهم .
ملف الشباب الفلسطيني ليس على طاولة البحث والحوار والقرار لكن ملفات الموظفين الجدد والقدامى ... وما يمكن عمله من استبدال وتطبيق نظام التقاعد المبكر ... حتى تتاح فرصة توفير الاموال والبنود المالية لتغطية متطلبات ملف الموظفين المطروح على طاولة الحوار ... والواجب النفاذ ... والذي لا يمكن تجاهله بحكم من يدافع عنه ... وحقهم بالدفاع عن من عملوا معهم .
موظفي حماس وحقهم بعد عشر سنوات وما يزيد ... وان تنظم احوالهم وان ترتب أوضاعهم القانونية ... وان يدخلوا بسجلات موظفي السلطة وفق اسس قانونية ومهنية وترتيب درجاتهم وفق مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم العملية ومدى الحاجة الوظيفيه لكل منهم ... امور ذات علاقة باللجنة القانونية والادارية وليست محل نقاش ورأي حولها بهذا المقال ... لكن الملف الاخر المقابل والخاص بموظفي السلطة الوطنية وحقوقهم ومكتسباتهم الوظيفية ... وحتى تعويضهم عما فاتهم من حقوق ... وما اصابهم من امراض تضرروا منها بفعل اهمال وتجميد رغم ارادتهم وبفعل واقع مفروض اصابهم بالكثير ... ولم يوفر لهم الا القليل القليل .
ملف موظفي حماس وملف موظفي السلطة ... وما يجري الحديث حول تطبيق نظام التقاعد ليس موضوع حديثي بهذا المقال ... بقدر ما ينصب اهتمامي ... ومقالتي ... حول عشرات الالاف من شبابنا من خريجي الجامعات ... هؤلاء الشباب الذين تخرجوا من جامعاتهم ... وانتظروا على قوائم المنتظرين ... لعل الفرج قريب ... لا يفكر احد فيهم باعتبارهم بشر .... وابناء وطن ... وهم ابناء لأم وأب واخوة واخوات ... ينتظرون عملهم ... حتى يشعروا بأنفسهم وبذاتهم الوطنية والعلمية والعملية وهم يؤدون واجبهم الوطني من خلال اداء عملهم ... فالمسألة ليست ذات علاقة كاملة بما يمكن ان يعود على هذا الشاب من دخل مادي ... مع اهمية ذلك بقدر ما يجب ان ينظر اليه على انه انسان ... لا يجوز تجميده واهماله ... وتعليبه بالمخازن ... لحين الطلب ... وكأنه جماد ... دون عقل واحساس ... طموح وارادة للعمل ... واثبات انسانيته وذاته العلمية والعملية .
أي عقل ... وفكر .... وتخطيط ... لهؤلاء الجالسين بمقاعدهم ... والمكلفين ... والذين يسجلون ... ويشطبون ... ويقررون ... يمنعون ويسهلون .... ما يجب وما لا يجب ... ومن يعمل ومن يفصل ... ومن يبقى على حالة الجمود والتخزين ... وعلى قوائم الانتظار ... التي تطول حيث يمكن ان يصلوا الى سن التقاعد حسب القانون ... وهم لا يعملون .. بينما هناك الكثير ممن تجاوزوا سن التقاعد القانوني ... ولا زالوا على رأس عملهم ... ويصلون ويجولون ... بكافة الامتيازات الممنوحة ... في ظل شباب لا زالوا يعانون ... ولا يجدون فرصة عمل واحدة ... فهل هذا معقول ؟؟!
قائمة المنتظرين عبر السنوات العشر الماضية حتى لحظة جدوث المصالحة وانهاء الانقسام الاسود ... لا يهمهم كثيرا كل ما تتحدثون عنه من ملفات .. ومقدسات تحاولون صناعتها ... حتى تأخذون بالشباب الى قضايا وملفات ... لا علاقة لها بعلمهم وطموحهم الانساني والعلمي والوطني ... ومتطلبات حياتهم وحقهم باثبات ذاتهم ... وايجاد فرصة عمل لهم ليحققوا من خلالها معيشة افضل .... وامكانية مستقبل يمكن البناء عليه ... حتى لا يبقوا على حالة العجز والجمود ... والذي اوصل البعض القليل الى حالة الهجرة والانتحار والغرق بالبحر ... كما البعض الى حالة الادمان واليأس والاحباط ... هذه الحقيقة التي يجب ان تكون على طاولة المتحاورين والمسؤولين ... وان لا نضحك على انفسنا ... وان لا يأخذنا ذكاءنا بأخذ شبابنا الى مربعات ومواقف وشعارات ... مللنا الاستماع اليها ... ولم يعد احد يستمع اليها ... او يتأثر بها .
عشرات الالاف من الخريجين الذين يجلسون بمنازلهم التي لا تتسع لهم ... والذين ينفقون القليل القليل من دخل بسيط لاسر تعاني ويلات الحال والظروف البائسة واليائسة ... والذين يحتاجون للكثير مما هو مفقود وغير متوفر ... اين سيكون مصيرهم ؟! والى اين سنأخذهم ؟! وهل هناك قرارت بحقهم ؟! ... الموضوع المطروح من اخطر الملفات التي نحتاج فيها الى وعي ... وقرارات حاسمة ... ومخططات عمليه ... وحلول عاجلة .
سننتظر ... والايام كاشفه ... سننتظر قرارات حاسمة ... لا تزيد من اعداد المتقاعدين ... ولا تعمل على حل ملفات من تواجدوا بوظائفهم ومن لهم من يدافع عنهم ويطالب بحقوقهم ... لكننا بحاجة الى قرارات تتحلى بروح المسؤولية الوطنية والتاريخيه ... حول قائمة المنتظرين طويلا من الخريجين والذي يزداد عددهم والذي يجب استيعابهم وتوفير متطلبات حياتهم ... حتى لا يعيشون بحالة الفراغ ... ومخاطره واخطاره والتي يعرفها الجميع ... وهذا ما يجب على السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ... أن يأخذه بعين الاعتبار ... وعلى محمل الجد ... وعلى طاولة القرار .
بقلم/ وفيق زنداح