ليس بالعودة لطرح السؤال حول أسباب فشل إنهاء الانقسام ...وإتمام المصالحة وعلى مدي سنوات طويلة ....ولمرات عديدة.... يجعلنا نتساءل حول أسباب عدم إتمامها بالسنوات الماضية ....وهل الأسباب التي أعاقت تنفيذ المصالحة قد زالت من جذورها ؟!....وهل صحيح أننا على مدار العشر سنوات الماضية لم يكن القرار بأيدينا ....وكنا نحتكم لقرار غيرنا ؟!...وهل صحيح أن هناك فيتو أمريكي إسرائيلي كان قائما ومطروحا لمنع إتمام المصالحة ؟!...أم أن الظروف الخاصة والعامة لطرفي الانقسام قد أوصلتهم لنتائج محددة ....غير قابلة للجدل والنقاش..... ولا حتى الحوار عبر الأثير الإذاعي .....والشاشات المتلفزة .....والكتابات والتحليلات وحتى المقابلات الصحفية ....وتصدر وسائل الاعلام .....حتي وجدوا أنفسهم أمام الحقيقة التي لا يمكن التهرب منها ....تحت أي ذرائع وأسباب ومبررات .
المصالحة وقد مللنا الحديث عنها ....في ظل تصريحات زادت عن حدها ....ووصلت الي مراحل متقدمة ....من أن الشعب قد جاء بأحد أطراف الانقسام ....وأنه يتحمل تبعات قراره ....وانتخابه ...وصوته الحر والديمقراطي .....تصريحات عديدة لسنا بصدد حصرها ....والحديث حولها وتحليلها ....والرد عليها.... لأن كل ما يصرح به هو تكرار لثقافة سياسية.... أوصلتنا الي ما نحن عليه من سوء أحوالنا .....وعمق أزماتنا ....وحالنا الذي لا يسر أحدا منا ...المصالحة والمطالبة بها وتأكيدها على واقع الأرض ....وبكافة تفاصيل حياتنا لا تتأتي عبر الاذاعات والمواقع الالكترونية .....والشاشات الفضائية ....والصحف اليومية .....ولا حتي عبر المقابلات الصحفية .
المصالحة حالة جديدة ....لواقع مستجد..... فيه من مقومات الحياة ...ما يمكن الناس .....من استكمال مشوار حياتهم..... بتوفير متطلباتهم الحياتية والإنسانية والخدماتية .....على طريق تلبية وتحقيق طموحاتهم الوطنية ....ولم تكن المطالبة والالحاح على انهاء الانقسام واتمام المصالحة لإعادة تكرار اسطوانات مشروخة ....وتصريحات قديمة حديثة ...وتعكير للأجواء ...وزيادة لعوامل الاحباط .....وافشال لحياة الناس ....ومحاولة لاثارة الشكوك.... والتشكيك ....والتلاعب على التناقضات ....ومحاولة تقديم ملف على الاخر ....كما محاولة تقديس ملف على ملفات وطن بأكمله .
ما يجري ما بعد توقيع المصالحة بالقاهرة وبرعاية مصرية شقيقة .....وما تم قوله باعتبارها بداية جيدة ....لخطوة أولي .... قال الجميع عنها أنها خطوة بالاتجاه الصحيح ....وأنها تحتاج الي ما بعدها من خطوات ....حتي يخرج علينا فلاسفة السياسة ....ويرددوا حول تعقيدات الملفات المتبقية ....واشكالياتها ومصاعبها ....وكأنها ملفات ذرية لقنابل نووية... لا يجوز الاقتراب منها .....ولا يسمح بالحديث عنها .....وكأن المصالحة الفلسطينية .....فيها من أسباب الانقسام .....بأكثر من أسباب التوافق والاتفاق ....وأن ما يجري من تصريحات حول شروط أمريكية وإسرائيلية .....أصبحت لا تشكل الا الجزء اليسير من الاشتراطات التي نضعها على بعضنا البعض.... ومن التحركات التي نقوم بها والتي تثير التساؤلات ....وتزيد من المخاوف ....وتوفر أرضية الشكوك.... بأكثر مما توفر من أرضية التوافق والاتفاق .
ايران ....قطر ....تركيا ...دول قدمت لنا مساعداتها ونقول لها شكرا.... على ما تم تقديمه ....والشكر على ما سوف يقدم..... اذا ما رغبتم بتقديم مساعدة للسلطة الوطنية وعبر قنواتها الشرعية والرسمية .
هناك الكثير من التصريحات التي لا لزوم لها على الاطلاق ....فالحديث عن قوتنا وما نمتلك لا يضيف الكثير على ما نحن بصدده..... من مصالحة وانهاء للانقسام ....كما لا يزيد من مقومات قوتنا أمام عدونا المحتل ....الذي يتربص بنا ....ويتأمر علينا ...ويخطط ليل نهار لأجل عدم انجاح مصالحتنا ...وانهاء انقسامنا.... على اعتبار أن الانقسام يشكل بالنسبة له استفادة قصوي .....وأرضية سياسية ....تقف حائلا ومانعا ....أمام امكانية طرح مبادرات سياسية جديدة لاعادة الحياة حول تسوية سياسية يجري الحديث حولها من خلال صفقة امريكية .....وبتنسيق اقليمي كامل ....لا نستطيع ....ولا نمتلك ...الا أن نكون ضمن الركب والرأي ...والموقف العام لدول المنطقة .
يبدو أننا بحاجة الي اعادة الحسابات العامة والخاصة بالنسبة لنا جميعا فصائل ....وقادة وسلطة وطنية ...وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ....الجميع بحاجة الي اعادة حساباته ....وتحديد وتطوير خطابه ....وانتقاء مفرداته ...ومعرفة أين نريد أن نصل ؟! .....وهل نريد أن نصل الي مصالحة حقيقية وعلى ارضية صحيحة وملزمة للجميع ؟! .
أم تريدون ايصالنا الي مصالحة ورقية تعاقدية اعلامية عبر الأثير والشاشات والمواقع الالكترونية.... دون أن نلمس جدواها ...ومدي احتياجنا اليها .
أقولها وبصراحة شديدة ....أننا لا زلنا بحالة من التردد .....وأننا بحالة من الشكوك ....وأننا لا زلنا لا نستخلص العبر ....وأننا نتجاهل مصالحنا .....وربما نجهلها في بعض الأحيان ....واننا نترك الأبواب مفتوحة لكل من هب ودب للقول والحديث عنا ....والتخطيط لنا ...وقلنا لمرات عديدة.... أننا اذ لم نمتلك التخطيط لأنفسنا .....سيتم التخطيط لنا ....يجب أن نبقي بذاكرتنا هذه المقولة ....وان لا نتركها بمهب الريح .....لأننا بحاجة الي صحوة ويقظة وطنية .....نتدبر فيها أمورنا .....ولا نكرر فيها تجارب سيئة ومريرة وقاسية لا زالت فصولها قائمة .
يجب الانتهاء من الحالة الكارثية التي وصلنا اليها ....الحالة المرضية الفيروسية ....التي تنتشر بسرعة البرق ...والتي تحتاج إلي قوة مانعة.... لوقفها ومحاصرتها.... وحتي اجتثاثها
مزايدات لا تتوقف .....وتصيد قائم ....وشعارات أهلكتنا ....ولم تشكل لنا رافعة أو قوة إضافية .
كم نحن نبالغ بأنفسنا ....وكم نحن لم نتعلم من تجاربنا ....وكم نحن نكرر فشلنا ...ونحول هزائمنا الي انتصارات ....ونحاول إقناع أنفسنا بأننا الحقيقة الوحيدة ....القادرة على فرض إرادتها .
أي ثقافة سياسية تسيرنا وتحدد بوصلتنا .....وأهدافنا ...وتعزز من علاقاتنا ...وتجعلنا أكثر قوة وإصرار... على قراءة واقعنا ....وأفاق مستقبلنا ...كما تمكنا من استخلاصات تجاربنا وعدم الوقوع بأخطائنا ....التي دفعنا ثمنها غاليا .
أقولها وبصراحة ....أن ما نسمعه ونشاهده .....وما يخرج من كلمات ومفردات على السنة البعض من قادتنا وفصائلنا ....يؤشر الي عدم جديتنا ....وغياب اصرارنا ....ومحاولة الابقاء على حالنا المأساوي ...والذي سيوصلنا الي واقع مرير ....أكثر قسوة ومرارة ....في ظل استيطان دائم ...واحتلال جاثم على صدورنا ومستوطنين يزدادون بأرضنا ....وتهويد يجري بمقدساتنا ...وعالم لا زال لا يمتلك ارادته على المواجهة والتغيير واستعادة حقوقنا .
نحن بأسوأ أحوالنا ....وبالمرحلة الأضعف من تاريخ قضيتنا ...ونتعامل وكأننا الأقوياء ونخدع أنفسنا ...ونعيش على وعود الواعدين ....وأحلام الحالمين ...وأوهام الواهمين .
نحن نغرق.... والشعب يصارع ....وليس لنا الا المصالحة والوحدة ....كما ليس لنا ...ولا خيار أمامنا.... إلا أن نكون منفذين للخطوات والتواريخ.... التي تم الاتفاق عليها بالقاهرة ....وبرعاية مصرية كريمة ....وأن ننفذ التواريخ المحددة دون ابطاء ...ودون تلكك ....ودون أدني محاولة للإعاقة.... والتعطيل ....فالأمور لا تحتمل ....والتاريخ لا يرحم .
الكاتب : وفيق زنداح