حكايتنا مع الزمان ... وحالنا بالمكان ... يدخلنا بحالة تستذكر فيها ما كان يقال لنا بطفولتنا ... من قصص واحاديث ... وكانها الف ليلة وليلة .
عن أي زمان نتحدث ... وعن أي مكان عشنا باستقرار وازدهار ... وعند أي تاريخ نتوقف لنسرد القصص ... ونحكي حكاياتنا ... ونحاكي انفسنا ... ونعلو بصوتنا وقولنا الواضح ... كفى بالله عليكم ... فالزمن ليس مفتوحا للابد ... والمكان ليس خاليا كما نريد ... والانقسام وتبعاته لم يكن مفيدا ومنجزا لاي مشروع او خيار ... والشعب لم يعد يحتمل الانتظار ... كما الارض التي لم تبقى على حال ... وكما الحقوق التي تبدو وانها لم تعد تصان ... كل شئ بحساب ... ولكل قضية حيثياتها وابعادها وضرورة قرارها .
الوقت ليس متاحا ومفتوحا لنا حتى نستيقظ ونصحو وندرك اولوياتنا والظروف التي نعيشها بداخلنا ومن حولنا ... والتي لا توفر لنا متطلباتنا ... ولا حتى الحد الادنى من الحياة الكريمه الانسانية والوطنية التي نتطلع اليها ... ونتمنى تحقيقها ... برغم اننا لسنا باقل من غيرنا ... بل نحن ربما نكون افضل من البعض ... رغم اننا لا نقبل على انفسنا ان نتحدث بمنطلق وثقافة التفضيل عن غيرنا ... ولكننا بلحظة الغضب وطول الانتظار ... واطالة أمد التاريخ المفتوح ... دون إعطائنا الاولوية والاهتمام والرعاية ,,, وحتى تتحرك ... وتتجمع ... ارادة المجتمع الدولي للوقوف معنا ومساعدتنا ... حتى نشعر ونلمس اننا لسنا بأقل من غيرنا ... ونستحق أن نعيش بحرية وكرامة انسانية ..في ظل وطن يحترم حقوقنا ... ويحفظ لنا كرامتنا ... ويوفر لنا ولاجيالنا من بعدنا وطنا نعتز به ... ونتفاخر به أمام الامم .
محطاتنا التاريخيه تحمل عناوين عديدة ومتعدده ... فيها المفرح والمحزن ... ولا نعرف من اين نبدأ ؟! والى اين الانتهاء ؟! من تلك المحطات التاريخيه ... لكننا وللاسف الشديد ولظلم التاريخ... ستكون البدايه من المؤتمر الصهيوني الاول بالعام 1897 ... مرورا باتفاقية سايكس بيكو بالعام 1916 التي قسمت البلاد العربية ما بين الاحتلالين البريطاني والفرنسي .. مرورا بوعد بلفور الاسود في الثاني من نوفمبر 1917 .. مرورا بثورة العام 36 وما قبلها من ثورة البراق .. وما بعدها من نكبة العام 48 .
لا زالت محطات التاريخ المتعدده ... المحزنة التي تتوالي علينا بذاكرتها وأبعادها وما تحقق منها .
مائة عام على وعد بلفور الاسود ... وما بقارب سبعة عقود على النكبة السوداء ... وما يقارب 24 عام على اتفاقية اوسلوبالعام 93 ... وما يقارب ويزيد عن عشر سنوات من انقسام اسود بالعام 2007 عقد حياتنا وزاد من همومنا ... وجعلنا امام مفترق طرق ... ما بين الحياة والشطب التاريخي والسياسي ... وما بين العذاب والحرمان والضياع في ظل الزمن المفتوح ... والوقت الذي لا يستثمر ... والارادة التي غابت .... والتي لم تعد الا قبل أيام لتصحو من نومها ... ولتستيقظ من سباتها .
صحيح أن الدنيا ممر بلاء وشقاء ... لكن الصحيح ايضا أننا خلقنا لاجل أن نعيش بكرامة وحرية .. وان تتوفر لنا متطلبات حياتنا ... وامكانيات مساهمتنا بتطوير وانجاز المزيد من حضارة دول وشعوب المنطقة والعالم ... وأن نشارك البشرية بما يمكن اضافته من علوم واداب وشعر وفنون وتاريخ حضاري ... ومساهمات علمية وتكنولوجية يتميز بها شبابنا واجيالنا ... حتى نكون على خارطة العالم والاقليم ... ونحن نتميز بعقلية متفتحة ومستنيرة ... وبشخصية مستقرة وواثقة من نفسها ... وبشعب حضاري له رؤيته الانسانية ... وليس كما يحاول اعداءنا أن يصورونا بأننا نحتكم الى جهل قديم ... والى ارهاب حديث ... واننا نطوق الى الدماء وازهاق الارواح ... محاولين بخبث شديد ... أن يدخلونا بمقارنات ومقاربات مع ارهاب اسود .. لفكر منحرف ... ولجماعات لا تمت لنا بصلة ... ولا علاقة لها بنا من قريب او بعيد بوطننا وقضيتنا وسعينا الدائم لتحقيق حريتنا .
ليس بقولنا ... الا محاولة متواضعه ... لكنها هامة بأهمية الزمن ... والوقت ... كما اهمية تقدير التاريخ ... وعدم تجاهله من حيث زمانه ومكانه ... وان لا نبقى بدائرة الحديث ... وكأننا نتحدث عن قصص خيالية ... لروايات مكتوبة منذ قدم الزمان ... فالاوطان تحتاج الى المزيد من العمل ... بأكثر من القول ... والى الفعل الملموس بأكثر من الكلام والسرد القصصي .
ما نحن عليه اليوم لا يحتاج الى المزيد من الوقت ... ولا يحتاج الى المزيد من اضاعة فرص متاحة يمكن البناء عليها ... لان الزمن المفتوح دون حسابات دقيقه يعرضنا لمخاطر واخطار قد تدخلنا ... وتزيد من اعباءنا وكوارثنا ... والتي لا نستطيع تحملها بقلة امكانياتنا وصعوبة احوالنا ... وما يجري من حولنا .
نحن لسنا أقل من الشعوب التي تحررت وتجاوزت مصاعبها .. كما نحن لسنا اقل من الشعوب التي قاومت المحتل لارضها ... فالجزائر تم احتلالها بما يقارب 130 عام وقد نالت استقلالها ... واليابان وقد دمرت مدن بأكملها وتم احتلالها وبناء القواعد الامريكية على ارضها ... الا انها صنعت خيارها بفكرها وارادتها وعلمها ... لتصبح منافسا قويا بميزان التجارة الدولية ... كما الصين الشعبيه التي تم التأمر عليها وعلى نظامها الشيوعي .. كما تم اقناعها ان كثافة سكانها والاكبر بالعالم سيشكلوا عبئا ووبالا على هذا البلد الكبير ... الا ان الصين قد حولت المخاوف الى انجازات ... وحولت الكثافة الاكبر بالعالم الى قوة صناعيه منافسة في سوق التجارة العالمية ... كما الهند وفي عهد مهاتما غاندي وفي ظل الاحتلال البريطاني ... لم يستكينوا وعملوا على صناعة الملح من ماء البحر .. وعندها وصلت القناعة للبريطانيين أن من يمتلك صناعة غذائه ... يستحق حريته ... ليس هذا فقط الفيتكونج كانوا يقاومون الامريكيين ... ويفاوضونهم في باريس ... ويفرضون شروطهم استنادا الى قوة الحق ... كما قوة الميدان ... حتى تحررت فيتنام .
محطات تاريخيه عديده يتعدد زمانها ومكانها ... وقصصها الطويلة والقصيرة ... فيها كم كبير من الانجازات كما فيها من الاخفاقات ... فيها من الانتصارات كما فيها من الهزائم ... لكننا لم نجد ... ولم نلمس .... ولم نقرأ عبر التاريخ ... من شعب استكان .. او شعب تنازل ... او شعب لا زال تحت الاحتلال ... الا نحن لا زلنا نعيش الاحتلال والارهاب المنظم في ظل معادلة مختلفة ... وليس في ظل قصور او تخاذل او تراجع او استسلام ... لكنها المعادلة الدولية الظالمة ... الداعمه للحركه الصيونيه العالمية ... التي تتوغل وتسيطر على العديد من المنابر وقنوات اتخاذ القرارات الدولية .. السياسية والاقتصاديه وحتى السيطرة الاعلامية .
أمام الحقائق والمحطات التاريخيه والسياسية وميزان القوى القائم بمعادلة السياسة الدولية ... يجب أن يشكل بالنسبة لنا الدافع الاقوى ... والحسابات الاكثر دقة ... والارادة الاكثر تماسك ... واليقظة الاكثر وعيا .
فالانقسام الاسود الذي حدث والتباطؤ حتى الان .. وما يصدر من تصريحات لا داعي لها ... وما تتناقله الصحف ووسائل الاعلام عن ان هناك ملفات معقده ومتشابكه ... ويحاولون تضخيم ملفاتنا ... والتي تحتاج الى سنوات ... لكن الحقيقه أن كافة ملفاتنا لا تحتاج بأكثر من جلسة واحدة ... جلسة واحدة نمتلك فيها قرارنا ... جلسة واحدة نتميز فيها جميعا بالنوايا الحسنة ... وبالثقة المتبادلة ... وان لا يخطر ببال أحد منا أنه يمكن ان يظلم ... أو ان لا يكون مشاركا وشريكا في نظام هذا الوطن المحكوم بحسابات وطنية خالصة وصادقه .
لا يمكن القبول ان نبقى على الانقسام وتبعاته .... لسنوات قادمه ... فهذه ليست حقيقه ... وليس صحيحا ... أن ملفاتنا تحتاج الى وقت طويل ... بل تحتاج الى سرعه وتمكين لحكومة قادره ... وسلطة قويه ... ووضوح كامل ... وبرنامج موحد ... واطار سياسي يجمعنا جميعا .
الوقت كالسيف ... فان لم نقطعه ... لا سمح الله سيضر بنا ... وسيجعل منا خارج الحسابات ... والاولويات ... والاهتمامات .
لقد جربنا ما يزيد عن عشر سنوات ... وشاهدنا بأم اعيننا ما حدث لنا وما ترتب بواقعنا من اثار وازمات وكوارث يصعب قولها والحديث بتفاصيلها .
نحن امام التواريخ القادمه ... التي يجب تنفيذها بدقه ... وان لا نعطل منها ... أو نؤخر تنفيذها ... بل يجب ان تزداد همتنا ... وان تقوى ارادتنا بتواريخ جديده وقريبه ... لانهاء كافة ملفاتنا ... وأن نزيد من شكرنا لاشقاء اعزاء علينا ... لا زالوا على موقفهم القومي ورعايتهم الصادقه واشرافهم الامين ... فكل التحية لمصر الشقيقة ... وكان الله بعونها علينا .
بقلم/ وفيق زنداح