لم تكن الزيارة التي قام بها ليبرمان قبل عدة أيام لحدود قطاع غزة اعتباطية، والتي أشاد خلالها بالعمل في العائق المضاد للأنفاق واستخدام التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال للكشف عن الأنفاق.
فلم تمر سوى دقائق قليلة على عملية القصف لنفق شرق خان يونس حتى خرج نتنياهو وليبرمان بتصريحات كانت لربما معدة مسبقا يشيدون خلالها بعملية القصف ونجاح الطفرة التكنولوجية كما أسموها في الكشف عن النفق بعد تجاوزه الحدود كما يدعون.
نتنياهو يعمل من وراء عملية القصف هذه لتحقيق العديد من الانجازات، أبرزها تصدر الملف الأمني وعودته للمشهد من جديد خاصة في موضوع الأنفاق وجعله الملف الأبرز على طاولة المصالحة الفلسطينية، ليثبت أن دولة الاحتلال اللاعب الرئيسي في هذه الساحة ولن تترك مثل هذا الأمر يمر دون تحقيق مكاسب لها إن أرادوا أن توافق على ما يجري.
وعملية القصف هذه أيضا تعمل على جس نبض فصائل المقاومة وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي وهل ستخضعان للضغوط الداخلية والخارجية التي تقيدهما في عملية الرد، علما أن حكومة الاحتلال تدعي أن عملية القصف جاءت للنفق بعدما اجتاز الحدود وخارج نطاق قطاع غزة وهي بذلك ترسل رسالة للمجتمع الدولي أنها كانت في حالة دفاع عن النفس كما تقول.
إلى جانب ذلك فإن تصدر الملف الأمني سيعمل على إبعاد الأضواء عن الفضائح الداخلية التي تلاحق نتنياهو وزوجته والتي أدت به مؤخرا إلى مهاجمة قائد الشرطة في دولة الاحتلال "روني ألشيخ" مع انه هو الذي أتى به من الشاباك لتولي هذا المنصب، إضافة إلى التوترات التي يعاني منها الائتلاف الحكومي بفعل القوانين التي يريد نتنياهو ورجاله التصديق عليها في الكنيست وأبرزها قانون عدم ملاحقة رئيس الحكومة قانونيا وهو في منصبه، وهذا ما اعترضت عليه أحزاب مثل البيت اليهودي وكولانو، مما جعل التسريبات من مكتب نتنياهو تلوح بحل الكنيست والذهاب إلى انتخابات جديدة في بداية العام المقبل.
في نفس السياق فإن ليبرمان يسعى من خلال هذه العملية لتعزيز صورته كرجل جدير بمنصب وزير الحرب في دولة الاحتلال وانه وان لم ينفذ وعده باغتيال هنية فانه يقوم بعمليات خاصة ونوعية سواء في سوريا أو لبنان أو الساحات الخارجية وحتى في قطاع غزة، محاولا تلافي ما جعله أضحوكة في الشارع الإسرائيلي من عدم تنفيذه تهديداته السابقة.
ما حدث بلا شك تطور خطير في عملية عض الأصابع بين الاحتلال وفصائل المقاومة في قطاع غزة، لأن نتنياهو وليبرمان وقادة جيشهما واستخباراتهما يدركان أن الأوضاع في قطاع غزة حساسة جدا خاصة مع البدء بتنفيذ أولى خطوات المصالحة، وهو ما يضع قيود ثقيلة على المقاومة في عملية الرد.
وهذا ما يفرض على المقاومة أن تتعامل بذكاء وحنكة في مواجهة خبث الاحتلال والذي نفذ عملية اغتيال الشهيد مازن الفقهاء بهدوء، واليوم يغتال عدد كبير من المقاومين في استهدافه لنفق يدعي انه اخترق الحدود، فالردود يجب أن تكون بمستوى دهاء قادة الاحتلال ليكون رد الصاع بصاعين وبذكاء ومكر وهدوء.
عاهد عوني فروانة
غزة- فلسطين