كُلّما إِستَحضرتُ نبيذ غيابكِ
تثمل الروح من حنين مُطهر،
وتتوارى شمس الأحلام برحم الذاكرة
المزدحمة بفراغ الألم المُقدَّر ..!
تبتهل أمنيات مُبللة بمقل الفقدِ،
لتروي شُعث سهاد تحجّر !
فيرتعش الزمن المُتسرب بالأملِ ،
ويعيدني لظلال قلب في حضرتي تكوَّر !
عانقَ سهاد الروح المتدفقة عشقًا
وتلحّفَ سنابل سمراء ومرمر !
أيا عذراء أبت الذاكرة بترها؛
رفقًا... جعلتِ القلب بنبضه يتعثر
رفقًا ...بمتسول الهوى الهائم،
وبحنين ينزف الردى ويتجبّر !
فإذا إِستَحضرتُ نبيذ غيابكِ ....
وأتيتُ حلمي ولم أجدُني ..
فاعلمي أنَّ شيب العُمر ينادي،
وإشتاقني ليضمني ويتحسر !!
ليضمني ويتحسر !!
ويتحسر !!
صاحبة هذا النص العشقي الجميل الرائع هي غاليا أبو صلاح ، من باقة الغربية ، الشاعرة الصاعدة القادمة من عالم غير عالمنا ، عالم الالهام والجنون الشعري ، فهي الصوت المتميز المتفرد في اوركسترا الشعر الابداعي الرهيف الشفيف .
حروفها مسك ، وروحها احساس وجداني صادق يعانق ويلامس النفس والقلب ، وقصيدتها سمفونية عشق حتى الثمالة تهز المشاعر ، وتوقظ لهيب الحنين ، وتختصر الورد والحب والوطن والألم والأمل .
في شعرها جوانب عدة من شعر الوطنية ، وشعر الحب والوجدان ، وشعر الوصف ، وشعر الطبيعة الرومانسي ، وشعر التصوير، والشعرالانساني ، وجوانب من الفلسفة والنزعة الاجتماعية والانسانية والرمزية والايحاء ، ويطفح بالاستعارات والمجازات واساليب البلاغة من جناس وطباق وتورية .
وحين تقرأ نصوص غاليا أبو صلاح لتشعر انك في حضرة شاعرة موهوبة وملهمة مقتدرة ومتمكنة من لغتها وأدواتها الشعرية ، رحبة الخيال ، مرهفة الحس ، صادقة العاطفة ، تبث فيك شعوراً بالحياة بثاً أشبه ما يكون برذاذ المطر يتساقط في سكينة الليل على البقاع العطشى فيؤنسها ويحييها على عكس ما يفعله السيل العارم اذ يمر بالارض مراً عنيفاً خاطفاً فيجرف التراب الذي سطحها ، أما قلبها فتتركه في عطش وجفاف الا من الحب .
غاليا أبو صلاح شاعرة بارعة في الشعر الحر المرسل ، تحفل قصيدتها بجدة المعاني وابتكارها وتعدد اخيلتها ، مع عنايتها بالجو الفني للالفاظ وتركيز الاسلوب وكثرة الصور الشعرية الخلابة الجديدة ، والاهتمام بالوحدة الفنية وبالانسجام الموسيقي وبالتجربة الشعورية .
غاليا أبو صلاح شاعرة بالفطرة ذات قدرة على رسم لوحاتها الابداعية الشعرية التي تعتني بها كثيراً ، وليس لديها طقوساً معينة للكتابة ، وانما تكتب عند احساسها بضرورة ما تختزنه في اعماقها ، وما بجيش به صدرها وقلبها فتنقله على الورق بعفوية وتلقائية ، فيأتي نصها صادقاً شفافاً حاراً دافئاً ، فهي تكتب شعرها بنبيذ الروح ودم الفؤاد .
غاليا أبو صلاح هي المفاجأة القادمة والقنبلة الشعرية التي ستنفجر ، وسيكون لها صدى في المشهد الشعري والثقافي الفلسطيني . انها السمراء التي نزفت فأسرها القلم والابداع ، وحين تتوقف روحها عن العشق والنبض والبوح فان قلبها سيتوقف عن عشق الحروف والكلمات .
غاليا أبو صلاح دمت مبدعة ودام يراعك فياضا
، فلك المستقبل الشعري الواعد .
بقلم/ شاكر فريد حسن