بداية نعبر عن التقدير والاحترام للاستاذ الكبير خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس سابقا ... والذي تحدث عبر مؤتمر الامن القومي الفلسطيني الذي تنظمه اكاديميه الادارة والسياسة بمدينة غزة الخميس الماضي .
وقبل ان اتحدث بمضمون ما قيل ... والتساؤلات حول كل ما جاء بكلمة السيد مشعل ... وعدم معرفتي بالصفة الاعتبارية التي تحدث بها ... فهل كونه رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس ... ام انه قيادي فلسطيني سابق او حالي ... ام انه عضوا وقياديا بالتنظيم الدولي للاخوان ...ام انه رئيس مجلس الشورى ... ام انه ذات باع طويل وخبرة كبيرة بحكم اطلاعه ومسؤولياته وتجربته السياسية ... أم كل ذلك ؟!
والبداية وحتى تكون للمقالة مضمونها ومدلولاتها ... وعدم وضعها ... بغير سياقها الوطني والاعلامي ... فاننا لسنا بصدد محاسبة بعضنا البعض ... كما لسنا بصدد تصيد كلا منا للاخر ... بل نحن جميعا أمام قضية وطن لا زال ينزف ... ويحتاجنا جميعا كلا من خلال موقعه وعمله وخبراته .
على كل حال ... وما كانت الصفة الاعتبارية للمتحدث بالمؤتمر الاستاذ خالد مشعل ... فان الحديث وابداء الرأي حق مكفول بموجب القوانين والانظمة ... ومتاح للجميع ابداء وجهات النظر بالقضايا العامة وذات الخصوصية بالوطن وقضاياه .
وطالما كان حديث الاستاذ خالد مشعل من خلال المؤتمر ... حديثا للرأي العام ... وتم الاعلان عنه عبر وسائل الاعلام كافة ... وخرج من دائرة المؤتمر والمؤتمرين... فان الحق واجب ... والمهنة تتطلب القراءة بامعان ... والرد بايجاز ... حتى لا تكون الردود خارج السياق ... بل ردودا حول ما قيل .
الكثير مما قاله الاستاذ خالد مشعل والذي نرى فيه كلاما مسئولا ورائعا وصحيحا ... ولكن ما بين الصواب والخطأ ... ما يمكن أن نتحدث عنه ... وان نرد من خلاله .
على كل حال وعلى قاعدة الحق بالقول ... كما واجب الاستماع ... فمن يشارك بمؤتمر ويقدم رأيا عاما ويتم نشره وتداوله .... فالرد واجب ولا يعني الرد محاولة للاتهام ... او التصيد ... أو اخراج ما قيل عن سياقه واهدافه ... ودواعي عقد هذا المؤتمر .
الاستاذ خالد مشعل حذر من خطورة شيخوخة وعجز منظمة التحرير الفلسطينية والتي هي باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لكافة ابناء الشعب الفلسطيني بالداخل والخارج ... حيث كان كلام السيد مشعل محذرا من الخطورة والشيخوخة والعجز على القضية الفلسطينية ... معتبرا من وجهة نظره ... أن الخطورة تتحملها القيادة الفلسطينية ... وهنا يكمن السؤال حول الشيخوخة والعجز ... هل أن عمر المنظمة قد قارب على ما يزيد عن 6 عقود أم ان قياداتها قد بلغ بهم العمر أطال الله بعمرهم حتى وصلوا الى سن متقدم ... ام السببين معا ؟!
فاذا كان القصد أن المنظمة قد طال عمرها .. فهذا يسجل لها ... وليس عليها ... في ظل مؤامرات لم تتوقف لنزع شرعيتها ... وازاحتها عن تمثيل شعبنا وقيادته ... وان كان المقصود القياده وما بلغ اعمارهم فهذا لا يشكل خطورة ... بل العكس تماما ... فانما يؤكد على خبرة متراكمة ... وقدرات عالية ... وانجازات سياسية ودبلوماسيه يصعب حصرها بمقال ... والحديث عنها يطول .
الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده داخليا وخارجيا بالقمة العربية بالرباط بالعام 78 يعتبر نصرا سياسيا ونضاليا لشعبنا ... واستقلالية لقرارنا الوطني ... وقدرتنا على التحرك السياسي بعيدا عن كافة الضغوطات والتحالفات ... والمحاور .
كما ان وصولنا الى دولة مراقب بالامم المتحده والى المشاركة بعشرات المؤسسات الدولية التي كان محظورا علينا الوصول اليها يعتبر انجازا سياسيا ودبلوماسيا لمنظمة التحرير وللسلطة الوطنية الفلسطينية .
الحديث عن المنظمة والسلطة وانجازاتهم حديث طويل ... ولا يعني بالمطلق عدم وجود بعض الاخفاقات ... والنواقص والسلبيات برغم الاعترافات التي فاقت الاعتراف بدولة الكيان ... الا ان هذا لا يعني أننا لسنا بحاجة الى المزيد من الاصلاحات ومشاركة الجميع بمؤسسات السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية .
أما بالنسبة للخطورة التي تحدث عنها السيد خالد مشعل والتي تتحملها القيادة الفلسطينية حسب وصفه ... فان المسؤولية ومفهومها وشموليتها ... وعدم القبول بتهرب أحد منها تتحملها كافة القوى السياسية والفعاليات المجتمعيه والمؤسسات كافة ... ولا أحد يمكنه الخروج من دائرة المسؤولية والواجب بما فيها الاستاذ خالد مشعل بما كان يمثله على مدار عقود من مسؤولية قيادة حركة فلسطينية كبيرة .
أما حول حديث الاستاذ خالد مشعل ... حول تراجع دور الشعب الفلسطيني بالخارج وتحميل المسؤولية للقيادة الفلسطينية بحسب وجهة نظره وقوله باختصار القضية بالضفة وغزة ... فهذا ليس صحيحا بالمطلق ... ويحتاج للعديد من التعديل والتصويب حتى ولو كانت المشاركة غير كاملة لاسباب موضوعيه وذاتيه ... والتي لا يمكن اختصارها واختزالها من خلال مقال وتحميل المسؤولية للقيادة الفلسطينية وتجاهل الكثير من الاسباب التي يدركها الاستاذ خالد مشعل ... والمسؤولية المشتركة حول اسباب هذا التراجع .
أما حول حالة العجز والترهل التي اصابت المؤسسات الوطنية العامة والخاصة ومنظمة التحرير من وجهة نظر الاستاذ خالد مشعل والتي اصابت المشروع الوطني ... فيبدو ان الاستاذ خالد مشعل قد تناسى أهم الازمات والكوارث المتعلقة بهذا العجز والترهل ... والتي هي ذات علاقة بالانقسام الاسود الذي استمر لما يقارب 11 عام وما احدثه وما ترتب عليه من كوارث وازمات وعجز وترهل وتراجع للقضية وللمشروع الوطني ... والذي نحن الان والحمدلله نتجاوز هذه الازمة وهذا الانقسام بفعل ارادة الجميع وبرعاية الاشقاء في مصر .
تراجع القضية الفلسطينية وعدم توحيد الخطاب السياسي والاعلامي وعدم مشاركة الجميع بكافة المؤسسات والمرجعيات بضعفنا ... ولا يزيد من قوتنا ... لذا فالمطلوب منا جميعا أن نعزز من المشاركة والشراكة والوحدة .
لا اريد التطرق لباقي النقاط التي جاءت بكلمة الاستاذ الكبير خالد مشعل لان فيها الكثير من الايجابيات والمتطلبات والتمنيات ... يجب عمله وانجازه ... والقيام به ولكن وللاسف فيها من بعض التلميحات والهمزات التي لم يكن من الضرورة الحديث عنها ... او حتى التطرق لها لانها تفتح ابواب الشيطان بمحاولة تفسيرها وتحليلها ... حول اتهام بعض الاطراف العربية بأنها تتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها (كيس) يسددون منه فواتيرهم والتزاماتهم ... ويغطون بها على مشاكلهم الداخلية ومعاركهم ... هكذا جاء بمضمون كلمة الاستاذ خالد مشعل والتي عليها الكثير من الاعتراضات ... ولا اريد أن اخوض بتحليل ما جاء بهذا المضمون .
فنحن لسنا (بكيس) ... والاشقاء العرب لا يسددون مشاكلهم من (كيس) فلسطين ... ولا يحلون ازماتهم على حسابنا ... فلقد اخطأت التقدير والحساب واختيار الكلمات .. وان الاستاذ مشعل احد القادة السابقين القادرين ببلاغتهم وحسن اختيارهم... وانتقاءهم للكلمات بالتعبير عن مواقفهم دون خطأ هنا او هناك .
قول السيد خالد مشعل حول لا دولة ... ولا سلطة ... ولا سيادة ... الا بعد التحرير ... كلام صحيح .. ولكن هل يطالبنا السيد مشعل بحل السلطة الوطنية واغلاق ابوابها ومؤسساتها ... والعودة الى نقطة الصفر .
وكأنه يقول اما الحرية الكاملة والدولة ... واما بقاء الاحتلال حتى يندحر فاذا كان هذا المقصود ... فهو صحيح ... ونحن لا نختلف .... ولكن سيبقى السؤال ... لماذا المشاركة بالسلطة والانتخابات وحتى بمنظمة التحرير ؟! ولماذا كل الخلافات والحديث عن الشرعيات ؟! كما السؤال حول التسريبات الاعلامية حول النوايا بالترشح للرئاسة ... وعدم الرد عليها بصورة واضحة وقاطعه ... فهل نعتبر ان ما قيل بالمؤتمر في اطار الخطاب الانتخابي للاستاذ خالد مشعل ... ام في اطار التنظير السياسي لقائد سابق .
نحن نحترم كافة المواقف ... كما ونحترم كافة القيادات السابقة والحالية كما نقدر شجاعة القيادة الجديدة لحركة حماس ... والتي اتخذت قرارات شجاعه وخطوات مسؤولة ... يقدرها شعبنا ويتمنى المزيد منها بما يعزز وحدة الصف ومقومات الصمود والارادة الوطنية الواحده .
أما بخصوص ضرورة برنامج استعادة الثقة ومعالجة الازمات التي يجب ان تقوم بها القيادة الفلسطينية بحسب كلام الاستاذ خالد مشعل فهذا برنامج شامل ومسؤولية جماعيه لكافة القوى السياسية والقيادات الفلسطينية وكافة المؤسسات الثقافية والاعلامية وغير الحكومية ... لان شعبنا قد فقد الثقة بعد سنوات عجاف من الانقسام الاسود ... والذي يحتاج الى جهود الجميع وليس من الانصاف والعدل تحميلها على القيادة الفلسطينية ... دون غيرها من القوى السياسية والمؤسسات المجتمعيه غير الحكومية .
اما بخصوص قياده ... وحكومة ... ومجلس وطني .. ومؤسسات واحدة وبرلمان ... ورئيس واحد ... فهذا كلام صائب وصحيح ... كما انه كلام قانوني ودستوري وبحسب الانظمة والقوانين ... وغير ذلك لن يكون النظام دستوريا ... لكننا لم نكن بيوم من الايام... دون كل ما تحدثت عنه يا استاذ مشعل الا في ظل الانقسام الاسود .. وتعطيل عمل المجلس التشريعي .
أما بخصوص ان حركة حماس تعمل على المصالحة رغم التباينات ... فلا اعرف عن أي تباينات يتحدث الاخ خالد مشعل .. فهل المقصود التباينات والاجتهادات داخل الساحة الفلسطينية .. ام التباينات بوجهات النظر الداخلية بحركة حماس ... وفي الحالتين فانها تعبير ديمقراطي وطني نحو الافضل ... في ظل المصالحة ... باعتبارها خيار استيراتيجي وتسير بخطى واثقة بفعل ارادة الجميع ... وبرعايه مصرية شقيقه ضامنة ومتابعه لكافة آليات التنفيذ ... وليس أخرها تسلم المعابر كافة للسلطة الوطنية الفلسطينية .
نتمنى للأستاذ خالد مشعل كل التوفيق وموفور الصحة والعافية والعمر المديد والعطاء الدائم ... متمنين منه أن يستمر بدعائه لتعزيز المصالحة والوحدة ... والدعاء على كافة المتربصين والراغبين بفشلها .
الكاتب : وفيق زنداح