نحن الشعب الذي يعاني ويلات الاحتلال، وينتظر في المنطقة الرمادية؛ حيث لا سلاح يسيطر على غزة إلا سلاح المقاومة بكافة تنظيماتها، وحيث لا سلاح يسيطر على الضفة الغربية إلا سلاح المستوطنين وسلاح المخابرات الإسرائيلية، في مثل هذه الحالة من غياب السلطة، نطالب من الرئيس الفلسطيني بثلاثة مواقف، ثلاثة مواقف كي نسحج له، ونهتف بحياته، ونسير من خلفه؛ ونحن نرسم من حروف اسمه راية فلسطين:
أولاً: أن يقول الرئيس لكل العالم: لا للاعتراف بإسرائيل، فإسرائيل تمارس الإرهاب يومياً، ولا تعترف بأي حق للفلسطينيين، وتنكرت لاتفاقية أوسلو التي ورد فيها بند الاعتراف.
ثانياً: أن يقول الرئيس لكل العالم: لا للتنسيق الأمني، وسألتزم بقرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولن نظل نحن الفلسطينيين حراساً لأمن إسرائيل؛ التي تغتصب الأرض.
ثالثاً: أن يقول الرئيس لكل العالم: نعم لكافة أشكال المقاومة الفلسطينية، ومن حق الشعب الذي يعيش تحت الاحتلال أن يقاوم المحتلين بكل ما يتوفر لديه من وسائل الدفاع عن النفس.
المواقف الثلاثة السابقة هي الأصل في كل معاناة الشعب الفلسطيني، وهي أصل الانقسام، وهي الفيصل في كل الخلافات الفلسطينية، واختلاف الرأي، والصراعات، والحزازيات، والعنتريات، ثلاثة مواقف كفيلة بأن تحرف الساحة الفلسطينية من الانقسام إلى الوئام، ومن الخلاف إلى الوفاق، ومن التيه إلى الاستقامة، ومن الضلال إلى التقوى، ومن التشتت إلى وحدة الصف والتلاقي.
قد يقول البعض: كل ما ذكرت لا ينسجم مع شروط الرباعية، وهي مواقف كفيلة بأن تقلب الطاولة، وتغير المعادلة، وستجرنا إلى مواجهة مع إسرائيل، وستجر علينا قطع الرواتب، والحصار، وخسارة عشرين عاماً من انجازات السلطة.
وقد تكون وجهة النظر السابقة دقيقة فيما لو كانت الإجابة على الأسئلة التالية بنعم:
1ـ هل كان حال الشعب الفلسطيني في زمن الاحتلال المباشر أسوأ مما هو عليه اليوم؟
2ـ وهل كان حال القضية الفلسطينية بشكل عام أسوأ مما هي عليه اليوم؟.
3ـ وهل كانت مساحة المستوطنات الإسرائيلية فوق أراضي الضفة الغربية أقل مما هي عليه اليوم؟
وهل كان عدد المستوطنين فوق أرض الضفة الغربية أقل مما هم اليوم؟
4ـ وهل كان عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أكثر مما هم عليه اليوم أم أكثر؟
5ـ وهل اختلفت مهمة ممثل الحكومة الإسرائيلية في المناطق عن مهمة الحاكم العسكري؟
ما سبق من أسئلة ينطبق على مجمل حياة الفلسطينيين الاقتصادية والسياسية والأمنية والحياتية، وهذا يؤكد أن قلب المعادلة رأساً على عقب كفيل بأن يحدث أمراً لن يضر إلا بالمنتفعين، ولكنه سينفع الشعب الفلسطيني، وسيعيد لقضيته ألقها الوطني، حين كانت صرخة الحرية تنطلق من مدينة رفح، فتجد صداها في مدنية جنين، مع ابتسامة أملٍ على شفتي المستقبل الفلسطيني.
د. فايز أبو شمالة