ما حدث بالمنطقة العربية من مسميات الثورات على غير الحقيقة ... لم يكن واردا ومحسوبا بحسابات المحللين السياسيين والمراقبين ... لاعتبارات عديدة لها علاقة بعوامل الاستقرار النسبي ... وعدم القدرة على المجازفة بأوضاع البلاد ومقومات وجودها ... في ظل استهدافات مكررة ومؤامرات معلنة ومخطط لها ... ولا يمكن الوقوع بشركها .
أوضاع امنية واقتصاديه مستقرة الى حد ما ... في ظل علاقات عربية لا يشوبها الكثير من الخلافات ... وفي ظل وحدة الموقف بأغلبيته في مواجهة الخطر الايراني المهدد لمنطقة الخليج العربي ... ما بعد حرب ايرانية ضد العراق بعهد الرئيس الراحل صدام حسين ... والجزء الاخر في مواجهة الخطر التركي المهدد لشمال العراق كما المهدد للاراضي السورية .. في ظل احلام امبراطورية قديمه ... لا يمكن لها ان تعود ... وما بينهما قطر الصغيرة التي تتلاعب بحكم مواردها وثقل ميزانياتها ... وحتى ارتباطاتها ... والتي اصبحت ما بين الارض والسماء ما بعد قطيعه وحصار من بعض الاقطار العربية نتيجة مواقفها الداعمة للارهاب ... والمخالفة لقرارات الاجماع العربي وللامن القومي العربي .
العراق كان البداية باحتلاله امريكيا تحت ذرائع واكاذيب الاسلحة الكيماوية ... وحتى اسقاط نظام حكمه وتفكيك جيشه والسيطرة على خيراته ... وادخال الارهاب بأرضه من اوسع ابوابه .. تحت شعار مقاومة الاحتلال الامريكي ... حتى يكون الارهاب البداية والهدية والجائزة الكبرى لامة العرب ... من خلال العراق .. وحتى لا يغضب أحد على سقوط نظام القائد الشهيد صدام حسين .
لتستمر سلسلة الاحداث وفق ما يخطط ويدبر...في عهد بوش الاب و الابن ... وتولي اوباما رئاسة امريكا لندخل بمخططات الفوضى الخلاقة ومشروع الشرق الاوسط الكبير ... وليتم تغذية ما يسمى بثورات الربيع للتفكيك والتقسيم ... وفتح المجال للسيطرة الكاملة للتنظيم الدولي للاخوان ... والجميع يذكر خطاب الرئيس الامريكي اوباما بجامعة القاهرة ... والاشارات والتوجيهات الواضحة حول بداية تنفيذ المخطط المدبر ضد المنطقة دول وشعوب ... وعلى الاخص قاهرة العروبة مصر الشقيقة .
كانت تونس البداية ... والتي وجدت نفسها بحالة ضياع وارهاب ... لتتوافق القوى التونيسية على نظام حكم أقرب للعدل والتوازن من حكم الاخوان وسيطرتهم الكاملة .
جاءت مصر بأحداث 25 يناير بكل ما جرى وتنحي الرئيس مبارك وسيطرة الاخوان .... حتى سقوطهم ... وانهاء حكمهم بفعل ارادة شعب مصر بثورة الثلاثين من يونيو ... ومن خلال اجراء انتخابات ديمقراطية تولى فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادة هذا البلد العربي .
سوريا وما جرى فيها منذ 5 سنوات ... وما تأكد للجميع أن سوريا عصية على الانكسار والاستسلام... وأن جيشها العربي قادر على مواصلة مواجهة كافة قوى الشر والارهاب والمحافظة على وحدة الارض السورية ... وما اثبتته الايام من تراجع المواقف ... والي حد الاقتراب من الاعتذار لسوريا وشعبها وقيادتها .
ليبيا وما جرى فيها واسقاط حكم الرئيس الليبي معمر القذافي وما يشهده هذا البلد العربي من ضعف بمنظومته الامنية ... واختراق لحدوده ... ووجود لجماعات ارهابية تكفيرية تحاول السيطرة على الارض وخيرات هذا البلد ... وما تعمل بعض الاطراف العربية على تعزيز قوة الجيش الوطني الليبي حتى يتمكن من مواجهة الجماعات الارهابية ... ومحاصرتها واجتثاثها ... وعدم قدرتها على التحرك الى خارج الحدود .
خارطة المنطقة العربية شهدت متغيرات كبيرة ... واحداث متعددة ... كانت فيها منطقة الخليج العربي الاكثر امنا وهدوءا .. حتى تم صناعة الازمة اليمنية وما جرى ... ويجري حتى الان من قبل الحوثيين وجماعه على عبدالله صالح والذي يتم مواجهتهم من خلال الشرعيه اليمنية وقوى التحالف العربي ... وما تقوم به قطر من علاقات مع ايران خارج منظومة العلاقات الخليجية والعربية ... وبما لا يخدم أمن الخليج العربي .
زلزال كبير حدث داخل المنطقة العربية ... وترتب عليه ترددات كانت شديده في بعض الدول ... وأقل شدة في دول اخرى ... الا ان هذا الزلزال المفبرك والمفجر بصواعق مدبرة ... لاجل تركيع العرب ... وسلب خيراتهم والسيطرة عليهم ... واشغالهم عن اولوياتهم وازماتهم ومشاكلهم الداخلية .
حتى يتمكن محركي الزلزال وتردداته ... من أن يقدموا مخططا اخر ... ومن داخلهم ... ومن خلال شعارات البعض منهم .. وحتى على عفويتهم المصنعة ...وتدينهم الظاهري... باختلاق جماعات ومسميات ... وجدت من العراق منطلقا لها لتسحب بقواتها الى سوريا ... ولتعمل على نشر بعض مجموعاتها في ليبيا وسيناء وبعض اقطار المغرب العربي .
هدية الارهاب وجوائزه المقدمه ... ممن فشلوا في احداث الزلزال الكبير ... وتنفيذ مخططاتهم وسيطرتهم ... على من يريدون ان يسيطروا عليهم ... بعد فشلهم الكبير...وجدوا في جماعات الارهاب داخل كل دولة ... ومن خلال المساعدة والتسليح والتمويل وتسهيل التحرك ... امكانية مقبولة وممكنة ومتاحة لاحداث التخريب وزعزعة الاستقرار ... واستبدال ربيع الفوضى بالارهاب الاسود ... حتى يزداد العرب ضعفا ... ويزداد المتأمرين قوة ... بحسب ما يخططون ... ويدبرون ... في ظل فشلهم الذريع بتنفيذ ما قاموا عليه .
الارهاب المنتشر ... والذي لا يجد له حضورا وفعلا في اسرائيل مثلا ... ولا حتي في قطر ... وبالتأكيد ليس بتركيا ... الا ما يقوم به الاكراد وحزب العمال الكردستاني ... خارج سياق الارهاب التي نتحدث عنه .
من هنا فالجماعات الارهابية يتم محاصرتها ... وتضييق الخناق عليها ... والزامها بمناطقها ... التي لا تصل لها يد القانون ... حتى تجد تلك الجماعات الارهابية انها كانت بديلا عن ما يسمى بالربيع ... بعد ما فشلوا فشلا ذريعا ... وبعد ان تم نشرهم في بعض الاقطار العربية ... وكل ما يقومون بفعله تقديم المساعدة لهم وتسليحهم وتمويلهم ... وتحريكهم لتنفيذ عملياتهم بما يخدم مواقف من يمولون ويسلحون ... لتنفيذ مخططات سياسية ... ذات ابعاد اقتصاديه وامنيه استيراتيجية ... لاجل السيطرة والتحكم بمنطقة الخليج العربي .
المخطط اصبح واضحا وجليا .. ولم يعد بالامكان التخفي والتستر وراء شعارات زائفه .
فالاسلام السياسي يعيش ازمة كبيرة تولدت بفعل فشل ما يسمى بالربيع ... من خلال معظم احزابه وحركاته السياسية للاسباب التاليه :-
اولا :- ان المجموعات الارهابية والتكفيرية من ذات المدارس والمذاهب والمنطلقات الفكرية والتي تم رفضها كنماذج حكم .
ثانيا :- أن الاسلام السياسي قد اضعف بحكم هذه الجماعات المتطرفة والتي جعلت منه بموقف الدفاع عن نفسه وليس تحديد مواقفه وبرامجه التي يمكن اقناع الرأي العام بها بالعديد من الاقطار العربية والاسلامية .
ثالثا :- ان تجربة تلك الجماعات الارهابية بالعديد من الدول والمناطق قد اوصل رسالة واضحة بعدم امكانية حكمهم العادل ... بل ان دموية حكمهم وتعصبهم وخروجهم عن النصوص والاحاديث والمعتقدات الدينية الوسطية التي تؤمن بها الاغلبية قد اضعفهم ... وحاصروا انفسهم ... وجعلوا من انفسهم قلة قليلة ومنبوذة .... وغير قادرة على التأثيرالا بقدر ما تقوم به من قتل وتخريب وأحداث يتم الاعلان والاعلام عنها ... لتحسب عليهم ... ولا تحسب لهم ... وهي ليست بذات التأثير والاقتناع للغالبية العظمى .
من هنا كانت نتيجة الزلزال لما يسمى بالربيع ... ارهاب اسود وجد نفسه بمقدمة الطريق ... فاما الموت .... واما الاستسلام ... ما بعد فشل فكرهم واسلوب عملهم ... ولم يعد لهم من طريق او سبيل ... الا الخروج عن فكرهم المنحرف والمتطرف وعودتهم الى مجتمعاتهم ... حيث الوسطية بالاسلام والى حيث احترام الانسان والانسانية وحقوقها .
الكاتب : وفيق زنداح