من عد زلات الرفيق، جفاه! والأصل في المرافقة الموافقة، ولا موافقة بلا تسامح، والتسامح هو الطريق الوحيد للتصالح، ودون تسامح وتصالح، سيظل بئر الأحقاد ينعف علينا من الحيات السامة ما يعكر حياتنا الفلسطينية التائهة بيت الملفات المتروكة والاتفاقيات المهملة.
لا مصالحة دون مسامحة، وتعست الملاحقة، واللهاث خلف الانتقام والذبح والنحر والتشفي، وهذا ما أدركته كل الأطراف التي اكتوت بنار الانقسام، ودفعت الثمن على المستوى الشخصي وعلى المستوى التنظيمي، وعلى المستوى الوطني، لذلك فإن المتوجعين من الانقسام هم الحريصون على إنهاء ملف المصالحة المجتمعية، وهم في عجلة من أمرهم لإغلاقه، وهؤلاء هم:
1- أولياء الدم الذين وسدوا أبناءهم التراب، هؤلاء الناس قد تسامحوا، وسموا، ووافقوا على المصالحة، وإغلاق ملف الدم لمصلحة المجتمع والوطن.
2- القوتان الرئيسيتان اللتان اصطدمتا على أرض غزة في ذلك الوقت، ونجم عن صدامهما الانقسام، هاتان القوتان حريصتان على إنهاء ملف الدم، وإغلاق هذه الصفحة.
3- التنظيمات الفلسطينية الحريصة على وحدة المجتمع، ونزع فتيل الاحقاد، ومعظمها شارك في مهرجانات المصالحة، وبارك نتائجها الطيبة على أرض غزة.
4- الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه ومؤسساه وفاعلياته وقواه الوطنية، الشعب الفلسطيني هو الرابح الأول من تقطيب الجرح، وإغلاق فوهة بركان الانتقام.
دون ما سبق، فإن أي تأخير في إغلاق ملفات المصالحة لا يهدف إلا التشفي من المجتمع الفلسطيني، وتوظيف الأحقاد لمصالح حزبية، ولأهداف شخصية، وهذا ما يمقته شعبنا الفلسطيني، وهذا ما يرفضه وهو ينادي على المصالحة بين التنظيمات بأعلى صوته.
إن اختيار يوم الخميس الموافق 9 نوفمبر يوماً لإحياء ذكرى الشهيد أبو عمار، وتقديم ملف المصالحة بين يدي ذكراه، لدليل على أن المصالحة المجتمعية هي أفضل هدية يتلقفها الشعب الفلسطيني، ليبني عليها مستقبله السياسي، لتظل المصالحة المجتمعية أرقى إنجاز، وأصدق تصريح، وأنقى جميلة فلسطينية عشقها الشعب وهو يحيي ذكرى شهدائه، وهو يقسم أن يسير على دربهم، درب المقاومة، درب التضحية والفداء.
د. فايز أبو شمالة