تمر يوم الحادي عشر من هذا الشهر , الذكرى الثالثة عشرة على استشهاد ورحيل الزعيم القائد الرئيس ياسر عرفات ( أبو عمار) , مؤسس ورمز الكيانية الفلسطينية , وصاحب أول سلطة وطنية فلسطينية على الأرض الفلسطينية , ونحن والقضبة الفلسطينية نعيش وضعا جديدا وجيدا في ظل اتفاق المصالحة , والمؤشرات الوطنية بإنهاء حقبة سوداء استمرت لأكثر من عشر سنوات من الانقسام _ هذا الانقسام الذي لو كان أبو عمار موجودا لما سمح له أن يستمر , أو حتى يحصل من الأساس - حيث تحيي الجماهير الفلسطينية في قطاع غزة هذه الذكرى بعد غياب طويل , بعد أن كانت حركة حماس تمنع احياء الذكرى , في ظل المناكفات التي كانت قائمة بين حركتي فتح وحماس , ولعدم اظهار قوة حركة فتح في قطاع غزة , ومدى التفاف الجماهير حولها , من خلال الحشد في هذه المناسبات .. كما تأتي الذكرى في ظل التعنت والعنجهية الاسرائيلية في مواجهة استحقاق السلام الذي أراده أبو عمار , وكذلك الوضع الاقليمي والعربي الذي يمر بأسوأ الظروف في ظل الحروب المشتعلة والمدمرة التي تعيشها دول الجوار العربي , وتراجع الاهتمام الدولي بقضية فلسطين , وعملية السلام في الشرق الأوسط , وفي ظل الحديث عما يسمى " صفقة العصر " , التي يعد لها الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب.
تأتي الذكرى وحلم الرئيس الراحل لم يكتمل إثر التراجع الاسرائيلي عن تنفيذ اتفاقيات السلام , بعد أن تسلم اليمين الاسرائيلي الحكم منذ فترة ليست بالقصيرة , وبعد أن قام بقتل رئيس وزرائه اسحق رابين- الذي وقع اتفاق السلام في واشنطن عام 1993- , وأنهاه باغتيال الزعيم ياسر عرفات مسموما بعد حصار وتدمير لمقر الرئاسة برام الله , لتغرق المنطقة بعد ذلك في أربع حروب متوالية في أعوام 2006 , و2008-2009 , و2012 , و2014 , في ظل اداء فلسطيني ضعيف , وعدم وجود أي دعم واهتمام عربي , أو اقليمي أو دولي , وذلك بفعل الانقسام الفلسطيني , وتراجع دور مؤسسات الأمم المتحدة في لجم العدوان الاسرائيلي .
اليوم في ذكرى رحيلك يا سيدي أنت حاضر رغم الغياب .. أنت حاضر وفاء وحبا وتقديرا من شعبك الذي أحببت , ومن أجله ضحيت , وهم أكثر حبا واشتياقا لقائدهم ورمز قضيتهم .. وسيبقى شعبك يذكرك ولن ينساك ... يذكر أبو عمار الرقم الصعب ، أول وآخر من وقف في وجه المدفع ، وظل يصرخ في "حضارة الصم , أن آن لشعبي أن يعيش , ولدولة فلسطين أن تقوم , ولكن لا حياة لمن تنادي ، فهم الأموات وأنت حي في الذاكرة والقلب والوجدان ، وسنظل نصرخ وما قتلوك وما غيبوك ولكن شبه لهم ... سنبقى على العهد والوعد , كما كنت تردد دائماً , العهد هو العهد ، والقسم هو القسم " وإنا على عهدك يا سيدي سائرون , فها هو علم فلسطين يرفرف على سارية الأمم المتحدة , بعد الاعتراف الدولي بفلسطين , وها هو خليفتك الرئيس أبو مازن يحفظ الوصية , يحفظ الرسالة ويؤدي الأمانة , التي ائتمنته عليها , بألا يفرط في تراب القدس وفلسطين , يحافظ على الثوابت الوطنية , كما يردد دائما " إنني بعد هذا العمر الذي تعدى الثمانين , لن أفرط ولن أخون , وهذه السنين الثمانين لن أنهيها بتنازل أو نخاذل أو بيع " , وها هو يسعى بكل جهد وعزم إلى إنهاء الانقسام البغيض , والحفاظ على الوحدة الوطنية , ويرسم مستقبل القضية , مؤكدا أن العام القادم سيكون عام انهاء الاحتلال وقيام الدولة .
وفي النهاية وفي هذه الذكرى نقول , يجب التأكيد والعمل على كشف قتلة الزعيم الراحل أبو عمار , حتى ينكشف المستور , وترتاح النفوس , ومحاسبة كل عميل وجاسوس , ليحاسب ويعاقب بكشفه علنا , ومعرفة من المستفيد من عمله الخسيس , ومن يقف وراءه في هذه الجريمة النكراء وهذا العمل الجبان .
د. عبد القادر فارس