ثلاثة عشر عاما على رحيل الرئيس ياسر عرفات باعث الوطنية الفلسطينية وصاحب الكوفية العلامة الفلسطينية المسجلة عالميا بإسمه؛ عادة يعرف الرؤساء ببلدانهم أما في حالته تعرف فلسطين بكوفيته، دون نسيان بل افتقاد دائم. وكأن منصب الرئيس في فلسطين بقيت أو هي ملازمة له. فالأطفال الذين ولدوا بعد رحيله يعلمون عنه ويحبونه كأنهم عايشوه، فيما الكبار يتحسرون على زمانه وأيامه، وكلما أَلَمَ بهم أمر في فرحهم أو حزنهم ذكروه.
لا يتمكن أحد من المرور في يوم الحادي عشر من تشرين ثاني دون النظر في سيرة أبو الوطنية الفلسطينية وباعثها ورمزها ياسر عرفات، فسيرته بحد ذاتها تاريخ ارتبط به ومعه تاريخ شعب، وهو تاريخ ينطبق عليه تعريف ابن خلدون للتاريخ " في ظاهره لا يزيد عن إخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأولى، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات وحياتها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع واسبابها عميق". هذا الرجل العظيم يحتاج اليوم الى اعادة التعريف بمدرسته الوطنية الجامعة التي تبناها فكرا وممارسة، والتنقيب في سيرته ومسيرته النضالية الطويلة، والتنوير بفكرة أكثر من إعادة نبش قبره بأسباب موته وملاحقة الفاعل دون تقديم اجابة واضحة وشفافة لشعبه.
ومن جديد لا يحتاج الشعب الفلسطيني الى قرائن وبراهين وبيّنات وتحقيقات سويسرية أو روسية أو فرنسية أو حتى فلسطينية لإقناعه بمسؤولية اسرائيل وحكومتها عن اغتيال الرئيس الخالد سواء بالتسميم أو بغيره، فكل الشواهد لا تشير فقط بل تؤكد وتجزم بأنها أقدمت على اغتيال الزعيم الراحل ياسر عرفات بحصاره بالمقاطعة بأوضاع صحية ونفسية صعبة حالة دون ممارسته لمهامه التي منحته اياها ليست فقط القوانين والدساتير بل محبة شعبه والهامة وشخصيته والكاريزما التي تحلى بها طوال نصف قرن من النضال الوطني وأكثر. لكن في المقابل على لجنة التحقيق ان تعلن نتائجها لإنهاء هذا الملف التحقيقي من جهة، وتوفير الطاقة والجهد لصالح النهل من منهجه من جهة ثانية.
في الذكرى الثالثة عشر يستقبل ياسر عرفات في فناء ضريحه الجموع والاستماع لحناجرهم تصدح حبا ووفاء وتقربا وكأنها تناديه بالعودة الى الحياة، وكأنها ترغب بعودته للنظر في حالها وأحوالها. يطل الخالد من مكتبه في متحفه في طرف الضريح، متحف الذاكرة الوطنية والعرفاتية، على الفلسطينيين ليعيد بريق الامل لهم من ظلام النفق الذي يعيشه الشعب الفلسطيني. فسلاما لروحه الخالدة، والاحترام لإرثه الهادي الذي يحتاج منا العناية والنظر والدرس والتحقق والتحقيق للحفاظ عليه.
في المقابل ترنو الجموع المتحفزة في الشق الاخر من الوطن للمشاركة في تخليد ذكرى استشهاده الثالثة عشر، بعد انقطاع لسنوات، لتصويب المسار والعود لمنهج أبو الثوار وصاحبهم ورفيقهم في معقل الوطنية الفلسطينية "قطاع غزة".
بقلم/ جهاد حرب