حشود مهيبة لا نبالغ في تعدادها ... ولا نحاول ان نثبت انها مليونية قد تزداد بجماهيرها الواسعه والمنتشرة بساحة السرايا والشوارع المحيطة بها ... حتى ان التقديرات تصل الي ما يزيد عن المليون من نساء وابناء فلسطين ... أبناء غزة هاشم الذين اثبتوا على مدار التاريخ مدى انتمائهم وحبهم لوطنهم ... كما محبتهم لحركتهم فتح والتفافهم حولها ... كما محبتهم لقائدهم ورمزهم ياسر عرفات ... والذين اكدوا بحشوداتهم أنهم الحريصون والمتمسكون بشرعية قيادتهم المتمثلة بالسيد الرئيس محمود عباس .
لقد جاء خطاب الرئيس محمود عباس بهذا الحدث الكبير ... وبهذا الوفاء الكبير... ومن خلال هذا المهرجان ... مهرجان الوحدة والدولة لتتعدد رسائل هذا المهرجان للداخل والخارج ... والى حيث صناع القرار في هذا العالم ... الذي شاهد بأم أعينه ما يزيد عن المليون من الجماهير المحتشدة بذكرى قائد عظيم استشهد قبل ثلاثة عشر عاما .
هذا الوفاء المتجدد ... والانتماء الوطني ... والحرص السنوي ... كما الحرص الدائم ... وعلى مدار اللحظة ... وبكافة المحطات والمنعطفات والتي يتم الحديث فيها عن الوفاء للقائد المؤسس الرمز الشهيد ياسر عرفات ... ليس حديثا عابرا ... ومحاولة لسرد التاريخ ... ولكنها قناعات وطنية فلسطينية ... تؤكد ان مسيرة الشهيد ياسر عرفات وما وصلت اليه ... وما تم تحقيقه من انجازات سياسية ... وما تم تأكيده من صمود وثبات اسطوري ... جعل من العدو المحتل ان يخرج عن صمته ... وان يضع سمه ... حتى يتم اغتياله ... نتيجة رفضه وصموده وتمسكه بثوابت شعبه وقضيته .
التاريخ لا زال ماثلا أمام اعيننا ... وبذاكرة كل منا ... والذي يؤكد لنا ولغيرنا أن الشهيد الرمز ياسر عرفات قد تم اغتياله ... بعد ان تم حصاره على مدار ما يزيد عن 3 سنوات داخل مقر المقاطعه ... وبعد ان تم ممارسة كافة الضغوطات السياسية والعسكرية التي تهدد حياته ... والتي لم تحرك من ثباته ... كما لم تحرك من صموده ... كما أكدت على تمسكه بحقوق شعبه ومشروعه الوطني التحرري .
نتيجة للصمود ... والثبات ... والرفض القاطع ... لما تم طرحه سياسيا في واي ريفر وطابا ... كان ثمنه السياسي حصارا دائما ... واغتيالا بطيئا .
استشهد ياسر عرفات ... وظن الواهمون أن بأمكانهم ان يمرروا مخططاتهم ... وان ينالوا من القضية والشعب ... لكن المفاجأة والتي تجاوزت تقديراتهم السياسية ... ومجمل توقعاتهم ... أن كان خليفة الشهيد ياسر عرفات الرئيس محمود عباس المتمسك بالثوابت والحقوق ... والواضح بسياساته ... والداعي الى السلام وفق قرارات الشرعيه الدولية ومبادرة السلام العربية ... سياسة فلسطينية واضحة تستند الى مفهوم حل الدولتين على اساس الانسحاب الاسرائيلي لحدود الرابع من حزيران 67 واقامة دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس ... دولة خالية من المستوطنات والمستوطنين ... ودولة ذات حدود وسيادة .
السلام الفلسطيني الذي يؤكد عليه الرئيس محمود عباس بكافة لقاءاته وخطاباته ... ومن خلال كافة جولاته ... وخطاباته أمام الامم المتحدة ومدى الانجازات التي تتحقق على طريق الاعتراف بدولة فلسطين من قبل كافة اعضاء الجمعيه العامه ... وما حققته السياسة الفلسطينية من اعترافات وعضوية بالعديد من المؤسسات الدولية .
هذا المشهد السياسي الفلسطيني بعد ان تقدمنا على طريق المصالحة الوطنية ... وانجاز العديد من ملفاتها ... والسعي الدائم لانهاء كافة الملفات من خلال لقاء الشهر الحالي للقوى الفلسطينية الموقعه على اتفاقية 2011 وبرعايه مصرية كريمه ... وبجهود مصرية مستمرة لانجاز باقي ملفات المصالحة .. وحتى نكون على بداية الطريق ... ونمتلك من القدرات والطاقات ... ما يمكننا من مواجهة كافة الحلول السياسية المطروحة بقوة اكبر ... وبتماسك فلسطيني وبدعم مصري شقيق .
لقد كان مهرجان اليوم وخطاب الرئيس محمود عباس خطابا شافيا وقاطعا وملبيا لحدت تاريخي هام ... كما انه كان خطاب الرسائل العديدة للداخل والخارج والتي اختصرها بالتالي :-
اولا :- الجماهير الفلسطينية التي خرجت اليوم انما تؤكد على ثقافة الوفاء والسلام للقائد الشهيد ياسر عرفات كما وتؤكد التفافها حول قيادتها الشرعية المتمثلة بالرئيس محمود عباس وبحركتها الرائدة فتح قائدة المشروع الوطني التحرري .
ثانيا :- لكل من يعتقد واهما حول امكانية تجاوز الشرعيه الفلسطينية ... او حتى تجاوز الحقوق الوطنية ... في ظل معادلات سياسية متغيرة تحكمها المحاور والتحالفات والمصالح ... يكون واهما ... وغير قارءا للمسيرة النضالية الفلسطينية .
ثالثا :- غزة هاشم بشعبها المحاصر والذي يعاني الويلات والازمات وتبعات انقسام استمر 11 عام لم يتأخر عن الخروج والمشاركة والاعلان بأعلي الصوت حول حقوقه وتمسكه بشرعيته وقيادته المتمثلة بالرئيس محمود عباس .
رابعا :- الظروف الاقتصادية والمعيشية وحالة الحرمان التي وصلت الى حد غير مسبوق لجماهير قطاع غزة لم يمنعها من ان تؤكد انها الرقم الصعب والمؤثر والفاعل في أي معادلة سياسية ... تتطلب التفاف الجماهير حول قيادتها وزعيمها محمود عباس .
خامسا :- لقد اثبتت قيادة حركة فتح بالمحافظات الجنوبية متمثلة بالاخ القائد احمد حلس انها قيادة جديرة بالثقة وان التفافها وفعلها وجماهيريتها التي ازدادت بفعل سياستها الواضحة ... والتصاقها بالجماهير ...ومتابعتها التنظيمية وحراكها الفتحاوي الفاعل ... انما اكدت على التمسك بشرعيه وجودها ... وشرعية قائدها محمود عباس ... في اطار الحركة الرائدة والقائدة فتح .
سادسا :- جماهير غزة بكافة فئاتها وشرائحها .. وبكافة المنتمين لحركة فتح والمناصرين والمحبين لها ... وعموم سكان القطاع ارادوا ان يجددوا رسالتهم ... رسالة الاخلاص والوفاء لقيادتهم الشرعيه ولحركتهم الرائدة فتح ... برغم ما بداخلهم من الام يطول الشرح والتفصيل فيها .
حقا انها غزة هاشم ... حقا لها كل الفخر والاعتزاز ... لقد كانت البداية لعودة القائد الشهيد ياسر عرفات ... كما كانت المدينة الاكثر نضالا ووفاءا وتضحية ... ولا زالت تمثل ارادة التحدي من خلال شعبها الوفي ... الذي يؤكد بكافة المحطات ... ومهما ازدادت المصاعب والتحديات على انه شعب الوفاء ...والمخلص والثابت على موقفة .
فلسطين التي ارادوا ان يخرجوها من التاريخ والجغرافيا منذ العام 1917 قد عادت بتضحيات شعبنا بكافة شهداءه وجرحاه واسراه ... كما ان كل فلسطيني لا يرضى بديلا عن وطنه ... كما كل فلسطيني لا يرضى بديلا عن ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية .
بهذه الكلمات التي قالها السيد الرئيس ... وبتمسكه بخيار السلام ومفهوم حل الدولتين ... والمضي قدما على طريق المصالحة ... والوفاء لقائد المسيرة والرمز ياسر عرفات ... كان اهمية هذا الخطاب والذي كان معبرا أمام هذا الحشد المليوني ... حتى تكون الذكرى ... ذكرى لتجديد الامال بالمستقبل ... وليس تعميق الاحزان .
الكاتب : وفيق زنداح