لم نكن نرغب بالخوض بغمار الحديث حول هذا الموضوع ... لاعتبارات ذات حساسية عالية ... تصل بحدودها الى اكثر من المقدسات على حد تعبير البعض ... وما يعرف بالخطوط الحمراء كما يقال ... وكأن من يقترب من الحديث ... يكون قد دخل الى منطقة محرمة بفعل حرام بين ... على عكس صحيح الدين ... والوطنية ... والقضية واوضاعها وظروفها الداخلية والخارجية ... كما المقاومة واوضاعها... كذلك السياسة واحوالها .
وكما يقال للكلام روح ومضمون ... ولكل فعل نتائجه ... ولكل نتيجة مؤثراتها وفعلها ... وحتى تكون البداية صحيحة ... ومن جذور التاريخ ... وليس من اخره فالمقاومة الفلسطينية عمرها مئة عام ... وليست وليدة الزمن الحالي باختلاف معيار قوتها وتاثيرها ... كما ان السياسة ايضا وليدة مئة عام وليست وليدة الزمن الحالي بصرف النظر عن انجازاتها الحالية وما حققته من انجازات دولية ... أي ان الحديث ليس مستجدا ... ولا محرما ... ولا خطا احمر ولا خطا اخضر ... بل كافة القضايا يجب ان تطرح بقوة وبفكر متوازن وبارادة حرة ... بعيدا عن العواطف والشعارات ... والحسابات الضيقة .
الحديث عن سلطة ... وسلاح ... وقانون ... وقرار واحد ... ليس جريمة ... بل مطلب ... ولكن في ظل طرح السؤال التالي ... هل نحن نريد سلطة ... وحكومة وقانون ؟! اذا كان الجواب (نعم) ... فهذا يترتب عليه الكثير من القول ... واذا كان الجواب (لا) فالاختصار أفضل وليضع كل منا بضاعته بيده وجيبه وليذهب كلا منا الى منزله ليجلس مع عائلته ... اذا ما كان هناك امكانية لذلك .
سنأخذ بجواب اننا نريد سلطة ... حكومة ... قانون ... وسلاح واحد .. سنبني على هذه الفرضية الوطنية ... والتي تتطلبها مصالحنا العليا ... ليس لأننا قد تراجعنا ... او فشلنا ... او نحاول التهرب من مسؤولياتنا ... او التنازل عن خياراتنا ... بل دراسة متأنية محكومة بحسابات سياسية داخلية وخارجية ... وبمقومات قوة تعرف طريقها ... والى اين يمكن ان تصل .
الجواب أننا نريد سلطة شرعيه قانونية واحده ... كما نريد سلاح واحد ... يفتح المجال واسعا للحديث حول ما نحن عليه ... وما نتحدث به ... وما يتم التصريح حوله من أن سلاح المقاومة لا يجوز الحديث عنه ... كما من غير المسموح الاقتراب منه ... وأن مجرد التفكير هو جنون وخيال ... وفعل مشين وجبان ... وخيانة عظمى لا تغتفر كما يصف البعض .
لكل وجهة نظر مداخلها ومخارجها ... اسبابها واهدافها .
الحديث عن سلطة شرعيه وقانون وسلاح واحد ... لا نعرف اين تكمن المشكلة ؟! فهل المشكلة بوجود سلطة وقانون وسلاح واحد ؟! أم ان المشكلة اننا نريد ان نجمع بين السلطة ومميزاتها والمشاركة بها والاستفادة القصوى من وجودها ... في ظل حالة منفردة لكل منا كما لكل منا زمانه ومكانه وخياراته التي تتحدد وفق قيادة هذا الفصيل او ذاك ... او حتى وفق ارادة شخص هنا وهناك .
كلام واضح وصريح ولا لبس ولا غموض فيه .. لا سلطة ... يعني الفوضى .. وعلى الاقل فصائل متعددة ... لكل منها قرارها ... كما لكل منها مفهومها ... كما لكل منها منطلقاتها وسياساتها ... فأين ستكون النتائج ؟! .
أما سلطة قانون لها مقومات قوتها وسيطرتها الكاملة .. إما حالة من الفراغ ... ولكل منا أن يفعل ما يشاء ووقتما شاء واينما شاء ... فهل هذا يمكن ان نقبل به ؟! .
اشكالية حقيقية ... وازمة مستعصية ... وافكار متناقضة ... واليات متباعده ... ووسائل مختلفة ... وبالتأكيد أهداف مغايرة .
سنذهب الى القاهرة وملفاتنا مفتوحة ... لكننا نريد ان نبدأ بالسهل ... ولا نريد ان ندخل بالعمق ... نريد ان نكون على هامش الكلام وليس بجوهر الكلام ... نريد ان نشعر من حولنا أننا نسير على الطريق واننا قد اقتربنا من الوصول الى نهاية النفق ... لكن الحقيقة اننا بقلب النفق بكل ظلامه وسواد ليله ولم نسعى للخروج من هذه الظلمة ... وهذا الظلام ... الى حيث النور والضوء والى حيث المكاشفة والصراحة وصدق الكلام .
هذا عنوان كبير ولا امتلك قدرة الحديث المطول ولا حتى الوصول الى عمق الحديث ومضمونه ... ليس جبنا ... ولكن لحسابات دقيقة أعرف أن من يقرأ او يستمع ... سوف يحاول أن يفتعل غضبا مصنعا ... غضبا مفتعلا لأن الجميع منا يعرف الحقيقة ... ولا يقول لي أحد انه لا يعرف الحقيقة ... ربما هناك من المغيبين التائهين ... الغير عارفين بالسياسة ودهاليزها والظروف المحيطة بها اقليميا ودوليا... وما يطلق من تصريحات
حقيقة الامر ... وللتاريخ ... وحتى لا نخون انفسنا ... وحتى لا نضيع على حالنا من فرصة ذهبية قد لا تعوض .. وقد لا نعود اذا ما امعنا العقل والفكر ... وامتلكنا الارادة والصراحة وترك الكثير من الثقافة والشعارات والتي ملئنا السماء بها ونحن لا نمتلك ان نحقق شعارا واحدا منها .
كلام صعب ... ومرير لكنه الحقيقة التي لا يقبل بها الجميع ولكن يعرفها الجميع .. ولنعود إلى السؤال هل نحن نريد سلطة شرعيه قانونية وقرار واحد ... وسلاح واحد ... أم أننا لا نريد ؟! ... وإذا كنا لا نريد هل نحن على استعداد وجاهزية لتحمل تبعات مثل هذا القول ؟! وما يترتب على هذا الواقع ؟!
لقاء القاهرة بعد أيام ليس للاستماع ... بقدر ما نحن بحاجة إلى أفكار حقيقية تجيب على العديد من الأسئلة بكل شجاعة وصراحة ... حتى يمكننا الخروج من مأزق الانقسام وملفاته التي نعقدها ونتشابك بتصريحاتنا حولها ... وكأنها غير قابلة بالحل ... مع أن الحل يكمن بوجود سلطة شرعية قانونية ... وسلاح واحد وقانون واحد في إطار الشراكة وعضوية الجميع بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية ... وان نمارس حقنا الانتخابي الديمقراطي ... وان نعزز من مقومات أمننا واقتصادنا ... وتلبية احتياجات شعبنا الذي يعاني الأمرين من كوارث وانقسام 11 عام ... وحتى لا نبقي على حالة الدوران حول أنفسنا ونخرج من اجتماعاتنا دون نتائج ملموسة قادمة ... في ظل تحديات قادمة... ومتغيرات قادمة ربما لا نستطيع تحملها ويجب أن نكون بقدر الإجابة على تساؤلاتها وطرحها ومبادرتها حتى نبقى على الخارطة السياسية ... فهل نستطيع ؟!!
بقلم/ وفيق زنداح