ليس سرا ان القوى السياسية التي سوف تجتمع بعد ايام بالقاهرة تمثل نفسها اولا ... كما تمثل شعبيتها ثانيا ... كما انها لا تمثل الجميع ثالثا ... وليس بهذا القول تقليلا ... او تحجيما ... او تقزيما لتلك القوى التي نحترمها ونجلها ونقدرها بفعل نضالها ومسيرتها الطويلة ... وبحكم مسؤولياتها الوطنية والتاريخية ... الا اننا اليوم بمفترق طرق لم تجدد فيه الشرعيات ... ولم يتم انتخاب تلك القوى من جديد للقول والفصل ... والاعتراض على ما نتمنى ان نحققه من لقاء القاهرة بانهاء كافة الملفات بما فيها تمكين الحكومة بكافة صلاحياتها الادارية والامنية ... وحتى نلمس ان لدينا حكومة تسيطر وتمارس نفوذها وتطبق قراراتها دون اعاقة او تعطيل .... وبقوة القانون والتزام الجميع بقراراتها .
للحقيقة وللتاريخ ... وحتى لحظة كتابة هذا المقال فما جرى ما بعد الاتفاق بالقاهرة حتى الان لم يعبر عن مفهوم التمكين لحكومة الوفاق ... لان استلام بعض المقرات والوزارات كما استلام المعابر الحدودية ... لن يعتبر بالمفهوم الشمولي والتفصيلي والنهائي ... ان حركة حماس قد سلمت ما لديها ... لان المطلوب ليس ان تسلم حماس ما لديها ... بقدر ما هو مطلوب ان تكون حماس والجهاد كما فتح والجبهتين وكافة الفصائل الوطنية والاسلامية شريكة بحكومة وحدة وطنية ... وبقرار وطني واحد ... وبسلاح وطني واحد .
لان ما جرى حتى الان ... لا يعبر عن تمكين حكومة الوفاق ... بل ان الاستلام لمقرات ومؤسسات ... لا يعتبر تسلم وتسليم كامل بالمفهوم الاداري والقانوني ... كما ان استلام المعابر الحدودية وحتى لا نكبر الموضوع وتحديدا معبر رفح البري يحتاج الى ترتيبات فلسطينية وتنسيق كامل مع الاشقاء بمصر لاجل فتحه بصورة تخدم كافة المواطنين ... اما بخصوص معبر بيت حانون وكرم ابوسالم فالجميع يعرف مدى ارتباطها بالاحتلال وفق اليات طال امدها ... ولا يتواجد على الجانب الفلسطيني الا موظفي السلطة الوطنية ومنذ سنوات ابان الانقسام الاسود ... ولم يكن هناك وجودا لحماس الا ما بعد اجراءات الدخول للافراد والبضائع ووجود حاجز لاخذ الضرائب التي قررتها حماس خارج اطار المعمول به .
أي ان حركة حماس شريك الوطن ... وشريك السلطة بحكم اغلبيتها بالمجلس التشريعي ... لم تقوم بكل ما عليها من واجبات والتزامات ... وبعكس كافة التصريحات التي يؤكد فيها الناطقين ان حماس قد عملت ما عليها ... وقدمت ما لديها ... وان ما تبقى يقع تحت مسؤولية السلطة الوطنية وحكومة التوافق ... وهذا كلام منقوص ... وغير مكتمل ... ولا يعبر عن الحقيقة الكاملة لما يجب ان تقوم به حماس ... كما لا يعبر عن مدى الواجبات والمسؤوليات التي يجب ان تفوم بها الحكومة والسلطة الوطنية حتى الان .
القوى السياسية التي سوف تجتمع بقاهرة العروبة وبرعاية مصرية كريمة تعرف حجمها وجماهيرتها ... وانها لا تمثل القاعده الجماهيرية الاوسع وان هناك جماهير واسعه غائبة بجلسات الحوار لها رسائلها ... كما لها صوتها ... كما لها حضورها ... حتى وان كانت غائبة لتعدادها الكبير ... والتي تعد بالمليونيات ... والتي يستحيل وجودها على طاولة حوار لبحث ملفات متعدده .
القوى السياسية والتي نقدرها ونجلها ونقدر مسيرتها النضالية الطويلة ... كما لا ننكر عليها تمثيلها ... وجماهيريتها الا انها يجب ان لا تنسى شعبها وجماهيرها التي تنتظر منها ... كما تنظر اليها بعيون المتمنين ... وبقلوب المحبين ... وبارادة قوية لا تلين ... وبفكر وطني سليم ... وبرؤية شمولية تعرف طريقها ... الى اين المصير ... كما تعرف الملفات والقضايا وما يجب ان تصل اليه من حلول .
وحتى تكون الامور واضحة وصريحة والى الحد الذي لا يزعج احد ... ولا يغضب احد ... فان ابناء الشعب الفلسطيني بالداخل والخارج لهم ممثل واحد ووحيد منظمة التحرير الفلسطينية وان كل فرد من ابناء الشعب الفلسطيني ... يعتبر عضوا بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والجهة الوحيدة المخولة وصاحبة القرار الوطني .
لماذا نقول ذلك ؟ّ! ونحن نعتز ونفخر بكافة القوى السياسية التي سوف تجتمع بالقاهرة لتاريخها .. وحاضرها .. ومسيرة نضالها وقوافل شهداءها وجرحاها واسراها .. نقدرها ولا نجاملها ... ولا ندعي محبتنا لها ... لكنها الحقيقة التي نجمع عليها لكننا بذات الوقت لا نجمع على ان أي تعطيل ... او تخريب او افشال ... او عدم الوصول لاتفاقية نهائية لانهاء الانقسام الاسود ... واتمام الصالحة الوطنية ... وتعزيز وحدتنا الداخلية والمشاركة بمؤسساتنا الوطنية ... يمكن ان يمثل القاعده الجماهيرية الاوسع والغالبية العظمى من جماهيرنا التي تبنى امالا كبيرة ... بل تجدد من امالها مع كل لقاء بقاهرة العروبة ... حتى نتخلص من تبعات وازمات وكوارث هذا الانقسام الاسود التي طال حياتنا ... وحتى وصل الى عظمنا ... وحتى نال من اطفالنا ومرضانا وشيوخنا ونساءنا ... كما طال من شبابنا وجعلهم قوة هامشية لا حول لها ولا قوة بفعل بطالة وثقافة دخيلة ... وانحراف فكري ... وادمان مجتمعي اوصل البعض الى حالة الموت السريري نتيجة اوضاع مأساوية كارثية ... وغياب للمسؤولية .. واستمرار لحالة التنظير السياسي ... والتصيد الكلامي .. كما استمرار التمسك بالمواقف ... والتي يعتبرها البعض مقدسات في ظل محاولة التهرب من مفهوم السلطة الواحده ... والقرار والقانون والسلاح الواحد .
موقف شعبي جماهيري يعي ما يقول ... ويدرك كل معنى لكل حرف وكلمة يقولها ... ويبعث بها برسالة الى الاشقاء المصريين اصحاب القرار والنفوذ والمتابعين لملفات المصالحة الفلسطينية والذين يعرفون قبل غيرهم ان الذين يجتمعون بجلسات الحوار القادم بالقاهرة ... هم قوى سياسية مناضلة ومحترمه ولها قواعدها وجماهيرها ... لكنها لا تمثل الجميع ... وان الغالبية العظمى من شعبنا الرافض للانقسام ... كما الرافض للمزايدات ... كما الرافض لغياب القانون والقرار والسلاح الواحد .
شعبنا الفلسطيني الذي يفخر بقواه السياسية ... ويعتز بها ... ويثق بموقفها وقدراتها ... لا يعني بالمطلق القبول بما يتجاوز تطلعاتنا والاماني التي نعيش عليها بحكم تجربة طويلة دفعنا ثمنها من دماءنا ومن ابناءنا ومن ممتلكاتنا ... ثمن باهظ تم دفعه بايمان واقتناع ... ودون تردد ... حفاظا على كرامتنا الوطنية وحقوقنا الشرعية ... ولم نلتفت لمصالحنا الفئوية والحزبية ... ولكن كانت نظرتنا وطنية شمولية ادركنا فيها المخاطر والاخطار ... وفضلنا فيها مصالح الوطن ... دون تردد ... وبعيدا عن سياسة المناكفة والتجاذبات والمزايدات والتصيدات التي يتفنن بها البعض دون البعض الاخر .
نقول هذا الكلام ... ونحن لا نتمنى قوله ... لكنها الضرورة الوطنية والمصالح العليا .. التي تفرض قول الحق والحسم لكافة القضايا والملفات .... وعدم ترك الامور على غاربها واجتهادات اشخاصها ... وحتى اجتهادات فصائلها ... وليقول كل فصيل ما يريد ... لكن الوطن والشعب ليس ملكا لفصيل ولا حتى ملكا للقوى المجتمعه بعد ايام بالقاهرة .
لا .... يا سادة ..... هنا على ارض الوطن شعب يعي ما يريد ... ويدرك بحكم تجربته ... ثقافته .... ووعيه الوطني .... ومصالحه العليا ... ان المصالحة الوطنية خيار وحيد ... ولا مجال الا للنجاح اذا كنتم تريدون ان تكونوا الممثلين الحقيقيين لنا ... ولا مجال للفشل المرفوض قطعا ونصا ... كما لا مجال للترقيع وترك الثغرات بداخل الملفات دون حلول ... ومعالجة جذرية .. ولا مجال لترك أي ملف ملغم بمقدسات البعض من الذين يحاولون تضخيم الامور الى الحد الذي يصل بنا حتى الى الخوف من الحديث عنهم .
الامور يجب ان تكون واضحة للجميع .... ان كافة القوى السياسية المجتمعه بالقاهرة بعد ايام .. ومهما كانت مساحة التفاوت بقاعدتها الجماهيرية ... فان القاعده الجماهيرية الاكبر ليست جالسة معكم ... لكنها الحاضرة باهدافها ومواقفها ... وقناعاتها الثابته والراسخة والمحبة لكم جميعا ... والمتمسكة بتمثيلكم في اطار منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .
الجميع يجب ان يحدث المتغيرات الواجبة حتى نستمر بسفينة الوطن الى بر الامان ... وان لا نغرقها بمحاولات واجتهادات ومزايدات ... لشعارات فضفاضة ... الجميع يعرف حقيقتها كما الجميع يعرف مدى القوة التي نمتلكها ... كما حالة الضعف التي نعيشه ... الجميع يعرف ما يجري داخل الوطن ... والاقليم ... والعالم بأسره ... كما الجميع منا يعرف عدونا المحتل وجرائمه وادوات قتله ووسائله وقدراته التي يستخدمها .
لسنا مستجدين بالسياسة ... كما لسنا من هواة النضال والتحرر ... ولسا غافلين عما يجري داخل الوطن ... والاقليم والعالم .
الجميع على طاولة الحوار يعرف الحقيقة الكاملة ... وما يجب الانطلاق منه بحضور من يتواجد ... وان لا ينسى احد ان هناك الاغلبية العظمى ... والتي تدفع كافة الاثمان والتي لم تحضر ... لكنها الحاضرة ... بعقول وقلوب وارادة كل من يتحاور ... ومن يرعى هذا الحوار من ابناء مصر الشرفاء الذين يعرفون بكافة تفاصيل حياتنا ... كما يعرفون بحقيقة قضايانا ... كما الذين يدركون مسؤولياتهم القومية والتاريخية ... والتي تعطيهم الحق الكامل ... بالزام الجميع ... بما يحقق مصالح فلسطين وشعبها ... حريتها واستقلالها وبناء دولتها ... وتعزيز شرعياتها .
بقلم/ وفيق زنداح