بتاريخ 29/11/2012، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بمنح فلسطين وضع مراقب بالأمم المتحدة، وبموجب هذا القرار، انضمت دولة فلسطين العضو المراقب الى الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان، والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الانسان، وتم بموجب ذلك وضع حدا للمزاعم الاسرائيلية بأن الأرض الفلسطينية هي أراض متنازع عليها، وكون أن (اسرائيل) دولة في الأمم المتحدة، يعني انطباق اتفاقيات جنيف الأربعة والقانون الدولي الانساني عليها، وعدم تنصلها من التزاماتها، وبالتالي اعتبرت (اسرائيل) قبول دولة فلسطين في محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، ومنظمة الشرطة الدولية "الانتربول"، ومنظمة اليونسكو، صفعة لها، وتهديد دائم لمجرمي الحرب من ضباطها وقادتها، لسهولة تقديمهم لمحكمة الجنايات الدولية، ومن هنا جاء التهديد الامريكي الأخير ضد مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية، والذي تعاملت معه القيادة الفلسطينية بكل قوة وبالمثل، وقد أصدرت الرئاسة الفلسطينية وقف كافة الاتصالات مع الادارة الأمريكية، لحين عدولها عن قرار اغلاق المكتب وهو ما تم بالفعل فجر هذا اليوم الأربعاء حيث تم الغاء القرار واستمرار فتح المكتب، مما يسجل انتصارا حقيقيا للمنظمة، ولدولة فلسطين.
منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ووفقا للقانون الدولي، فإن م.ت.ف تمثل الشعب الفلسطيني في كافة مناطق تواجده في الداخل والشتات، ولهذا كان رد فعل القيادة الفلسطينية تجاه التهديد الأمريكي واسعا وسريعا وموجها، فمنظمة التحرير هي حركة تحرر وطني، ولتمثيلها وضع قانوني اوسع واشمل من مفهوم الدولة في القانون الدولي، والانحراف الأمريكي في قراره الأخير، جاء لخلط الأوراق، فهناك فرق بين م.ت.ف كممثل للكل الفلسطيني، وبين السلطة الوطنية الفلسطينية ككيان نشأ وفق اتفاق أوسلو الذي أفشلته (اسرائيل) وفرغته من مضمونه، وأصبح من الصعوبة العودة له، ولذلك فمن الأولى على ادارة ترامب أن تعترف اولا بدولة فلسطين، وأن تحصل فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، لكي يتم بعد ذلك التفاوض حول تبادل الأراضي ومجريات العملية السلمية، وفق القانون الدولي دون المساس بالوضع القانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وفي قراءتي للتهديد الامريكي الاخير ضد مكتب م.ت.ف في واشنطن، لم أجد اختلاف جوهري بين الاملاءات الاسرائيلية على القيادة الفلسطينية، للاعتراف بالدولة القومية اليهودية كشرط للعودة للمفاوضات والنظر في امكانية حل الدولتين، وبين الموقف الأمريكي الذي رهن استمرار فتح مكتب المنظمة بموافقة القيادة على المفاوضات المباشرة مع الاحتلال مع استمرار الاستيطان في نفس الوقت، وبدون مرجعيات دولية او ضمانات او اعتراف اسرائيلي مسبق بالدولة الفلسطينية، لذلك ان التهديد بإغلاق مكتب م.ت.ف، يندرج تحت مفهوم التجزئة والانتقائية والابتزاز الامريكي في طريقة تعاملها مع القضية الفلسطينية، وهو نذير شؤوم وحذر مما قد تخرج به الخطة الأمريكية الغير معلنة حتى الان والتي تهدف لمعالجة او انهاء الصراع القائم في المنطقة .
يتضح اليوم، وبعد تراجع الادارة الامريكية عن اغلاق المكتب، أنه من الصعب على (اسرائيل) منع قبول الفلسطينيين في منظمات دولية، وعلى الادارة الامريكية التعامل مع القرارات الدولية الخاصة بالوضع القانوني والانساني للشعب الفلسطيني، لأن فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة، وأصبحت أحد اشخاص القانون الدولي الذي ينظم العلاقة فيما بين الدول.
ملاحظة: التقديرات الاسرائيلية، تقرر أن استمرار قبول دولة فلسطين عضو في المنظمات والهيئات الدولية، يعني أنها ستحصل على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، دون مفاوضات مع (اسرائيل)، وبالتالي يتضح هنا حجم الخطر الذي تعاني منه (اسرائيل)، لهذا تخرج التصريحات المستمرة والتهديدات ضد الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية واتهامهم بممارسة الارهاب السياسي والدبلوماسي ضد اسرائيل في المحافل الدولية.
بقلم/ د. مازن صافي