بعد أن تراجعت فكرة كونداليزا رايس بإمكان الإسلام السياسي المعتدل أن يكون طليعة ويكون الواجهة في قيادة منطقة الشرق الأوسط ، تكون تلك الفرضية مرة أخرى لدى الخارجية وراسمي السياسية الأمريكية في مجلس الأمن القومي الأمريكي والغربي بشكل عام ، ولذلك أسباب وهي صعود قوة الدولة الإيرانية وتمددها وإتساع نفوذها وماسببته وجهة النظر الأمريكية القلقة من الزعيم العراقي صدام حسين والتي أدت إلى اجتياح العراق وحكم غالبية الطبقة المذهبية في العراق وهي طبقة الشيعة التي تمثل 60% من سكان العراق والتي على أساسها شكلت مليشيات طائفية قادتها وجاهات دينية ورئاسة الوزراء لحكم المالكي والتي أدت إلى تحول المقاومة العراقية ضد العدوان الأمريكي إلى قوى تواجه حربا طائفية ونفوذا طائفيا في الدولة العراقية والتي أدت إلى تقسيم العراق معنويا ومذهبيا وفرضيا .
إتجاهات الريح والأحداث والرمال المتحركة في المنطقة ترسم خرائط الجغرافيا السياسية ليس بالفوضى فحسب بل بسفك الدماء وكثر من الضحايا لتستقر في النهاية الخرائط السياسية لكيانيات مستحدثة وجديدة .
يبدو أن تشابكات الصراع في المنطقة تعود إلى منطق كونداليزا رايس في أسس تشكيل خريطة الصراع وأدواته في منطقة الشرق الأوسط والتي نظرت لها بالفوضى الخلاقة "البناءة"
إتجاه الرمال المتحركة الآن لرسم الخرائط السياسية التي يتبلور عنها ثلاث قوى رئيسية لا تبتعد أمريكا عن رسم خطوطها وتوازناتها في المنطقة بما يناسب مخططاتها الأمنية وما تدعيه من أمنها القومي وخاصة أن الأمريكان لا يتوقعون نجاحا في للاتفاقية مع إيران بخصوص برنامجها النووي والتي تلعب إسرائيل دورا مهما في تثبيط أي أسس لتنازلات أمريكية أو متبادلة بخصوص هذا البرنامج وإن بدت أمريكا ضعيفة لتمدد إيران في العراق واليمن وسوريا ولبنان وهي مناطق استراتيجية هامة في الجغرافيا السياسية في منطقة الشرق الأوسط.
1- القوة والطموح الإيراني والتمدد الذي نتج عن توازن الرعب بين حزب الله وإسرائيل من ناحية وقوة حزب الله في مساندة الدولة السورية برئاسة بشار الأسد .
2- الإسلام المتطرف والأبرز فيه قوة داعش وتمددها السريع والحاسم في مناطق شاسعة في ريف سوريا وحدودها مع تركيا واجتياحها لمناطق شاسعة في أراضي العراق ، وجبهة النصرة التي تسيطر على أجزاء من أراضي الدولة السورية. ,وليبيا واليمن وسيناء ومناطق في شمال افريقيا
3- القوة الثالثة والتي لم تتبلور بعد والتي أتى التنظير لها من خادم الحرمين لهيكلة حلف مواجه للإسلام المتطرف والتمدد الإيراني الشيعي في منطقة الشرق الأوسط والمكون من دول الخليج وبما يسمى الحلف السني بالإضافة إلى مصر والأردن ، وإن كانت دول الخليج تختلف فيما بينها بخصوص الإسلام المعتدل "الإخوان المسلمين" وخاصة السياسات والقرارات السابقة بإعتبار الإخوان المسلمين حركة إرهابية والتي قد تعيق التقارب التركي السعودي الخليجي المصري بما يحتم من خطة تدريجية للتخلص من تلك القرارات ليلعب الإسلام الوسطي دورا هاما في مواجهة التمدد الشيعي الذي تقوده إيران وفي نفس الوقت مواجهة التطرف الإسلامي الذي تقوده داعش وجبهة النصرة وخطرهما على المنطقة برمتها
خريطة من ثلاث قوى تلعب فيها أمريكا بشكل مباشر أو غيرم باشر كمعد للنوتة التي تحتاج لمايسترو لإدارة الأصوات الغير متفقة والمتصارعة في نوتة شاذة من الصراعات والأصوات تختلف مع بعضها البعض وتضاد في التوجهات والطموحات والمصالح وهذه أسس رسم الخريطة السياسية القادمة في المنطقة .
بلا شك أيضا أن زيارة ترامب والرئيس السيسي للسعودية وضعت اللبنات الأولى لحلف يجب أن يتبلور ومن الضرورة أن يتبلور في خارطة الجغرافيا السياسية والصراع في منطقة الشرق الأوسط والتي قد تحدث عدة متغيرات على السياسة السعودية التي بدأت برحيل خادم الحرمين الشريفين عبد الله ، وتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان والقرار قد تبدو واضحة كما هي في السعودية كما هي في الخلاف مع قطر والعودة مرة أخرى لنظرية كونداليزا رايس ليتبوأ الإسلام المعتدل في ظل مفاهيم مختلفة لمعنى التحالف السني وتحالف الاسلام الوسطي في معادلة غير متفق عليها للان والتي احدثت تجاذبات اقليمية اخرى مثل تركيا التي لم تشترك في الحلف السني وباكستان قد تكون معادلة مرتبكة تفرز صراعا اخر يبتعد مواجهة تمدد الدولة الإيرانية وتمدد داعش في العراق ، فالحرس الثوري الإيراني يخوض معارك ضد داعش الآن جنبا إلى جنب مع دول التحالف ، ولكن لم تخفي الادارة الامريكية قلقها من هذا التدخل حيث أوضح أن العراق محتل من قبل إيران ، ولكن ماذا فعلت أمريكا ضد التوسع الإيراني في مناطق مختلفة غير اهتماماتها بإنجاح ملف التفاوض حول المشروع النووي الإيراني.
أمريكا تصنع بخريطتها السياسية والجغرافية الحالية القوى والقوى المضادة وتسعى إلى نوع من الاتزان المذهبي عبر الخلاف السني السني هذه المرة وإن أمهلت وجود الدولة الإسلامية لأربع سنوات كما تحدث وزير الدفاع الأمريكي حيث وضع أن معركة تحرير الموصل قد تحتاج أربع سنوات قادمة والمعركة مع الإرهاب لأربعين عاما قادمة! إذا هناك ثلاث قوى وثلاث محاول وثلاث خرائط سياسية في المنطقة ولكن هل يكتب النجاح للحلف الثالث الذي تقوده المملكة العربية السعودية ومصرو تركيا في مواجهة التمدد الأمني السياسي والجغرافي لكل من الدولة الإيرانية من جهة والإسلام المتطرف من جهة ويبقى النظام الرسمي العربي بلا استراتيجية بين صراع الاخوة في الخليج بل هو أداة لاقحام في الصراع الذاتي والذي سيكون له دورا هاما في رسم خريطة سياسية قد تضع الخرائط السياسية الأخرى في نصابها وفي حدود قد رسمتها أمريكا لتلك الخرائط لشرق أوسط جديد.
سميح خلف