أصبح المواطن في قطاع غزة، بحيرة من أمره، فكل يوم يسطع نوره يكون هناك مصطلح أو تصريح يصيبه بالإحباط، وذلك فيما يتعلق بالتطبيق العملي للمصالحة الفلسطينية على أرض الواقع، بالتزامن مع استمرار العقوبات على القطاع وعدم رفعها.
وأصبح مصطلح "التمكين"، سيف مسلط على رقاب المواطنين في قطاع غزة، علما أن قطاعات فلسطينية واسعة رأت أن عمل وتمكين الحكومة لا يتعارض مع تطبيق خطوات المصالحة، وأن ربط التمكين بالملف الأمني ونزع سلاح المقاومة معناه واضح هو "تفجير المصالحة".
تمكين الحكومة لم يتجاوز الـ5%
هذا وأكَّد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حسين الشيخ، على أن اتفاق المصالحة الفلسطينية بحاجة إلى الدعم والإسناد الوطني والدفع باتجاه ما تم الاتفاق عليه.
وأوضح الشيخ خلال لقاء على تلفزيون "فلسطين" الرسمي، بالأمس، أن جدول أعمال لقاءات المصالحة في القاهرة، كان مفهوم سلفا، وهو تقييم ما تم الاتفاق عليه، وأن أهم بند مطروح على جدول الأعمال هو تمكين الحكومة في قطاع غزة من العمل كما الضفة الغربية.
وقال، أن تصريحات قيادة "حماس" حول تمكين الحكومة في غزة، "غير دقيقة جدا". ولفت إلى أنه حسب الاتفاق المفروض أن تنجز المرحلة الأولى من اتفاق المصالحة في مطلع ديسمبر/ كانون الأول المقبل، موضحا، أن تمكين الحكومة من العمل في قطاع غزة لم يتجاوز الـ5%.
وفي الملف الأمني، قال الشيخ، إن "الحكومة لم تتمكن حتى اللحظة من إعادة بناء المؤسسة الأمنية في قطاع غزة". وأضاف، "لم نتقدم سنتميتر متر واحد في ملف الأمن في قطاع غزة".
كذلك أكدت اللجنة المركزية لحركة "فتح" مساء أمس، على أهمية تمكين حكومة الوفاق الوطني بقطاع غزة وضرورة إنجاز ذلك بالكامل كخطوة أولى لا بد منها لإنهاء الانقسام الفلسطيني وإتمام المصالحة الوطنية، وقال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول:"إن ما تم في غزة تمكين شكلي وليس جوهري".
من جهته قال الدكتور سامي أبو زهري القيادي في حركة حماس: "إن تصريحات حسين الشيخ لإخضاع سلاح المقاومة تعكس سوء النوايا وتمثل تكراراً لمطالب الاحتلال وعلى أمثال هؤلاء ان يدركوا ان رغبتهم بالنيل من سلاح المقاومة هي مجرد أضغاث أحلام".
الـ ٩٥٪ قديش بدهم وقت
وضجت شبكات التواصل، منذ الليلة الماضية، وحتى إعداد هذا التقرير برفضها واستهجانها لحديث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، حول سلاح المقاومة من اجل تمكين حكومة الوفاق للعمل بحرية في قطاع غزة.
وقال المحلل السياسي مصطفي إبراهيم معقبا على حديث الشيخ وفق ما رصده تقرير"وكالة قدس نت للأنباء"، "إذا بعد شهر ونص التمكين ٥٪ ، طيب الـ ٩٥٪ قديش بدهم وقت. #ثورة_حتى_التمكين #تمكيننا_يوم_عودتنا".
أما الكاتب و المحلل السياسي شرحبيل الغريب فقد نشر في تدوينه له صورة للتنسيق الأمني، تعبيرا عن مصطلح التمكين الذي تحدث عنه الوزير الشيخ قائلا "هذا هو التمكين الذي يريده حسين الشيخ!! يديعوت :السلطة تعيد 5 إسرائيليين دخلوا إلى مدينة بيت لحم".
وجاء في تدوينه للكاتب والمحلل فايز أبو شمالة تعقيبا على حديث الوزير الشيخ قائلا "الوزير حسين الشيخ يدعو حركة حماس للاتفاق على مفهوم المقاومة مع الاحتلال الإسرائيلي!!! وهل مقاومة الاحتلال تحتاج إلى تعريف يا معالي الوزير؟ مفهوم المقامة يجسده الأسير مروان البرغوثي الذي يقبع في الزنازين، في الوقت الذي تغرد فيه أنت طليقاً على فضائية فلسطين؟! صبايا الضفة الغربية وشبابها سيشرحون لك قريباً مفهوم المقاومة يا وزير؟ّ".
تمكين الحكومة لا يكون بمعزل عن المصالحة
كذلك نددت الفصائل الفلسطينية ببقاء استمرار العقوبات، ورأت هذه الفصائل أن تمكين عمل الحكومة لا يكون بمعزل عن رفع العقوبات المفروضة على القطاع.
ودعا عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين زياد جرغون، إلى رفع الظلم والضيم عن قطاع غزة برفع العقوبات والإجراءات الجائرة، وفك الحصار وفتح المعابر، وحل قضايا الكهرباء والمياه والصحة والاستشفاء، واستئناف إعادة اعمار القطاع، وإطلاق برنامج طوارئ تنموي ينتشل قطاع غزة من الأضرار التي لحقت به على مدى أكثر من عشر سنوات من الانقسام، وخاصة إيجاد حل لمشكلة البطالة المتعاظمة في صفوف الشباب.
وحول تمكين حكومة التوافق الوطني في قطاع غزة، أوضح جرغون، وفق ما رصده تقرير" وكالة قدس نت للأنباء"، أن تمكين الحكومة لا يكون بمعزل عن تعميق آليات المصالحة نحو استعادة الوحدة الداخلية، بما يضمن إعادة ترميم وتطوير النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة الشراكة الوطنية الضمانة الحقيقية للوحدة الوطنية وتمكين الحكومة وقطع الطريق عن أي مشاريع انقسامية.
حجم الاستهتار بمعاناة شعبنا في القطاع
هذا وقال أكد أيمن الششنية "أبو ياسر" الأمين العام للجان المقاومة في فلسطين، بأن تصريحات الوزير حسين الشيخ، حول سلاح المقاومة مرفوضة وطنياً، وتزيد من الشرخ على المستوى الوطني، فلا يعقل أن يتخلى شعبنا عن سلاح مقاومته، في حين لايزال الإحتلال جاثم على أرضنا ويدنس مقدساتنا.
ودعا الأمين العام للجان المقاومة، إلى "إخراج سلاح المقاومة من أي تجاذبات سياسية، فهذا السلاح الطاهر محل الإجماع الشعبي الكبير، بما يمثله من حالة الردع للعدو الصهيوني وتتعلق عليه بعد الله عزوجل، آمال شعبنا في الحرية والإنعتاق من الإحتلال الصهيوني".
وإستنكر الششنية، ربط رفع العقوبات عن قطاع غزة بمسألة التمكين للحكومة، فهذا التصرف يكشف حجم الإستهتار بمعاناة شعبنا في قطاع غزة، وعدم المبالاة بما يلاقيه من أزمات حياتية وضيق في المعيشة بسبب الإجراءات العقابية.
وأضاف الأمين العام للجان المقاومة، بأن إنجاح المصالحة ومغادرة مربع الإنقسام إلى الأبد يحتاج إلى إرادة وطنية حقيقية، تؤمن بالشراكة والوحدة والتمسك بالمقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي, بعيداً عن عقلية التفرد والإقصاء والعمل على تقديم المصلحة الفلسطينية العليا عن المصالح الحزبية الضيقة، من أجل أن نصطف جميعاً في مواجهة المخاطر التي تتعرض لها قضيتنا الوطنية.
لا يوجد شيء ملموس في ملف المصالحة
بدوره قال الأمين العام للمبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي إن الفصائل الفلسطينية أكدت على ضرورة رفع العقوبات عن قطاع غزة.
وأوضح البرغوثي في لقاء متلفز، أنه "حتى الان لا يوجد شيء ملموس في ملف المصالحة ويجب إلغاء العقوبات وعودة الكهرباء وحل مشكلة المعابر والحصار عن قطاع غزة"، مشدداً على أنه "يجب رفع العقوبات فوراً ولا يجوز الانتظار وكل تأخير لا مبرر له وكان يجب أن تحل هذه القضايا قبل التوجه للقاهرة".
وبين البرغوثي أنه "لم يتحقق كل ما أردناه في ملف المصالحة وخرجنا من ملف تمكين الحكومة لملفات أخرى واجتماع للجنة الحريات اليوم لمناقشة الاعتقالات السياسية".