شركاء الوطن ....أين ...والي أين !

بقلم: وفيق زنداح

من المتوقع وصول الوفد الامني المصري الشقيق للمحافظات الجنوبية لمتابعة اليات تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من تسلم حكومة الوفاق الوطني لكافة مهامها ومسؤولياتها والصلاحيات المناطة بها وبكافة الجوانب والمستويات ونحن اذ نرحب باشقاءنا المصريين ... ونتقدم لهم بالتعازي الحارة على الجريمه البشعه التي قام بها قتلة مأجورين ارهابيين متوحشين لا رحمة لهم ... ولا رحمة عليهم.... لانهم قد دنسوا أحد بيوت الله ... كما قتلوا الابرياء من الشيوخ والرجال والاطفال ... وهذا سيبقى عار يلاحقهم ومذلة تصيبهم ... وخزي دائم..... لجماعات فقدت توازنها ودينها.... وحتى الانتماء للارض... والشرف... والكرامه ... انهم القتلة الارهابيين الذين ستبقى نكتب عنهم.... وعن جرائمهم.... كما سنبقى نكتب وباعتزاز وفخر عن مصر الشقيقة ....ومواقفها الداعمة والمساندة عبر التاريخ وحتى لحظة كتابة المقال ... مما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن مصر رغم جرحها والمها ... الا انها تواصل طريقها ودورها ومسؤولياتها ... وهذا ما سيبقى محل فخر واعتزاز لمصر.... عروبتها قوميتها ولشعبها العظيم.... ولقواتها المسلحة الباسلة..... ولأجهزتها السيادية ذات الثقة العالية والدور الكبير بمعالجة الكثير من الملفات ... مصر الكبيرة والعظيمة والتي لها بقلوبنا ... وبتاريخ حياتنا.... كل ما نعتز به ونفاخر به امام اجيالنا ....التي لم تعرف مصر الا عبر الكتب ... فكل التحية للوفد الامني المصري متمنيين له التوفيق والنجاح .
وحتى نعود لمضمون المقال ... وبصراحة ... لشركاء الوطن ... وعلى قاعدة ان الوطن للجميع... وعدم القبول بإمكانية تضليل وخداع الرأي العام ... وحتى لا نبقي على حالة الشك وعدم الثقة ... وحتى لا نوفر المجال لثقافة الشك السائدة ... والمفاهيم المغلوطة ... يجب ان نعيد انتاج ثقافتنا ... وفكرنا الوطني والسياسي ... يجب ان نعيد تعريف حدود حقوقنا وواجباتنا ... وان لا نخلط باولوياتنا ....واوراقنا.... ونتجاوز حدود كل منا .
لقد أصابتني الدهشة ... والاستغراب ... الى حد الاستهجان ... عندما قرأت مجمل التصريحات لبعض النواب من حركة حماس .... والذين لم يعودوا بحكم القانون والنظام نوابا بالمجلس التشريعي.... وعلى قاعدة ضرورة اعادة تجديد الشرعيات.... بما يخص مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية ....رئاسة ومجلس تشريعي .
حركة حماس حركة سياسية وطنية نحترمها ونقدر نضالها ومسيرتها ... الا انها حركة من ضمن حركات وفصائل.... ولا تحمل بجيوبها مفاتيح غزة..... لفتحها او اغلاقها .. لها حقوق نحن معها ... كما عليها واجبات يجب ان تلتزم بها .
هناك حالة من الخلط المقصود .. وانا من الكتاب الذين لا أميل مع موقف ضد موقف ... ولكنني اقف مدافعا عن الصواب.... وما فيه مصلحة الوطن والمواطن.... بحكم مهنة اعتز بها ... ومن منطلق واجب اشعر بمسؤولياته الوطنية ... والتي لا تحتمل المجاملة ....على حساب وطن ينزف ... وشعب يعاني ... وتصريحات لا علاقة لها بالوحدة ....وانهاء الانقسام..... بل تصريحات تعزز من الانقسام..... وتحاول بكل قوة ابعاد المصالحة.... واتمام وحدة النظام السياسي ... لانني اشتم رائحة من وراء مثل هذه التصريحات المنفردة ... لكنها الجماعيه والمتتالية ... وكأننا بحرب اعلامية ... وعودة الى سياسة المناكفات والتجاذبات ... ونشر حالة من اليأس والاحباط ... والتي أصبحت مرضا متفشيا ....بحكم سنوات الانقسام الاسود والذي ولد لدينا الكوارث والازمات.... ولم يعد محتملا الاستماع الى ما يشتت الجهود..... وما يفرق الافكار ....ما بين ابناء الوطن .
التوجه صوب المصالحة.... لا يعني بالمطلق الإقرار بالأمر الواقع ... ولا يعني بالمطلق تحقيق مكاسب بحكم سنوات سيطرة غير قانونية ... ولا يعني بالمطلق ان تكون المصالحة لطرف على حساب طرف ... بل ان المصالحة بكافة تفاصيلها وعناوينها .....هدف استراتيجي يخدم الجميع بصورة متساوية ومتوازنة .
لأننا اصحاب الوطن .... وشركاء الدم ... ويجب ان نكون شركاء القرار .
المصالحة الوطنية .. ان يشعر الجميع ....ويتأكد بما لا يدع مجالا للشك أننا جميعا شركاء الوطن ... كما اننا جميعا وطنيين مخلصين اوفياء ... وان المصالحة تخدم الجميع ... وتعظم من شأن الجميع ... وأن احترام قياداتنا ....ورموزنا ....ورئيسنا.... واجب مقدس كما كافة المقدسات التي نتحدث عنها ... لا ان نفتح أفواهنا .. ونطلق السنتنا .. ونخرج ما في بعض قلوبنا ....وكأنها الفرصة السانحة التي لا تعوض لقلب الطاولة ... وحرف المسار ... واشعال النيران.... ونحن لا زلنا ببداية الطريق ... فكيف لو كنا بنصف الطريق... او قبل اخره بقليل .
صورتنا وقد شوهت والى حد كبير ... ولم نعد نحظى بتقدير واحترام الكثيرين ......حتى وصلنا الى حالة عدم الثقة ... من قبل الناس والمجتمع .
نتلاعب بالكلمات ... وما يقال بالصباح ... لا يقال بالمساء ... وما يقال داخل الغرف المغلقة ....عكس ما يقال على الإعلام وعبر التصريحات ... وما استمعنا اليه مع بداية المصالحة... ولقاء القاهرة ...واتفاق حماس وفتح ... يختلف عما نسمعه اليوم ... وما يفسر من عبارات ...وكلمات ومفردات .
ما تم حتى الان خطوة صائبة وبالاتجاه الصحيح ... لكنها تحتاج الى المزيد من الخطوات.... في ظل المزيد من التصريحات التي تعزز الثقة والايمان... لما نحن عليه...... وليس التصريحات التي تعطل ... وتؤخر بل وتعيدنا الى نقطة الصفر .
ليس من الحكمة .. ولا من الوطنية والسياسة ... كما ليس من احترام الراعي والشقيق ... ان نأخذ بانفسنا الى تصريحات غريبة ومشوهة ... تؤكد على انقسامنا وتمسكنا به ... ولا تشير الى توجهات المصالحة بداخلنا .
نحن أمام مرحلة خطيرة ... فاذا كنا بنوايا المصالحة الوطنية ... ومصالح شعبنا وأولوياته ... واذا كنا بهذا الحرص على مصالح الناس ومشاكلها وازماتها ....فلا اعتقد ان هذا الطريق يمكن ان يخفف من الازمات بل يزيدها صعوبة وتعقيدا ... وإلا فان ما يزيد عن عشرة سنوات من الكوارث والازمات .. لم نسمع من المتحدثين ما يشير الي مسؤولياتهم عن كل هذه الازمات ... مما يثير السؤال ... هل الازمات والكوارث التي نحن فيها وليدة شهر ... ام وليدة 11 عام ؟! وهل الغرق الذي نحن فيه والمياه التي ملئت الارض ودخلت المنازل وليدة تقصير شهر ... ام وليدة 11 عام ؟!..... من الغرق والهم والغم .....والويلات والكوارث والدمار الذي اصابنا .
لقد فشلنا بحكم انقسام اسود استمر 11 عام ... وحاولنا وجاهدنا وقلنا الكثير.... حول مخاطر ونتائج ما نحن عليه.... وما يمكن ان يولده من أزمات ... ولم يكن احد يستمع الينا ....او يصغي لنا ....كل يقبل بفكره ومواقفه وسلوكياته.... حتى شهدنا حصاد فعلنا ... وما ارتكبت ايادينا ... وما نتج عن أفعالنا ... حتى شهدت المنطقة متغيراتها ... وحتى انقطعت السبل بالحلفاء..... الذين اشبعونا كلاما ....وحتى اصبحوا بضائقة من امرهم ومحاصرين ... ولا حول لهم ولا قوة .
انهارت منظومة التحالف الذي قوى الانقسام الاسود .. وأمد بعمره ....حتى وصل هذا التحالف الى حالة الانغلاق والانحباس والحصار ... حتى اصبح بمفهوم السياسة والعلاقات والمصالح الوطنية ....يضر بنا ولا يخدمنا ... يضر بنا ولا يساعدنا ... وما يجب علينا ان نعالجه بصورة طبيعيه دون ضوضاء واعلام ... حتى نقف على ارضيه وطنية ... ونذهب الى حيث ما يجب ان نذهب بمواقفنا ... التي تخدم مصالحنا ولا تعطل من مسيرتنا ومصالحتنا ... وانهاء انقسامنا ... وحتى نكون قادرين على مواجهة تحدياتنا .....ومصاعب طريقنا .....وامكانية ايجاد الحلول لازماتنا المتفاقمة .... والمتزايدة بحكم طول الزمن ....واستمرار الجدل والتعطيل .
لقد كانت البداية الصحيحة التي تجاوبت مع الدعوة المصرية..... والتي اجمعنا عليها ......وولدت لدينا القناعات الجامعه والمجمعه على اهمية انهاء الانقسام ....فكان اللقاء الاول ما بين حماس وفتح ... واستبشرنا خيرا .....بما تم من خطوات ... ولا زلنا نطالب بالمزيد ... وحتى نصل بالمصالحة والوحدة..... الي نهاية المطاف.....ولكن بخطوات مدروسة وبطريق معبده ....لا يحوم حولها شكوك..... ولا يعتريها مصاعب..... وحتى لا نجد حفر ومطبات امامنا .
تم تسلم الوزارات والمؤسسات بما هي عليه.... وبما هو قائم فيها ... كما تم تسلم المعابر والحديث فيها يطول ...أي ان ما جرى ليس انتهاء لفصل انهاء الانقسام..... ولا تعزيز للوحدة ... ولا مصالحة حقيقية ... ما تم جزء يسير وخطوة على طريق طويل ... يصعب فيه الكلام .. لكن الاصعب علينا جميعا .....ان لا نستمر بخداع انفسنا ... وان لا نحاول التلاعب بالرأي العام ..... بسياسة دغدغة العواطف ... والتلاعب على أحاسيس وحاجات الناس .... الذين يعرفون الحقائق ....وكما يقول المثل أسال مجرب ولا تسأل طبيب ....لعدم امكانية أن نجعل من كوارث 11 عام حلولا سريعه خلال 11 يوم .
الحقيقة التي يجب ان نواجهها جميعا .....وان نجد الحلول لها ذات علاقة بحالة عدم الثقة ... وذات علاقة بالبرامج المتعدده ... وذات علاقة بوسائل القوة التي يمتلكها كل طرف ... وذات علاقة بأننا لم نصل بعد الى مرحلة الثبات.... والقناعه الراسخة ....أننا بأسوأ أحوالنا.... كما أننا لم نصل بعد الي القناعة الثابتة بأنه لا يمكن الاستمرار بهذه الحالة التي لم تعد تحتمل ...ولم يعد للكلام فيها معني ... ولم يعد للمؤتمرات والتصريحات أي قيمة ..في ظل معاناة حقيقية ...وأزمات متزايدة ...تحتاج الي شجاعة قرار الجميع ...كما تحتاج الي قول الحقيقة كاملة ....حتي وان كانت مرة وكالعلقم ...فليس هناك مرارا وعلقما أكثر مما شربنا على مدار 11 عام .. وان المخاطر التي تتداخلنا ... كما المخاطر التي تحيط بنا ... وان القادم علينا اخطر بكثير.... مما كنا نواجهه عبر سنوات ماضية .
وحتى يكون المطلوب قائما .....وبمتناول ايدينا وبداخل فكرنا السياسي ... واليات اتخاذ قرارنا الوطني ... كان لا بد من شراكة الجميع.... بمؤسساتنا الشرعية ... دون اعطاء مجال لأحد بالخروج ....والتفرد بمواقف خارج الاطار الرسمي ......والجمعي والوطني .
لا نريد اجتهادات منفردة ....كما لا نريد حكومة ضعيفة .... نريد ايجاد حلول للقضايا ... ولا نريد ترقيع القضايا ... نريد حكومة بحق ... وليس نصف حكومة.... او مجلس قروي ... او مجلس بلدي ....يؤدي خدمات ... نريد حكومة تنفذ القانون..... وتحاكم من يواجهها ومن يخالف قانونها .
سيبقى السؤال مطروحا ... نحن شركاء الوطن .....هل نريد ان نتوحد ؟! هل نريد ان ننهي الانقسام ؟! ....هل نريد المصالحة وتعزيز الوحدة ؟! .
لكل اجابة متطلباتها.... أدواتها .....قوانينها ومواقفها ... ولا يمكن لاحد منا ان يمتلك اداة سحرية..... او شعارا كبيرا .....لاقناعنا او التلاعب بنا بعيدا عن الاجابة الصحيحة ....والكافية .....والصائبة ....بكل متطلباتها وأساسياتها وقواعدها .
نحن ندور حول أنفسنا ... وهذه مشكلتنا ... حتى اصبحنا غير قادرين على رؤية طريقنا ... ولا حتى تعبيدها.... ولا حتى إرضاء أنفسنا ... وإرضاء شعبنا ... كما اننا لسنا على قدرة واضحة ومعلومة بارضاء الشقيق الاكبر والراعي والسند التاريخي لنا .... مصر الشقيقة التي تبذل من الجهود والطاقات برغم جراحها والمها ....ومسؤولياتها الكبيرة .
علينا باستغلال الفرصة السانحة لصالحنا ... وان لا نضيعها ... وان لا نجادل حولها ... وان نسكت الأصوات المتصيدة.... والداعية لاستمرار الانقسام ... وان تعلوا الأصوات المطالبة بانهاء الانقسام ....وتعزيز الوحدة بين شركاء الوطن ... وللحديث بقية بالمقالة القادمة بعنوان ( لا نجيد تقاسم الأدوار ....حتى وقعنا بالدوار!! )

الكاتب : وفيق زنداح