زيارة تفقدية للعقل لمدة شهر

بقلم: طلال الشريف

بين حين وآخر ينتابني منطق التوفف والتأمل الذي قد يسميه البعض منطق الهروب ولا مانع لديا في ذلك فالهروب حالة صحية تعيد التوازن بإستمرار وتبغي بالتأكيد نوعا من الإستقرار خاصة في العمل العام المسؤول وعلي قمته العمل السياسي فمن يدخل عالم السياسة ويمارسها لابد أنه يدرك متاعبها ومضاعفات الحركة داخلها وخاصة إذا كانت مشاركته ناتجة عن قناعات فكرية وثقافة سياسية تتعلق بالقضية الوطنية وليست ممارسة هوجاء تبغي مردودا مصلحيا ذاتيا سواء كانت ماديا أو إعتباريا وهذه الفوضي التي تجتاح العقل الفلسطيني نتيجة الحالة التي وصلنا لها تتطلب من ذوي العقول المنتمية والطليعية كثيرا من محطات التوقف والتأمل لرؤية وتحليل المشهد وتقدير المواقف بإستمرار ..الفوضي أو الهمبكة في الحالة الفلسطينية وصلت لحدود يصعب معها التقرير بأن ما يحدث سيكون مفيدا للشعب والقضية ولكي لا تتحول تلك الحالة بعد تبيان الحقائق لمحاسبة للنفس واللوم الذاتي لابد من التوقف مرة بعد مرة والتأمل فيما تم وما هو آت دون خجل أو شعور بالفراغ أو الإبتعاد عن المرجل الذي ما إنفك يغلي .. لذلك التوقف والتأمل هي صفة للعقل السليم كما أعتقد .. والتوقف الصحي والسليم يتطلب مدة لا تقل عن الشهر وليس كما يفعل الآخرون ينام ليلة أو يسافر أسبوعا ويدعي بعدها أنه جدد عقله فالعقل الذي يعمل كمسؤولا عن حال العباد يجب أن يكون في حالة من الصحة التامة هكذا هي المسؤولية العامة عن شعب وأرض لم يتحررا بعد وهما في حالة فوضي عارمة يتداخل فيها العالم كله وخاصة أننا منذ زمن طويل نتخبط ونتراجع ولم نتقدم نحو مصيرنا بنجاح نوعي نركد أحيانا كثيرة وراء سراب يمتد سنين طويلة لنكتشف بأننا أسأنا التقدير أو قادتنا عقول متعبة تدعي الرؤية الصائبة والذكاء المفرط لنكتشف بعدها أنها عقول جاهلة أو خربة أو موحي لها بأنها نوعية فغالبية العاملين في هذا المجال مندفعون بحكم الواقع والمصلحة الخاصة والحزبية والوظيفية لعدم إتقان وظيفة أخري .. نراكم بعد شهر للتقرير بالعودة للنشاط السياسي العام من عدمه.

د. طلال الشريف