إن وسائل الإعلام المحلية والدولية في هذه الأيام مشغولة بموضوع نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس . مشيرة لنا وللعرب إلى أن هذا الموضوع في منتهى الخطورة . ولكن السؤال هنا . هل إذا نجحت محاولات العرب والفلسطينين في منع الولايات المتحدة الأمريكية من نقل سفارتها إلى القدس هل هذا يعني أن القدس غير مستباحة . وهل هذا يعني أيضاً أن وجود السفارة الأمريكية في تل أبيب وضعاً طبيعياً مرضياً عنه من الجميع . وهل القدس كأرض مغتصبة تختلف عن تل أبيب بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين .
نعلم جيداً أن مدينة القدس تمتاز عن باقي الأراضي الفلسطينية بمساجدها التي تمثل هوية وحضارة الإسلام . وأن لها خاصية وقدسية لدى العرب والمسلمين . ولكننا لا نريد أن نسلط جميع الأضواء على القدس على حساب باقي الأراضي الفلسطينية المغتصبة . فمن حقنا أن نعترض على أي إجراء إسرائيلي ينتهك ويغتصب حقنا كفلسطينين على أي بقعة من أرض فلسطين التاريخية .
وأنا من وجهة نظري أرى أن سيمفونية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس لها أهداف سياسية من شأنها أن تسلط الأضواء على موضوع السفارة بالتزامن مع الانتهاكات الصهيونية اليومية على الأراضي الفلسطينية المحتلة .
ومن الملفت للنظر أن الحراك العربي والدولي يتجدد بقوة عندما تتجدد الرغبة لدى الولايات المتحدة الأمريكية بموضوع نقل السفارة ولا يتجدد عندما تحدث انتهاكات اسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني . لقد إستطاعت الولايات المتحدة أن تتلاعب في مشاعرنا جميعا من خلال توزيع الإنتهاكات بحق الشعب الفلسطيني بإختيار الزمان والمكان . وبهذه الخطة الخبيثة ستتوجه أنظارنا إلى ما هو أهم . وسنصرف النظر عن ما هو أقل اهمية . الولايات المتحدة بالشراكة مع إسرائيل تصنع الأزمات وتجعلها في خطوط متوازية كي تشتت القوى الفلسطينية وتفقد السيطرة على التركيز . إن موضوع نقل السفارة يتزامن مع تهويد القدس وتوسع الإستيطان وتهجير الفلسطينيين ... إلخ من الإنتهاكات اليومية . أنا أرى أن الولايات المتحدة ستستمر في عزف هذه السينفونية "نقل السفارة إلى القدس" حتى تشغل الأنظار عن ما هو أقل خطورة . فيجب أن ندرك جيدا أن نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس لا يغير من واقع القدس شيئا . لأن القدس مغتصبة منذ زمن . ووجود السفارة في تل أبيب لا يعني أن تل أبيب غير مغتصبة .
بقلم/ أشرف صالح