الشباب .. بين الشعارات الرنانة ... وقتل الطموح

بقلم: احمد زهران

كلمة شباب.. كلمة رنانة .. براقة .. كيف لا وهي تحمل في جوفها العطاء والبناء ..

عرف على مر الزمان بأن الشباب هم صمام الأمان ، وقوة للأوطان ، وصناعة الآمال ، وبناء الحضارات ، وهم غنيمة الأمم وثروتها وقادتها ، حيث تقاس تقدم المجتمعات أكثر بشبابها باعتبارهم رقما صعبا في صلب عمليات التنمية الشاملة ، فالشباب اليوم ـ و كما كان دائما ـ وقود بشري فاعل متفاعل ، مؤثر متأثر في كل نواحي الإنسانية ، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو النضالية أو الثقافية أو الوطنية ، لذلك هم يملكون طاقات هائلة من الإنتاج لا يمكن وصفها ، وبالسهو عنها يكون الانطلاق بطيئا ، والبناء هشا ، والصناعة بائدة ، والمذلة واضحة .

 

رغم جل هذه السمات والصفات التي يتميز بها الشباب إلا أن الشاب الفلسطيني تقتل إبداعاته وتوأد طموحاته وتهدر طاقاته بالخطابات الرنانة والوعود الزائفة التي يلقيها المسؤولين بدعمهم للشباب وفي ذات الوقت تضع العراقيل لهم وتحاك المؤامرات عليهم لتبقى تلك الوعود لا تسمن ولا تغني من جوع ، وكل هذا بسبب ذلك المسؤول الذي قد بلغ الشيب رأسه في منصبه الذي تربع على عرشه عشرات السنين وعدم منح الشباب فرصة ناقصة ليتموها أو كاملة ليبدعوا فيها .

فأصبح الشاب الفلسطيني معطل عاطل عن العمل لا يستغل لتحريك عجلة تنمية الاوطان ، ولكن يا ليت ذلك المسؤول يشعر بأن الأمل الذي يتمثل بالشباب يخبو ويكاد ينطفئ ، شباب بعمر الزهور لا يجدون عملا وإن وجدوا فلا يمازج طموحاتهم وأمانيهم ، يا لها من مأساة يتنصل المسؤولين منها ولا يعيرونها إلا تنظيرا وكلاما .

فتتزايد ظاهرة القبول بالإحباط والرضا به عند جموع الشباب ، وهذا نتيجة لإفرازات الواقع الذي يعيشونه من كبت وعدم اهتمام ووضع جل العراقيل في مسيرة تحقيق طموحهم ، فقبل ما يقارب ستة أشهر حدثت إنتخابات للمجالس المحلية بالضفة الغربية وكنت مطلع على مجريات هذه الانتخابات في كل الضفة فكانت العائلية تطغوا عليها لتفرز الاكبر سناً ، ولكن جدد الأمل عند الشباب سرعان ما سمعنا بتجربتين رائعتين وناجحتين فكانت اولها في بلدة عزون (قضاء قلقيلية) وتمثلت بفوز الفتاة الشابة م. يسرى بدوان برئاسة البلدية وتبلغ من العمر سبعة وعشرين عاماً لتصبح أول فتاة تحصل على هذا المنصب ، وثانيها في بلدة علار (قضاء طولكرم) وتمثلت بفوز الشاب م. فتحي أبو سعدة برئاسة البلدية ويبلغ من العمر اثنين وثلاثين عاما ليصبح أصغر رئيس بلدية في فلسطين .

ولكن ستة أشهر كانت كفيلة لوضع جل العراقيل ورشق الاتهامات وتنفيذ المؤامرات لتأد تلك التجارب الناجحة التي ترتكز عليها الدول المتقدمة ، فالمجتمع الذي لا يعطي فرصة لشباب بان يأخذوا دورهم في تنمية مجتمعهم ، لم يرق لأعضاء المجلس الاكبر سناً بأن يكون اصغرهم سناً يتبوأ هذه المناصب فكانت الإطاحة بهم وحجب الثقة وحل المجلس أفضل لديهم من تحقيق طموح الشباب وسير عجلة التنمية والتقدم .

 

إن الواقع يشهد تعقيدا مركبا في حاجيات الشباب وصعوبة تحقيق متطلباته ، إذ أنه من المتحتم على الحكومات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وخاصة التي تهتم بالشباب بذل قصارى جهدها للقضاء على مسببات هذه الظاهرة حيث أن على مقدمة تلك الضغط الاجتماعي الذي لا يرحم أخطاءهم ولا يقف بجانبهم في الوقاية أو العلاج في إحتياجاتهم معنوياً ومادياً ، والبطالة التي تسيطر على واقعهم ، وغير ذلك من بذور الإحباط التي نبتت بالواقع البئيس في حياتهم ...

 

وحتى نستطيع أن نستثمر قدرات هذا الحجم الهائل من الشباب ، علينا أن نركز على بناء سياسات وأنظمة استراتيجية ترسخ التنمية الحقيقية علي ارض الواقع ، فالشباب بحاجة الى فرص ليكونوا قادة في مجتمعاتهم المحلية ، وبحاجة الى فرص للمنافسة في سوق العمل ، إنهم بحاجة الى فرص لتعزيز ثقافة الحوار ، كما أنهم بحاجة الى فرص للتعبير عن آرائهم وأفكارهم.

 

فلا تغرقوا سفينة عطاء الشباب في هذه الامواج الهائجة وأوصلوها الى بر الامان

 

 

كتب احمد زهران

الناشط في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية