سطور في حياة الفدائي رجب عبد الرحمن شاكر حميد “حلقة 2“

بقلم: سامي إبراهيم فودة

رجالٌ أسود إذا زأرت اختبأت الكلاب,ووحوش كاسرة إذا غضبت أوجعت الأذناب,انهم رجالٌ كالنخيل الباسقة في ساحات الوغى لا تهاب,انهم رجالٌ جبابرة كالسيول الجارفة لهم صولات وجولات,أرواحهم تحوم في سماء الوطن أسراب,قاتلوا بكل ضراوة في معارك الجبهات,رجالٌ تركوا بعد رحيلهم بصمات,رجالٌ لا تخاف من العدى ولا الممات,أشهدوا أن الشهادة لهم هي أسمى آيات,رجالٌ كتبوا التاريخ بدمائهم وصنعوا المعجزات...
إخوتي الأماجد أخواتي الماجدات أعزائي القراء أحبتي الأفاضل,فما أنا بصدده اليوم هو تسليط الضوء على سيرة عطرة وذكرى طيبة لرجل من رجالات الوطن وفدائي من مغاوير مقاتلين الثورة الفلسطينية في مخيم جباليا مخيم الثورة والصمود قائد قوات التحرير الفلسطينية في شمال غزة الشهيد الفدائي الثائر البطل رجب عبد الرحمن شاكر حميد"أبو رمزي"..
ولد الشهيد الفدائي رجب عبد الرحمن شاكر حميد قائد قوات التحرير الفلسطينية في شمال غزة المكنى"أبو رمزي" والمعروف باسم رجب شاكر في مخيم جباليا مخيم الثورة والصمود بالقرب من نادي خدمات جباليا مقر سكناه ومسقط رأسه بتاريخ 1953م وقد استشهد الشهيد رجب حميد مخضباً بدمائه الطاهرة يوم الاثنين الموافق 30/8/1971م في المخيم بلوك 11عن عمر يناهز 20عام في اشتباك مسلح في منطقة الفالوجا"الحاووز أثناء تخندقه مع مجموعة فدائية بإحدى (الخنادق) الذي كان يتوارى فيها عن أنظار جيش الاحتلال وعملاءه المأجورين..
نشأ الشهيد رجب حميد في مخيم الثورة وترعرع وسط أسرة فلسطينية لاجئة مناضلة معروفة بإنتماءها الوطني محافظة على تقاليد المجتمع الفلسطيني وملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ويأتي الشهيد رجب حميد الأعزب في الترتيب الرابع من بين إخوته وأخواته السبعة,فقد كان والده رحمه الله الحاج رمضان عبد الرحمن شاكر حميد رجل إصلاح ومعروف عند عامة الناس أبو العبد شاكر تاجر جملة مفرق في تجارة سمانة البقلوليات,فهو متزوج مرتين فله من الزوجة الأولى ابنتان وخمس شباب وهم رمضان وشعبان ورجب وكامل وناهض,أما الزوجة الثانية فله من الأبناء أربع بنات وأربع شباب وهم عاطف وزياد ونعمان وفضل,وترجع أصول جذور عائلته إلى قرية برير في فلسطين المحتلة عام 1948م وقد تلقى الشهيد رجب تعليمه الدراسي في المرحلة الأساسية والإعدادية في مدارس مخيم الثورة للاجئين ومن ثم التحق ليواصل تعليمه في مدرسة الفالوجا الثانوية....
محطات نضالية في سطور حياة الفدائي رجب حميد/
انطلق المارد الفدائي الفلسطيني الجرئ بشجاعته والمميز بصمته وهدوءه وتفانيه الشهيد رجب حميد"أبو رمزي"في المرحلة الثانوية العامة للانخراط في صفوف العمل الفدائي في جيش التحرير الفلسطيني مع رجال الثورة البواسل عام 1969على أيدي القائد البطل طلال أبو حسين ليتصدوا لجرائم العدو الصهيوني وعملاءه المتساقطين التي كانت تمارس بحق شعبنا الفلسطيني أبشع الجرائم,وقد أصبح الشهيد رجب حميد مطارداً ومطلوباً لدى قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في فترة الستينات والسبعينات,وقد نفذ الشهيد الفدائي البطل رجب حميد العديد من العمليات الفدائية برفقة رفاق الدرب والسلاح,ومن هذه العمليات الفدائية الجريئة والفريدة من نوعها هو قيام مجموعة فدائية بعملية فدائية مشتركة بهجوم مسلح من اغلب قوات جيش التحرير قي شمال قطاع غزة بالتسلل من البيارة التي كانت تقع خلف موقع الجيش الإسرائيلي في مخيم جباليا والذي يعرف حاليا (بمركز شرطة جباليا) ومهاجمته بالنيران الكثيفة والتي ضجت مضاجع العدو وكان الهجوم ناجح لدرجة كبيرة فقد تكبد العدو الصهيوني في هذا العمل الفدائي خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات ما بين قتيل وجريح وقد كسرت يد الشهيد عبد الله محمد حميد أثناء عملية الانسحاب من المكان,فهو ابن عم الشهيد رجب حميد ويسكن جاره في بلوك" 2"
وقد تدرج الشهيد رجب في صفوف العمل الفدائي حتى وصل إلى العديد من المواقع العسكرية إلى أن أصبح مسؤولها الأول,ونجا من محاولات اغتيال عديدة وهو يتنقل من شارع لشارع ومن زقاق لزقاق خلال فترة مطاردته وملاحقته من قبل قوات الاحتلال وعملاءه والتي باءت جميعها بالفشل تحت أقدام هذا البطل الفدائي الثائر بفضل حسه الأمني وحنكته العسكرية,فكان لا يمر يوماً إلا ويجرى مداهمة منزلهم بشكل عنيف مما كانوا يرهبون أهل البيت أثناء عملية الاقتحام وعزلهم في غرف منفردة من ساعات الليل ويعيثون فساداً وتدميراً وتخريباً في ممتلكاتهم,
حيث جرى اعتقال أخوه كامل ووالد الشهيد رجب حميد واصطحابه إلى سجن غزة المركزي في محاولة منهم للضغط على العائلة من اجل تسليم ابنهم رجب,وبعد أيام جرى إخلاء سبيل والده من سجن غزة المركزي وترحيل العائلة بممتلكات المنزل بسيارات الجيش الإسرائيلي خارج حدود الوطن مع عائلات فدائية السبعينات إلى قرية تسمى أبو زنيمة في منطقة البحر الأحمر فهي منطقة مهجورة من أهلها المصريين ومحاطة بالجبال المرتفعة ومحاصر بأسلاك شائكة والتي أشبه بالسجون النازية.....
وقد مضى أكثر من عام وهم في حالة من الرعب والتعذيب النفسي جراء هذا العمل الإجرامي المنافي للقوانين وحقوق الإنسان,حيث قامت قوات الاحتلال مرة أخرى بترحيلهم بممتلكاتهم إلى شمال قطاع غزة وإنزالهم في ساحة بركة أبو راشد وقد تبين لهم بأن منزلهم الكائن في مخيم جباليا( بلوك الزينقو e يعني 2) مقابل نادي خدمات جباليا قد تم نسفه وتسويته بالأرض,حيث تعرض المخيم في عهد آرئيل شارون في فترة السبعينات إلى توسيع الشوارع وتجريف المنازل وكان منزل عائلة الشهيد رجب حميد من بين هذه المنازل وبعد أن تدبروا أمرهم سكنوا في منزل عائلة أبو سخيلة لفترة مؤقتة وبعد شهرين تمكنوا من شراء منزل لهم في نفس الحارة بلوك 2 وفي عام 1977 تركوا المكان واشتروا بيت لهم في بلوك 8 مقابل مسجد التوبة وكان الشهيد رجب في بعض الأحيان حسب الظرف الأمني يقوم بزيارة أهلة وكانت عائلته من طرفها تقوم بزيارته بطريقتهم الخاصة....
كيفية استشهاد الشهيد رجب حميد //
قام احد العملاء المدسوسين بالمجموعة الفدائية بالوشاية لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي عن المجموعة الفدائية التي كانت تنوي القيام بعملية فدائية بمهاجمة موقع الجيش الإسرائيلي الكائن في مخيم جباليا والذي يعتبر حالياً مركز الشرطة بالقنابل اليدوية وإطلاق النار عليهم بقيادة الشهيد رجب حميد ضد جنود الاحتلال,وعلى الفور تحركت قوات الاحتلال مدعومة بالآليات العسكرية والدبابات وطائرة الهيلوكبتر بمحاصرة منطقة الفالوجا بلوك 11 قرب الحاووز(أي خزان المياه)...
حيث استمر الاشتباك لمدة طويلة بين جنود الاحتلال الإسرائيلي والمجموعة الفدائية المتمترسة في احدى الأوكار التي كانت ملاصقة للمنزل المواطن عبد المالك فرج الله وقد انسحب العديد من أفراد المجموعة الفدائية من الخندق وذلك بسبب قلة الذخيرة ونفاذها وقد استمر الفدائي الثائر البطل بكل رجولة وبسالة في مواجهة جنود الاحتلال الصهيوني حتى أخر طلقة من ذخيرته حتى تم قصف الوكر المتواجد فيه بإطلاق النار والقذائف الصاروخية وقد نال الشهادة في هذه المعركة البطولية مابين فترة العصر والظهر كما كان يتمناها بتاريخ 30/8/1971م.
حيث قام جنود جيش الاحتلال الصهيوني بسحب جثمان الشهيد رجب بواسطة الدبابة وهم في حالة هستيرية يهتفون بصوت عالي قتلنا المخرب رجب غير مصدقين أنهم أجهزوا عليه وتخلصوا من بطل دب الرعب في قلوبهم وأذاقهم الذل والهوان وقد تدخلت الناس في محاولة منها لأخذ جثمان الشهيد من جنود الاحتلال وقد انسحب العدو بسرعة فائقة وترك جثمانه في الشارع وهو مخضب بدمائه الزكية ينزف من اثر الرصاصات في رأسه لكن ملامح وجهه لم تتغير كأنه مازال نائم,
إلى أن جاء الإسعاف إلى المكان مسرح الجريمة النكراء التي يندى لها الجبين,وقام بنقل جثمانه من أمام مدرسة البنات الإعدادية وكان برفقته إلى مستشفى الشفاء كلاً من أخوه كامل وصديقهم المواطن أسعد جودة وتم وضعه بالثلاجة وقد حضر الأهل إلى مستشفى الشفاء ثاني يوم من استشهاده وقد استلموا جثمان ابنهم الشهيد رجب ليوارى الثرى إلى مثواه الأخير في مقبرة الفالوجا فإن قوات الاحتلال الصهيوني لم تكتفي باستشهاد الشهيد الفدائي رجب حميد بل قامت بنسف منزلهم في بلوك 2 المقابل لنادي خدمات جباليا...
المجد كل المجد للشهداء الأبرار- والخزي والعار للخونة العملاء المتساقطين

بقلم: سامي إبراهيم فودة