المصالحة مستمرة ...هل نسيتم .. أم لا تعرفون ؟!

بقلم: وفيق زنداح

انتهت لقاءات فتح وحماس بجولتها الجديدة والعاجلة وبرعاية الاشقاء المصريين ... حيث يبدو ان هناك اختراقا وتقدما وتحريكا بملف المصالحه ... تحت عنوان المصالحه مستمرة .

وبداية لا بد وان نكرر ... ونجدد على ثقتنا ... وشكرنا البالغ للاشقاء بمصر... وعلى رأسهم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء خالد فوزي وكافة الاطقم المتخصصة والمساعده بملف المصالحة .

الشكر لمصر دائم ... وواجب ... ولا يرتبط بتقدم المصالحة من عدمها ... حتى لو فشلت المصالحة وانتهت ... لماذا ؟!

لان مصر بذلت جهودا لا توصف بالكلمات ... وأخذت من المواقف والتحركات ما يصعب حصره والحديث حوله منذ اليوم الاسود ... وبحزيران الاسود ... وما بذل من جهود على تجاوز ما حدث ... الا ان الاطراف ... والتدخلات ... ومن ساعدوا على لهيب النار ... واستمرار الانقسام في ظل شعاراتهم وسطوتهم ... ولكن شاء القدر ... ان تنقلب الامور والوقائع ... ليحدث التراجع ... وتتقزم العواصم ... وتفقد بريقها وقدرتها في ظل تقلبات اقليمية ومتغيرات عالمية .

الحديث عن مصر ودورها ومكانتها حديث طويل وملازم لكافة تفاصيل حياتنا ...تاريخنا .... وواقعنا ... وحتى افاق مستقبلنا .

مصر بمواقفها عبر الزمن الماضي ... الذي عشنا كافة تفاصيله ... كما في ظل الزمن القاسي الذي نتألم بساعاته ... ايامه ...ولياليه الحالكة الظلام ... نتيجة هذا الانقسام الاسود والمخزي ... والذي سيبقى عار علينا ... ومسجل بتاريخنا ... واحد مصائبنا وكوارثنا .

مصر منذ نعومة اظافرنا ... وما قبلها عبر الاجداد والاباء وهم يتحدثون عن مصر وعظمتها ومواقفها النبيلة ... ومحبتها ورعايتها لنا ... دون مقابل ... ودون حساب مدفوع ... فلم يكن هناك دول مانحة ... ولا قرض طويلة الاجل ... ولا دعم عربي ودولي ... ولا تمويل خليجي .

مصر وقفت معنا ... وساعدت على بقاءنا داخل القطاع تحديدا بامكانياتها الخاصة ... وباقتصادها المثقل ... وبمسؤولياتها الكبرى التي تفوق حتى احتياجاتها ... واحتياجات شعبها .

علاقتنا مع التاريخ .. كما علاقتنا مع الواقع ... ومجمل الايام التي أكدت فيها مصر أنها الشقيق الاكبر ... والاكثر حرصا علينا من انفسنا ... وهذه حقيقة تاريخية أتحمل مسؤولية قولها ... بحكم وقائع عديدة ... ومنعطفات خطيرة ... واحداث يعرفها البعض ويجهلها البعض الاخر .

مصر تحملت الكثير ... ولا زالت تتحمل بعزة وكرامه ... لاجل فلسطين وشعبها ... وعملا بواجباتها ومسؤولياتها الكبرى ... لكننا نحن ... واقولها بصريح العبارة ... وحتى لا اعمم ... ولكن البعض القليل ... لم يقابل مصر بما فعلت لنا ... وبما قدمت الينا ... وبما ضحت من اجلنا ... جهلا ... وارتباطا بقوى خارجية لا تريد لمصر الخير ... كما لا تريد لفلسطين السلام .

من هنا فالموقف المصري الشقيق لا يحتاج الى الثناء والتقدير والشكر .. ولا يستطيع أحد امتلاك قدرة المزايدة على من هم بصدارة التاريخ ... ومن هم بصدارة الواقع .. ومن هم الفاعلين الحقيقيين لخطوات المستقبل المنشود .

انتهت جولة الحوار العاجل ... والذي كان على غير موعد ... ولكن للضرورة القصوى ... وما شرح عنه حول ايجاد اليات التمكين للحكومة ... وامكانية وصول رئيس وفد حركة فتح عزام الاحمد ... ولواء من جهاز المخابرات العامة المصرية ... اضافة للطاقم الامني المتواجد داخل القطاع .... لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ... وهذا جيد وفي السياق الصحيح ... وعلى الطريق الصائب الذي يمكن ان يحقق خطوة للامام ... وليس خطوة للخلف .

لكنني وبصراحة ... أرى بموقفنا الفلسطيني ... وأخص طرفي الانقسام ... وحتى من حولهم من فصائل ... وكانهم خارج الدائرة والمسؤولية ... والواقع ... لماذا برأيكم ؟!

ان تختزل الجهود ... الحوارات ... التصريحات ... العنتريات .. التهديدات ... المؤتمرات .. وحتى ايصالنا الى مرحلة الانهيار وفشل المصالحة ... وتهديد الوحدة ... وخراب مالطا

لماذا برأيكم ؟!

لأجل ملف الموظفين ... ما شاء الله علينا ... ما شاء الله على فكرنا... ثقافتنا ....وعينا ... حرصنا ... ما شاء الله على وحدتنا ... التي ستأتي عبر ملف التوظيف .

(11) عام من الانقسام الاسود بكل كوارثه ...وازماته ... وضياع اجيال بكل مستقبلهم ... وحتى حاضرهم ... وبكل ما التصق بهم وحرفهم عن مسارهم ... وجعلهم لقمة سائغة ... نتيجة لهذا الانقسام الملعون ... وفي أخر المطاف الحديث ... والاعصاب تنشد... والصراخ يعلو ... ونقابات الموظفين تهدد وتتوعد ... وكأننا بانقسامنا الاسود ... وبكل الدماء التي سالت ... وبكل العذابات التي لا زالت تنخر بلحمنا وعظمنا.... سببها ملف الموظفين .

اذا كان ملف الموظفين هو السبب ... وهو بالحقيقة .. ليس بسبب ... ولكن يمكن ان يكون ذريعة ومبرر وسراب .. نحاول ان نختلق منه الازمات ... حتى نعكر على ملفات اخرى .... وحتى نخلط الاوراق ... وحتى لا نجعل مجالا لترتيب انفسنا واولوياتنا .

أقولها لن نسامحكم ... ولن نغفر لكم .. وحتى لن نفرح على مصالحتكم ... اتعرفون السبب ؟!

لانكم ادرتم انقسامكم ... بما يحقق مصالح كلا منكم ... وتقاسمتم ... وحاول كل طرف منكم أن يحافظ على نفسه ... وتركتم من دفع الثمن باهظا ... يعيش الامه ومعاناته ... دون الحديث عنهم ... ودون التطرق مشاكلهم ... وازماتهم وكوارثهم التي لا زالت قائمة ومتفشية ومتوغلة ... حتى انها متوحشة بأثارها واعكاساتها التي لا ترونها على ما يبدوا .

انسيتم ... ان كل اسرة بقطاع غزة فيها عدد من العاطلين عن العمل ... انسيتم ...ان كل اسرة بالقطاع لا يوجد لها دخل يمكن ان تعيش منه .. انسيتم ...ان 2 مليون فلسطيني بالقطاع تاتيهم الكهرباء 4 ساعات وتقطع عنهم 20 ساعة ... انسيتم ...ان غزة تطفح بالمياه العادمه ومياه الامطار ... انسيتم ...ان بحر غزة ملوث وغير صالح ... انسيتم ...ان المياه غير صالحة للشرب والاستخدام الادمي ... انسيتم ...عدد المرضى وقلة الامكانيات وحتى عدم قدرة المستشفيات على المعالجة .. انسيتم ...عشرات الالاف من الخريجين من ابناءنا جميعا الذين لا يجدون فرصة عمل واحدة ... انسيتم ... نسبة العنوسة وعدم القدرة على الزواج نتيجة الحالة المادية ... انسيتم ... نسبة الفقر والامراض النفسية التي يعاني منها سكان القطاع ... ماذا اقول لكم .. ماذا نسيتم ؟ ... ام اقول لكم ...ماذا تعرفون؟ ... هل حقا تعرفون؟ ... اذا كنتم تعرفون ... فهذه مصيبة وانتم لا تعملون على الحل ... واذا كنتم لا تعرفون ... فالمصيبة اكبر... انكم غير مؤهلين لحكمنا ... ولا حتى المسؤولية عنا .

نحن لسنا ضد حل كافة الملفات ... بل انني من اكثر الكتاب منذ الانقلاب الاسود ... وانا اكتب عن المصالحة وانهاء الانقسام ... واكتب عن الوحدة الوطنية باعتبارها خيارنا الاستيراتيجي ... واكتب عن حماس كما اكتب عن فتح ... أكتب لهم ... وأكتب عليهم ... كما كافة الفصائل ... لكن ليس هكذا تكون المصالحة ... فالمصالحة ليست بوابتها الموظفين ... لانها اذا كانت المصالحة مختصرة بالموظفين باعتبارها البداية ... فأين حلول عشرات الالاف من الخريجين ... الذي ليس لهم تنظيم يتحدث باسمهم ... واين مصالح شعب بأكمله ... ولا يجلس على طاولة الحوار ... فمن يتحدث باسمه ... ومن أتى لنا بحلول لمشاكلنا وأزماتنا وكوارثنا .

هذا الوطن ليس ملكا للفصائل فقط ... هذا الوطن ملك الشعب الفلسطيني الذي دفع من دمه وارواحه وممتلكاته ... وهو الاحق بالحديث ... وتناول مطالبه وحتى الحق الكامل باختياره ... وتجديد شرعياته .. وان يقول لكل طرف من الاطراف ... ها هو حصادكم في صناديق الاقتراع ... ها هي نسبتكم بنتيجة الانتخابات .

لان ما يبنى على باطل ... فهو باطل .. ولا تسقط الحقوق بالتقادم ... وليس هناك من أمر واقع ... يمكن أن يكون حقيقة وحق لفئة ... وحرمان لفئات وشرائح عديده ... لاننا لا نريد ان نعيش بحارة ابو كلبشة .

بقلم/ وفيق زنداح