ما انتهيت من كتابة مقالتي بعنوان ( المصالحة مستمرة ...هل نسيتم ...أم لا تعرفون ؟!) ...والذي تم نشرها بالعديد من المواقع الإخبارية الالكترونية الفلسطينية والعربية .... وأثناء اطلاعي على بعض المواقع وجدت مقالة للأستاذ طارق حسن الكاتب المصري المعروف ....ومقالة له بعنوان (مصر ...وعبث الفصائل الفلسطينية ) والتي تم نشرها في صحيفة المصري اليوم .
وأنا هنا لست بموقف الرد والتحليل على ما جاء بمقالة الأستاذ طارق حسن ....لكنني وبالتأكيد شعرت بمعاني ودلالات كاتب مصري .....محب لفلسطين وغيور عليها .....ويريد من فصائلها أن تخرج عن حالها .....وأن لا تستمر بحالة الجدل ....وعدم الحسم لقرارها الوطني.... الذي يعجل بإنهاء الانقسام .....وإتمام المصالحة ....بعد هذا الجهد المصري المستمر والمتواصل .
الفصائل الفلسطينية لا زالت تراوح مكانها .....بل لا زالت تتعامل بطريقة الزمن المفتوح ....حيث لا يضيرنا ....ولا يقلقنا .... ولا يهددنا ...هذا الزمن..... والمستمر بقسوته ومرارة أحداثه .... ومنعطفاته المستمرة ما بعد وعد بلفور ....ومائة عام على هذا الوعد الاسود ...وما بعد نكبة ألمت بنا لها ما يزيد عن 7 عقود .... وما بعد احتلال جاثم على صدورنا ...ما بعد نكسة حزيرانية لها ما يزيد عن 5 عقود ...وما بعد انقسام أسود حزيراني له ما يقارب 11 عام .
المشهد بكافة تفاصيله وعناوينه يثير الحزن والاسي..... والي درجة الغضب والاستهجان على احتلال مستمر ..... يتزايد بممارساته ونهبه للأرض ....والعمل على تهويدها .....ووضع القدس بخطر التهويد .....وترحيل سكانها ....كما حصارها بأحزمة استيطانية ..... وتهديد أهلها والقاطنين بداخلها وبجانب أسوارها ....وفي داخل أزقتها .....والعمل على سحب هوياتهم ....كما محاولة تهجيرهم .... من منازلهم ووطنهم وعاصمتهم ..... والتضييق على حياتهم واخراجهم من خلال ممارسات تعسفية ارهابية اسرائيلية.
المشهد الفلسطيني ...وقد وصل به الحد..... الي زيادة الاستيطان ..... وأعداد المستوطنين الذين يزدادون بأعدادهم وانتهاكاتهم الارهابية ....وممارسات الاحتلال باعتقالاته المستمرة ...واغتيالاته الدائمة ....وفرض عقوباته التعسفية ......ضد السلطة الوطنية و الشعب الفلسطيني ..... ومحاولة إحراج السلطة بسياسات الاعتقالات الدائمة ....والاغتيالات المستمرة .
حكومة الكيان لا زالت على جمودها وعنصريتها .....وتصلب مواقفها ....وسياسة تهديدها ....بالقتل والاعتقال ...ونهب المزيد من الأرض ...وبناء المزيد من المستوطنات .
مشهد احتلالي ..... يمارس الارهاب المنظم .....في ظل انحياز أمريكي .....وتهديد مستمر .....حول نقل السفارة الأمريكية ..... وحول قرار القدس عاصمة لدولة الكيان .....واستمرار التلاعب بالأيام والأشهر وبالتمديد مرة .... وبالتهديد مرة أخري ..... في ظل تسريبات اعلامية حول ما يسمي بصفقة القرن ..... في اطار حرب جديدة ذات دلالات سياسية ... تحكمها الضغوط بكافة أشكالها .
كل ما سبق سرده على عجالة ....لابراز طبيعة المشهد الفلسطيني ....في ظل انقسام أسود ...ومحاولات مستمرة من خلال جهود مصرية شقيقة .... تعمل ليل نهار لأجل انهاء الانقسام ...واتمام المصالحة .... وهذا ما تم عبر جولات حوار طويلة ومتعددة وممتدة ....عبر سنوات طويلة ....وحتى اللحظة والتي يتواجد بها الوفد الأمني المصري الشقيق ..... وعلى درجة عالية من المسئولية والقدرة ...... ويعمل جاهدا لأجل ايجاد حلول عملية واليات تنفيذ ..... لما تم الاتفاق عليه بالقاهرة .
الحديث الذي يمكن أن يقال حول المماطلة والتسويف ....والمجادلة والمزايدة .... ومحاولة التهرب..... وعدم الجدية..... في انجاز الملفات وبما يعكر الأجواء ....وبما يغضب الشقيق الأكبر...... والذي لا يستطيع الاستمرار في ظل حالة عدم الجدية ....وابداء النوايا الحسنة .... والتقدم بخطوات ملموسة ..... صوب التنفيذ العملي ......لتمكين حكومة الوفاق بكامل مسئولياتها ومهامها .....والتي ستصل بعد ساعات قليلة الي مدينة غزة باعتبار أن هذا القدوم الحكومي مؤشرا ايجابيا .....على أن هناك اختراقات حول أليات تنفيذ بعض الملفات .....التي كانت عالقة ولم تحسم .
مصر ودورها ..... أكبر من الجميع ...وليس بامكان أحد العبث بها ..... أو محاولة المماطلة معها ....ولا حتى الجدل حول دورها ومكانتها وفعلها .... ومجمل نواياها الصادقة والأمينة بحكم مواقف ثابتة وراسخة ....وتاريخ طويل..... يؤكد لنا ما نتحدث عنه بكل قوة وايمان .....وعلى أرضية صلبة .....ومن منطلق قناعات لا تشوبها شائبة ....ولا يعتريها شكوك .
مصر الشقيقة وقد تعلمنا على أرضها ....وشربنا من نيلها ..... وأكلنا من زرعها ....وصادقنا أهلها ..... وعشنا أجمل أيامنا ...وأحلي أوقاتنا .....وهي تدير شؤوننا ...وترعي مصالحنا ....وتسير أمور حياتنا .
حقبة زمنية تاريخية .....لا تنسي ...بل يمكن البناء عليها .... بمواصلة مصر لدورها ورعايتها ....ومسئولياتها .... حتى ما بعد تأسيس منظمة التحرير ....وما بعد تأسيس السلطة الوطنية ....لا زالت مصر الكنانة ....بتاريخها الطويل والمجيد ....وبتضحياتها الممتدة ....وبدعمها الدائم ...ومساندتها التي لا تتوقف .... وصبرها علينا ....وعلى الكثير من مواقفنا ....ومن زلة لسان القلة منا ....ومن سوء تصرفات البعض منا .
لقد تحملت مصر الكثير منا ....ولا نريد الرجوع بالذاكرة حتى لا نلبد الأجواء ....وحتى نسهل الطريق ....ونعزز الجهود ....ونؤكد على أن مصر لم ولن تتركنا وحدنا ....ولن تمل من سماعنا ....ومحاورتنا .... ورعايتنا ....لكن هذا الصبر المصري ....والتحمل الكبير.... لا يجب ان يستغل بصورة سلبية ...بل يجب أن نبني عليه .....بما يعزز من وحدتنا ....وانهاء انقسامنا ...وتصليب جبهتنا الداخلية .... وأن نتعلم الدروس والعبر ....بأن لا نخطئ بحق أنفسنا .....وأن نعرف الصديق والشقيق .....من غيره .......ممن يبيعون لنا شعارات كبيرة ....ولم يأخذوا خطوة واحدة على طريق تعزيز وحدتنا ....بل أخذوا خطوات طويلة لأجل تغذية انقسامنا ....وحتى تمويل الارهاب الأسود والتكفيري..... بداخل سيناء .....بدعمهم للجماعات التكفيرية الارهابية .
نحن في فلسطين وعبر التاريخ ..... ايماننا لا يتزعزع ....وقناعاتنا لا تتردد ..... ومواقفنا مستمرة ومتواصلة.... نستمد قوتها من منابع التاريخ ....ومن أحكام الواقع ...... ومما نشاهده ونستمع اليه ..... ومدي محبة مصر لنا ....وخوفها علينا ...... والتي نبادلها الحب والعشق لترابها .....والحرص على أمنها ....وعدم القبول بالعبث بمقدراتها ....وتراب أرضها .
علاقاتنا مع مصر تتجاوز العلاقات الطبيعية .....لتصل الي مرحلة التميز .....وحتى الي مرحلة التوأمة ...مرحلة الانصهار ....لأن لمصر مكانة عظيمة لا يمكن وصفها بمقال ..... ولا يمكن أن أدلل عليها بكلمات ....لكنها مشاعر وأحاسيس تولدت بفعل تاريخ وتجربة ....ومواقف عديدة .... وتضحيات ملموسة ....قدمتها مصر لأجلنا دون مقابل ....ودون أن تنتظر منا الشكر .
القوي السياسية الفلسطينية بمجملها وعلى رأسها القطبين الاكبر فتح وحماس ...وكما يقال طرفي الانقسام ...وضرورة أن تكون حساباتهم السياسية .... وفق متغيرات متسارعة .....وعواصف عاتية ....ورياح عاصفة .... لا نعرف من أين ستأتي ....والي أين ستصل ... القدس تهدد .... والمشروع الوطني يهدد.... فماذا علينا أن نفعل ؟! .
لحظة حاسمة وتاريخية ..... يجب أن نتجاوز فيها كافة الصغائر ....وأن لا نتوقف أمام ملفات يسهل حلها بالصبر على أنفسنا .... وبتحمل أعباء اقتصادنا ..... ومساحة التدخل والضغوط التي تمارس علينا .
يجب أن لا ننكر ...وأن لا نحاول .... التهرب من حقيقة السياسة ومفاعيلها .... ومعادلتها الشرق أوسطية ....وحتى معادلتها الدولية .....يجب أن لا نتهرب من سياسة المصالح... التي تحكم مواقف بعض الأطراف الاقليمية .....والتي تجعلها تتدخل الي الحد الذي تريد أن تبقي على الانقسام ....وحتى يمكن لها أن تستمر برفع الشعارات ...كما استمرارها بدفع ودعم قوي الارهاب المتطرف والتكفيري .....وخلط الأوراق ....وارباك الجبهات الداخلية ....وقطع الطريق علينا وعلى اشقائنا المصريين .....بمحاولة زيادة عملياتهم الارهابية ..... التي تنعكس بالسلب على امكانية فتح معبر رفح البري...... وتسهيل أمور الناس ....وتحركهم ...وشعورهم أن الانقسام قد زال ....وأن المصالحة قد تمت ....وأن الحكومة قد تمكنت .....وأن السلطة الوطنية وقد عادت .
هناك الكثير من القضايا الخدماتية .....مثال الكهرباء والمياه ....وحالة التلوث ....وتطور وسائل العلاج .... وتوفير الأدوية ..... والتحويلات الطبية ..... وايجاد الحلول الممكنة للموظفين ..... واستحداث برنامج تشغيل للعاطلين عن العمل من الخريجين الجامعيين ....وتعدادهم بالالاف .
مهام ومسئوليات عديدة أمام حكومة التوافق ..... تحتاج منا جميعا الي الصبر والتريث... وعدم الاستعجال ....وعدم احداث الارباك بمسيرة العمل الحكومي ....وتسهيل عملية التمكين ....ومساعدة الشقيق الاكبر بجهوده المستمرة والمتواصلة ....وبوفده الأمني المتواجد داخل القطاع...... والذي يتابع كل صغيرة وكبيرة ....ويجري من المشاورات والحوارات ....وايجاد الحلول لما يطرأ من عثرات ومصاعب ..... حتى تتسهل الأمور .
مصر بدورها ومكانتها ...واستمرار رعايتها وحتى شراكتها معنا ..... بايجاد الحلول لأزماتنا ..... ومجمل ملفاتنا ..... انما تؤكد على أن مصر مستمرة وعازمة على استمرار جهودها ...ومثابرتها ....وبتوجيهات مباشرة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي...... ومن معالي الوزير خالد فوزي رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية .
وحتى يطمئن الجميع.... وحتى لا ينتاب أحد مشاعر الخوف...... من ان مصر الشقيقة يمكن أن تتركنا وحدنا ....فهذا مخالف للتاريخ .....وللحقائق الثابتة والراسخة عبر الأجيال .... والتي لا يمكن التنازل عنها..... أو العبث بها ... لأن مصر بقلوبنا ..... ونحن بقلب مصر .
بقلم/ وفيق زنداح