الرد الحقيقي

بقلم: صلاح صبحية

لم يكن القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني مفاجئا لمن يعتبر الولايات المتحدة الأمريكية ليست طرفا محايدا و وسيطا نزيها في الصراع العربي الصهيوني، بل هي طرف رئيس في هذا الصراع، فهي ومنذ انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين أصبحت صاحبة المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني على أرض فلسطين، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تكن في يوم من الأيام مؤيدة لحقوق شعبنا، بقدر ما كانت تعمل دوليا على شطب حقوقنا وإنهاء قضيتنا لمصلحة مشروعها الاستعماري في فلسطين، وهي التي حاربت منظمة التحرير الفلسطينية منذ وجودها وعملت على إلغاء وجودها على قاعدة شعار وزير خارجيتها في سبعينات القرن الماضي الذي قال: باي باي منظمة التحرير، حيث أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية اليوم بحاجة ملحة لإعادة تفعيل مؤسساتها والعمل على استنهاضها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني في كافة اماكن تواجده بعد أن سلبتها السلطة هذا الدور.

إن الاستراتيجية التي اعتمدها العرب باعتبار الولايات المتحدة الأمريكية تملك 99% من أوراق الحل، كان هذا صحيحا بما يدعم الوجود الصهيوني على أرض فلسطين، وليس بما يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة التي أقرتها له الشرعية الدولية عبر العديد من قرارت الجمعية العامة ومجلس الأمن وكافة المنظمات الدولية، ومن هذا الموقف الأمريكي المعادي لحقوقنا التاريخية والشرعية علينا إعادة النظر في أسلوب تعاملنا مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها دولة معادية لحقوق شعبنا الفلسطيني.

إن الرد الفلسطيني الحقيقي على القرار الأمريكي لا يكون بالاستنكار والشجب والتنديد والرفض وحسب، بل يجب علينا أن نخطو خطوة عملية استراتيجية على الأرض، هذه الخطوة التي كان يجب اتخاذها منذ خمس سنوات تحديدا، أي منذ أن تم قبول فلسطين دولة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذه الخطوة تتطلب انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني فورا، وبحضور الكل الفلسطيني لاتخاذ القرار الوطني الفلسطيني المتمم للقرار 67/19 تاريخ 2012/11/29 وذلك بإنهاء مرحلة السلطة والانتقال إلى مرحلة الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال، حيث نملك اعتراف /138/ دولة عضوا في الأمم المتحدة بأننا دولة تحت الاحتلال، لذلك لا يوجد لنا أي مبرر في التأخير أكثر من كل الخمس سنوات الماضية لنتخذ مثل هذا القرار، قرار مواجهة القرار الأمريكي الذي أعلنه ترامب بالأمس، إننا مطالبون اليوم بإعلان الانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة دولة فلسطين تحت الاحتلال، وذلك تجسيدا أيضا لقرار مجلسنا الوطني الفلسطيني عام 1988 الذي أعلن فيه القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات قيام دولة فلسطين على أرضنا الفلسطينية بعاصمتها القدس العربية، وأن تتحول اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى حكومة دولة فلسطين.

وبغير هذا القرار الفلسطيني لا يوجد رد فلسطيني حقيقي وفعلي يجسد القدس عاصمة دولة فلسطين، وخاصة أن الرد العربي لن يكون أكثر من بيانات شجب واستنكار للقرار الأمريكي.

صلاح صبحية. 2017/12/7