بداية لا يسعني الا أن أسجل الفخر والاعتزاز بشعبنا العظيم ...ووقوفه صفا واحدا ....في أيام الغضب ....والاستنكار .... على هذا القرار الجائر والظالم ..... الذي أصدره الرئيس الأمريكي ترامب ....والذي يؤكد فيه على انحيازه الكامل .....وعن خروجه الدائم.... من أى تسوية سياسية قادمة.... يمكن أن تكون فيها الولايات المتحدة طرفا فيها .
شعبنا العظيم الذي رسم بدمائه وبأرواح الشهداء والجرحي ....خارطة الوطن الفلسطيني وعاصمته الأبدية القدس ....برسالة فلسطينية لا زالت تتردد بفضاء الكون..... أن فلسطين وشعبها وقيادتها يلتزمون بالسلام العادل ....والشامل ....السلام الذي يقود الي دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة بعاصمتها القدس ..... وحل عادل لقضية اللاجئين .... وفق القرار 194 ....وليس هناك من قيادة فلسطينية يمكن أن تقبل بأقل من الحد الأدني المتوافق عليه فلسطينيا لانجاز اى تسوية سياسية .....يمكن أن تكون ..... والأيام القادمة.... وما يستجد من أحداث ربما يغير من خارطة الموقف الفلسطيني ويجعله متمسكا بقرار التقسيم وفق القرار 181 ....أو وفق مفهوم حل الدولة الواحدة .
على أرض فلسطين التاريخية من بحرها لنهرها ....ومن رأس الناقورة حتى رفح .
يجب أن نسجل للرئيس محمود عباس موقفا شجاعا وثابتا..... بتمسكه بالقرار الوطني المستقل .... وعدم القبول والرضوخ بكل ما يمكن أن يطرح عليه دون الحد الأدني .... والمتوافق عليه فلسطينيا ..... وأيا كانت الدولة أو العاصمة التي يمكن أن تطرح ما يخالف ثوابتنا الوطنية وحقوقنا المشروعة .
وثانيا : أن الرئيس عباس لنا أن نفخر بأنه من القلائل الذين قالوا (لا) للادارة الأمريكية ....كما قالها الرئيس الشهيد ياسر عرفات في واي ريفر وطابا للرئيس الامريكي الأسبق كلينتون .
ثالثا: المرونة السياسية للرئيس عباس واعتدال خطابه ومفرداته السياسية .....قد فهمت بطريقة مغايرة للحقيقة السياسية.... وللثوابت الوطنية التي نتمسك بها ....ونحرص عليها ....ونضحي من أجلها ....ولا زلنا نضحي .....وعلى استعداد تام لدفع الثمن من أجل حرية شعبنا وسيادة أرضنا وتجسيد دولتنا الفلسطينية بعاصمتها القدس .
رابعا وأخيرا : أن الرئيس عباس قد قال أن القدس عاصمة دولة فلسطين وأنها اهم ....وفي سلم أولوياتنا الوطنية .....ولا يمكن استقبال نائب الرئيس الامريكي بمدينة بيت لحم .... كما لا يمكن القبول بدعوة الرئيس ترامب للرئيس عباس بزيارة البيت الأبيض.
أمريكا وقد فقدنا الثقة المطلقة بها ...وكنا ندرك انحيازها ....وقد كنا نعرف أنها تدير الصراع ...ولا تعمل على حل الصراع....كنا ندرك الكثير ....ولا زلنا على قناعة ثابتة وراسخة أن أمريكا واسرائيل شي واحد ....لا يفصل بينهما الا الجغرافيا ....ولون العلم .... ومن يتولي مهام ومسئولية كل كيان في ظل منطلقات واحدة ....وأيدلوجيات واحدة ....وعنصرية توحد بينهم ...وكراهية للعرب والمسلمين ..... والعمل على استعباد المنطقة ....واثارة النعرات بها ....واضعاف أركانها ....ومقومات قوتها .
المخطط الأمريكي الاسرائيلي الواحد المؤحد ليس بجديد .....بل بقدم الزمن.... ومنذ تأسيس دولة الكيان ....وما صاحب هذا التأسيس من استراتيجيات تخدم الامن الاسرائيلي والأمريكي على حساب الأمن العربي ..وتعزز الوجود الأمريكي الاسرائيلي على حساب الأرض العربية والفلسطينية .
مخطط عنصري استعماري امبريالي لا زال قائم بفصوله المتعددة ....وبسيناريوهات مختلفة ..... لكنه بمضمون واحد ...ولأجل تحقيق أهداف واحدة .
هناك من المفاجئات التي لن تستطيع ادارة ترامب توقعها .... نتيجة للخطيئة السياسية والمخالفة للشرعية الدولية وقراراتها.... في لحظة تاريخية توهم فيها ترامب ونتنياهو أن الحالة الفلسطينية أضعف من أن تقول ( لا ) وأن الحالة العربية لا زالت تلملم جراحها وتحافظ على كياناتها ..... في ظل ارهاب أسود وتكفيري لا زال ينتشر بجرائمه .... داخل بعض الساحات العربية .
ترامب ونتنياهو .....وقد أغرتهم قوتهم العسكرية .... كما أغرتهم حالة الارباك العربي ....كما توهموا بحالة الانقسام الفلسطيني ..... من خلال ممارسة الضغوط السياسية والمالية والتهديد بقطع المساعدات .....وتحريك بعض العواصم لممارسة الابتزاز والضغط السياسي على أرضية الفرصة السانحة ...والصفقة المتاحة والقادمة ....والتي لا مناص الا القبول بها ....والا فان النتائج ستكون وخيمة .
الشعب الفلسطيني وقيادته ...وقد أدركوا ما يخطط وما يدبر.... ولم يكن مفاجئا ما صدر من ترامب .... لكن المفاجأة ....بقوة الرسالة الفلسطينية التي تحملها الأيام من خلال أيام غضب ....وتحركات سياسية بدأت بمجلس الأمن .... ورفض القرار الأمريكي من 14 دولة ....ماعدا الولايات المتحدة.... التي أرادت أن تعزل نفسها ....وأن تقف أمام العالم بأسره نتيجة انحيازها وقرارها الظالم والجائر ..... كما حالة دولة الكيان التي تزداد بعزلتها نتيجة أطماعها وسلبها للحقوق الفلسطينية .
ترامب ونتنياهو بقارب واحد .....وسط بحر هائج .... وغضب عارم ....وردود أفعال تتعدي حدود الولايات المتحدة ودولة الكيان ...لتصل الي الساحة الدولية بأسرها .... والتي تؤكد على أن الحقوق الفلسطينية ليس قابلة للقسمة.... وأن القدس عاصمة أبدية لفلسطين ....وأن سر قوتنا بضعفنا ...وأن ضعفهم بقوتهم الطاغية والمنفلتة .....والتي لا تجد من يوقفها ومن يمنعها .... شعبنا بحجره ....وباشارة نصره .....وعلمه الفلسطيني الذي يرفرف بسماء الوطن ....سيسقط نتنياهو وسيجعل أنفه بالتراب ....كما سيسقط ترامب وسيجعله معاديا للسلام والامن العالمي .
ترامب ونتنياهو بقارب واحد ....وأمام مصير واحد ...مصيرهم الفشل والزوال ..... من المسرح السياسي لعدم امتلاكهم لقدرة القراءة السياسية والتاريخية ..... لمجريات الأحداث ....ولطبيعة الصراع .... ولمقومات القوة والحقوق ..... التي يتمتع بها الشعب الفلسطيني بتاريخه وحضارته وثقافته..... وبكافة القرارات الاممية الصادرة بحقه ولصالح قضيته ....والتي أراد ترامب ونتنياهو أن يتجاوزها ....وأن يقفزوا عنها بقوة غطرستهم ....وما يتوهمون من امتلاكه من أدوات ضغط وابتزاز سياسي ومالي ....يمكن استخدامه لزيادة الحصار علينا .... وتجويع شعبنا .... والاغلاق على قيادتنا .... بعدم تحركها لمقاضاه أمريكا ....ودولة الكيان أمام كافة المؤسسات الدولية .... التي تستند للقانون الدولي والتي لا تفرق ما بين دولة كبري ودولة صغري .
الرئيس عباس بما يمتلك من أدوات وأوراق لا توفر له كامل القوة المطلوبة ....لمواجهة الولايات المتحدة ودولة الكيان ..... كما أن شعبنا الفلسطينية لا يمتلك من مقومات القوة العسكرية ما يمكنه من فرض ارادته وتحرير أرضه .
لكن الحقيقة الساطعة..... والتي ربما يعرفها البعض ....وربما لا يعرفها البعض الاخر ....أن الرئيس عباس بموقعه وشعبيته وجماهيره ....التي تواجه الاحتلال بكافة المدن والمخيمات وبكل المسيرات التي تخرج بالميادين والشوارع داخل الوطن وخارجة ..... انما تؤكد ان الرئيس عباس أقوي من ترامب ونتنياهو ...... وأن سر هذه القوة يكمن بالحقوق.... ولا يكمن بانتهاكها .... القوة التي تكمن بالقانون والشرعية الدولية ....وليس بمخالفتها ..... القوة التي تستمد جذورها من تاريخ شعب اقتلع من أرضه ...وهجر وطرد .... على مرأي ومسمع العالم .... شعب لا زال حيا ... قادرا ... مقاوما .... فاعلا ..... ومتواجدا بكافة الساحات بداخل وطنه وخارجه ....ويمتلك من الصوت.... وقوة الحق..... ما يمكنه من قول الحقيقة السياسية .... التي أدركها العالم بأسره .....والذي جعل من ترامب ونتنياهو بحالة عزلة سياسية ....وسيكونوا أقرب الي السقوط والتهاوي ....وحتى المحاكمة على فعلهم وجرائمهم ....وانتهاكهم للقانون الدولي الانساني ..... العالم يقف معنا ...ويساندنا .... ويعترف بحقوقنا ...كما يعترف أن القدس عاصمتنا .
لكن يبقي السؤال من يقف مع ترامب ونتنياهو ؟!
من يؤيد ترامب ونتنياهو ...ومن يقر أن القدس عاصمة اسرائيل ؟!
وحتي من يعترف ويمكن أن ينقل سفارته الي القدس ؟!
لا أحد يقف معهم ....حتى أنهم داخل مجتمعهم أصبحوا محل خلاف وتباين لأسباب عديدة ..
أولا : امريكا بادارة ترامب وقد عزلت نفسها وتقف بمواجهة العالم بأسره ...وهذا ما يتناقض والمصالح الامريكية .
ثانيا : أمريكا ومخالفتها للشرعية الدولية وقرارتها ...مقدمة خطيرة لحالة انفلات قانوني دولي ....يخلق حالة عدم التزام من قبل بعض الدول اذا ما صدر بحقها قرارات .
ثالثا : أمريكا تقدم نفسها بصورة خاطئة على حساب علاقات سياسية واقتصادية وتجارة دولية ....وأن موقفها الخاطئ سوف يكون له نتائجه العكسية على مجمل مصالح أمريكا
رابعا : المخاطر والأخطار التي تحيط بأمريكا نتيجة قرار ظالم لا يستند الي قانون ....ولا الي شرعية دولية .... يعتبر تهديدا للأمن والسلم العالمي ....كما تهديدا للامن القومي الامريكي .
خامسا : منذ تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة ما بعد نتائج الانتخابات التي لم تكن حاسمة بفارق كبير والمجتمع الامريكي غير راضي عن رئاسته ....وغاضب من سياساته ...وهناك العديد من المسيرات التي تخرج ضد ترامب .... والتي تزيد من المعارضه له ....والتي تعجل بسقوطه .
سادسا : حلفاء الولايات المتحدة من العرب والمسلمين .... وكافة دول العالم .... سيجدون في ترامب شخصا غير موثوق به ...ولا بادارته .... التي تتغير بأشخاصها بصورة دائمة ....وهذا ما يدلل على حالة التخبط ..... في السياسة والادارة الامريكية .
اضافة لعوامل عديدة تهدد المستقبل السياسي للرئيس ترامب والتي سوف ترجح ...امكانية سقوطه .....أو اسقاطه بحكم مخالفة مصالح الولايات المتحدة.... نتيجة قرارات غير متوازنه .....ينتج عنها الحاق الضرر بمصالح الولايات المتحدة ...وخلق ازمات لها .
أما رئيس دولة الكيان نتنياهو والذي يخضع لتحقيقات مستمرة بتهم الفساد واستخدام النفوذ وما يعيشه ائتلافه الحكومي اليميني من ضعف وتباين بوجهات النظر ....وحالة عدم تماسك نتيجة سياسات متناقضة .... لقوي اليمين ...مع الأحزاب الدينية ....وبالتالي فان الحكومة الاسرائيلية ....بداخلها عوامل اسقاطها ....أكثر من عوامل استمرارها .....هذا أولا
ثانيا : اسرائيل بكل قوتها العسكرية والانحياز والدعم الامريكي لها لم تستطع على مدار سنوات تأسيسها أن تحقق الأمن .... بل تعيش وعلى الدوام بحالة أمن غير مستقر .
ثالثا : فشل تحقيق الامن ...كما فشل تحقيق السلام ....يعرضها للخطر برغم قوتها العدوانية .... التي لا تمتلك قدرة توفير الامن لها ....حتى بكل الدعم الامريكي.
رابعا : نتنياهو والليكود والائتلاف الحكومي الاسرائيلي الحالي .... يعتبر بقرار ترامب هدية ثمينة ....ويوم تاريخي .... لأنهم يفتقدون الي قدرة قراءة أبعاد ونتائج هذا القرار .
خامسا : حلم التسوية السياسية وقد اصبح خيالا ووهما .... بحسب المفهوم الاسرائيلي الامريكي ....والقائم على الجزء اليسير من مساحة فلسطين التاريخية ....والذي لن يكون مقبولا بعد اليوم .
سادسا : نتنياهو وائتلافه الحكومي قد سجلوا تراجعا سياسيا ..... وهذا ما سوف يسبب ازمة حكومية ....وانهيار سريع ..... داخل الائتلاف الغير متماسك بالأساس .
سابعا: الاسرائيليين وقد شعروا أن حكومتهم وحتي الولايات المتحدة تأخذهم الي طريق المواجهة والتصعيد ..... وزيادة مساحة العداء لدولة الكيان ....وهذا ما يخالف ويتناقض مع ضروراتهم الأمنية التي يسعون اليها .....كما ضروراتهم الاقتصادية .... والمالية ....والانتاجية والسياحية .
لقد ساهم قرار ترامب ..... الظالم والجائر ..... والذي افرح نتنياهو وائتلافه ..... وما وصلوا اليه من عزلة دولية ...وغضب دولي ...وما تشهده الأرض الفلسطينية وداخل الخطة الأخضر ....كما الساحة العربية والدولية من غضب عارم ...ورفض دائم .....ليس لكون القدس عاصمة لاسرائيل .....وليس لأن ترامب سيقوم بنقل السفارة الامريكية للقدس ....لكنه الرفض الكامل والقاطع لوجود هذا الكيان .....الذي أضاع على نفسه فرص عديدة بغطرسته وجرائمه ووممارساته التعسفية .....حتى أن ترامب وادارته لن يجدوا الترحيب داخل المنطقة العربية ولا داخل الأرض الفلسطينية .
العالم بأسره ....باستثناء أمريكا ودولة الكيان .....يقفون مع الشعب الفلسطيني وقيادته ....يساندون الرئيس محمود عباس .....ويطالبون بالحقوق الفلسطينية ...وعلى راسها القدس العاصمة ....وتجسيد دولة فلسطين وحق عودة اللاجئين ....ولا سلام..... دون تحقيق كامل الحقوق ....والا فان الانتفاضة السلمية ....وبالحجر المقدس ..... وبرفع علم فلسطين ....سنحدد خارطة فلسطين المستقبل ....والتي سنجسدها بدمائنا وأرواح شهدائنا ..... وعندها سيسقط ترامب ونتنياهو ....ولن تقوم لهم قائمة .
بقلم/ وفيق زنداح