نعم ... لا زال يمكننا ان نحقق الانتصار على معسكر الاعداء, رغم كل الجبروت والقوة التي يملكون, فكل ما في الامر اننا ابدا لم نحاول ان نفحص قوتنا في المقابل, ولا ان ندرك من نحن ولا كيف يمكننا استخدام ما نملك من قوة كامنة, ولا حتى من نقصد ب نحن, هل نحن الفلسطينيين فقط, هل نحن العرب فقط, المسلمين فقط, الدول الفقيرة والمنهوبة فقط, احرار الارض فقط, ام اننا كل هؤلاء, هل علينا ان ننتصر بالحلم ام ان علينا ان نؤسس لتحقيق النصر, هل النصر محض اوهام ام انه مجموعة افعال وتراكم وتواصل للفعل على الارض بما يضمن التفوق, وهل بإمكان الف او الفين او مليون متمول ولص ومالك للثروة والسلطة ان يجابه ارادة مليارات البشر وكيف وبأية وسائل.
قد يقول قائل ان ما يملكه اصحاب الثروة والسلطة والنفوذ من ادوات قتل ودمار كفيلة بتدمير العالم وابادة كل من يقف في وجههم, الا ان ذلك لا اساس منطقي له حين نعلم انهم لا يمكنهم ولا يستطيعون ولا يرغبون بان يستخدموا قوتهم بأيديهم ولو ارادوا ذلك لن يتمكنوا لا سباب عديدة في مقدمتها ان ثروتهم دون فقرنا مستحيلة فنحن من نصنع ثروتهم, بمعنى اما ان نصنعها بأيدينا كعمال وفعلة وحراثين وحمالين وأقنان وعمال, او ان نفعلها بأيدينا كجنود لتسهيل مهامهم في السطو على مقدرات الشعوب, علينا ان ندرك ان لا ثراء فاحش دون فقر مدقع, ولا ظالم دون مظلومين, ولا حاكم دون محكومين, كل ما في الامر ان على المظلوم مرة ان يتوقف عن الاستعداد لقبول الظلم وليس أكثر, على القن ان يتنازل عن الموت في سبيل الخبز لأيام قليلة يصبح فيها الظالم غير قادر على مواصلة ظلمه حتى بدون موافقة المظلوم وغير قادر على صناعة قوت يومه دون موافقه العبد او العامل او الجندي القاتل.
فلسطين هذه الارض الصغيرة والمستباحة اليوم من قبل كل قوى الظلم والظلام في العالم, تنسى هي واهلها قبل غيرهم انها كانت قبل الفين سنة فقط مصدر الهام لأكثر من ملياري مسيحي على وجه الارض, واكثر من مليار ونصف مسلم, ها هم اليوم ينصاعون جميعا صاغرين أمام ثلة قليلة من المتمولين العنصريين, يسيطرون على اقتصاد العالم من امثال عائلة روتشيلد التي يقال ان ميزانيتها تفوق ميزانية كل دول العالم بمرات ومرات, تنصاع اليوم لشركات صهيونية عنصرية في امريكا والمانيا وغيرها كمجموعة زيلخا للاستثمار في الولايات المتحدة, وشركة سيغ ساور الالمانية لصناعة الاسلحة والتي يراسها رون كوهين وغيرها الكثير من غير المعلن بما فيها صناعة الاسلحة الاسرائيلية, وتنصاع لإرادة الاعلام المملوك لهم مثل فوكس نيوز وسي ان ان واي بي سي نيوز وشركات هوليود وصحف امريكا وفرنسا والمانيا وكذا القنوات التلفزيونية وكذا وكالات الانباء كرويترز والوكالة الفرنسية, وسلسلة مطاعم ماكدونالدز وستاربكس, وكذا الشركات الداعمة مثل كوكا كولا ونستلة, الى جانب ملكيتهم لشركات انتل وديل واوراكل وجوجل وفيس بوك, واليوم وبعد مائة سنة فقط من هجرتهم الى الولايات المتحدة يشكل اليهود 25% من اغنياء امريكا ال "400" وذلك حسب ترتيب مجلة فوربس, وقد اظهرت دراسة لصحيفة «الراي» الكويتية حول «سر تمدد قوة اليهود الخفية في العالم ومستقبل دعم إسرائيل مقابل دعم دولة فلسطين» ( أن الثروات التقديرية لنحو 3 ملايين يهودي أميركي واسرائيلي تقدر بأكثر من 6 تريليونات دولار متركزة أساسا في الولايات المتحدة، وجزء بسيط منها في اسرائيل وبذلك تفوق ثروات أغنياء اليهود أكثر من مرتين حجم الناتج المحلي الاجمالي لكل الدول العربية الذي قدره البنك الدولي في 2013 بنحو 2.8 تريليون دولار).
ومع كل ما تقدم فان تحقيق الانتصار ممكن حين نستعيد في ذاكرتنا كيف تمكن فلسطيني واحد هو السيد المسيح عليه السلام من ان يواجه أعتى امبراطورية على وجه الارض حافيا عاريا الى ان تمكنت تعاليمه من السيطرة على الامبراطورية نفسها وباتت الديانة المسيحية هي الديانة الرسمية لروما وإمبراطوريتها المنتشرة في العالم, لا زال ذلك ممكن اذن ولا زال بإمكان فلسطين ان تكون مصدرا ليس لانتصارها فقط على العنصريين والإمبرياليين ولصوص الارض بل وان تجعل ذلك انتصارا كونيا ايضا باستعادة مكانتها كحاضنة للثورة ضد الظلم وكما تمكنت من ان تكون مصدرا للإشعاع المسيحي والاسلامي فلا زال بإمكانها ذلك ان تمكنت باهلها المؤمنين بمكانتهم ودورهم ومكانة بلادهم وحقهم بها من ان يواصلوا قيادة كل شعوب الارض في وجه الظلم والاستبداد الذي يمثله اللصوص الاغنياء عبر بقاع الارض موحدين في وجهنا.
ابدا لم يكن ترامب هو من اعلن القدس عاصمة لدولة الاحتلال بل هو ارتكز بذلك على كل حلفاءه في كل مكان ولو كان لديه ادنى شك من ان هناك حاكم عربي واحد سيقف موقفا حقيقيا ضد قراره لما فعل, لو انه ادرك ان هناك قوى حقيقة فاعلة على الارض العربية ستقف في وجهه ووجه قراره لما فعل, لو انتابه الخوف على مصالح بلاده ومصالح رفاقه من لصوص الارض لما فعل, ترامب ليس شخصا منعزلا بل هو ممثل امين لمصالح طبقته ولذا سعى حتى لسرقة فقراء امريكا بتخفيض ضريبة الدخل عن اغنياء امريكا, وسعى لخفض قيمة الدولار لصالح اغنياء بلاده, وسعى لتوطين الوظائف لإلهاء فقراء بلاده, وهو استعان بحلفائه لتعويض الخسائر المباشرة لخزائنه ووجد في السعودية وقطر والامارات وغيرهم من التابعين العرب مستعدين لتعويض تلك الخسائر بملياراتهم, بعد ان سيطر كليا على نفط العراق وليبيا, ويسعى للسيطرة على طرق الغاز عبر سوريا ولا زال حالما بالسيطرة المطلقة على مخزون الطاقة في السعودية ودول الخليج قاطبة, وصولا الى ايران لتملك بلاده بذلك شريان الدم لكل بقاع الارض, وليتمكن من فرض سطوته وسيطرته على كل بقاع الارض لصالح حفنة من الأغنياء والقتلة.
ان ادراكنا لمكامن قوتنا البادية ضعفا في ظاهرها وقدرتنا على توحيد طاقات كل المظلومين الى جانبنا معتبرين قضية المظلومين على الارض واحدة تبدأ من فلسطين وقلبها القدس سيمكننا من الحاق الهزيمة بالمشروع الامبريالي برمته اينما كان عبر استخدامنا لقوة تضامننا ووحدتنا وقدرتنا على اخراس مدافعهم حين لا تستطيع ان تحصد ارواح الالاف وعشرات الالاف والملايين من الفقراء العراة حين يتنازلون عن اسمالهم وفتات خبزهم لصالح غدهم, وحين يدركون انهم لن يخسروا شيئا سوى جوعهم وذلهم.
يمكننا الانتصار على ترامب ورفاقه من لصوص الارض نعم ... ان نحن قررنا مجتمعين بدءا من تسعة ملايين فلسطيني, مليارات من الفقراء والمضطهدين من المسلمين والمسيحيين والهندوس والبوذيين وغيرهم وغيرهم, أية قوة على وجه الارض يمكنها ان تقف في وجه عرينا وجوعنا وضعفنا ان نحن قررنا موحدين ان نتنازل يوما عن ذلنا واستعدادنا لقبول الجوع والاضطهاد والظلم, عندها لن نخسر شيئا سوى حالنا المأساوي لنكسب الحياة.
بقلم
عدنان الصباح