أوسلوا.. في قفص الإتهام

بقلم: أشرف صالح

بعد قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس . إنتفض الشارع الفلسطيني . وإنتفض الوطن العربي وبعض الدول الغربية الصديقة . ولكن ترامب كان ليس المتهم الوحيد بهذه القضية . بل أوسلوا سبقته إلى قفص الإتهام . لقد وجهت الفصائل الفلسطينية أنظارها على إتفاقية أوسلوا بعد مرور 24 عاما . وأشارت لها بأصابع الإتهام بأنها هي وراء كل نصيبة للشعب وللقضية الفلسطينية . وهذا الأمر ما دفعني أن أكون في موقف الدفاع عن أوسلوا . ليس لأن أوسلوا لا تخلوا من الأخطاء وليس لأنها حققت طموحات الشعب الفلسطيني . فأنا أعلم جيدا أن أوسلوا مليئة بالأخطاء كغيرها من الإتفاقيات السياسية . ولكن هناك عوامل كثيرة غير أوسلوا ساهمت في تراجع القضية الفلسطينية إلى الوراء . ومن أهم هذه العوامل أن اليهود أصلا هم من قضوا على إتفاقية أوسلوا متنصلين من الأجزاء المكملة للإتفاقية بعدما تم التوقيع عليها . وأيضا عندما إقتحم شارون حرمات المسجد الأقصى رسالة منه بأن اليهود قضوا على أوسلو . ومن قبل تم قتل رابين على خلفية إتفاق أوسلوا . فكل هذه الدلالات تثبت لنا أن اليهود عزموا القضاء على أوسلوا . رغم أن أوسلوا لا تغني من جوع بالنسبة لنا . ولكنها بالنسبة لليهود كانت نواة الهوية الفلسطينية . لأن اليهود كانوا ولا زالوا يعتبرون أن فلسطين هي أرض بلا شعب .

يجب علينا أن نتجرد من العواطف عندما نحكم على الأشياء . وأن تكون الدلائل والوثائق والمنطق هي سيدة الموقف . لقد إنتهت أوسلوا قانونيا وسياسيا . لأن الجزء الأول من إتفاقية أوسلوا خمس سنوات وينتهي من عام 99 . ومن المقرر أن تتبع لها إتفاقيات مكملة بحيث الوصول إلى النهاية . وهي دولة فلسطينية على حدود عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية . وبالفعل في عام 2000 في كامب ديفيد تنصلوا اليهود من ما كان متفق عليه . وحينها أدرك الرئيس الراحل "ياسر عرفات" أن اليهود لا يريدون إعطائنا شيئا . فقرر أن تكون البندقية سيدة الموقف . ومن ثم قرر اليهود القضاء على مؤسسات السلطة التي تمثل الهوية الفلسطينية .

إن إتفاقية أوسلوا ليس كاملة الأوصاف ولا السيادة . ولا تغني من جوع . ولكنها كانت قطعة الخبر التي تبقي الإنسان حيا بعد قرار موته . فقبل إتفاقية أوسلوا كنا نحن الفلسطينيين لا مقر لنا . الشعب في واد والأرض في واد والقيادة في واد آخر . بالإضافة إلى السيطرة الكاملة من الأنظمة العربية على القرار الفلسطيني .

إذا كانت الفصائل تطالب بإنهاء أوسلوا . فقد إنتهت فعلا بقرار من اليهود . أما المطالبة بحل السلطة الوطنية الفلسطينية فهذا يعني القضاء على مؤسسات السلطة التي تمثل الهوية الفلسطينية . وإعادة إحتلال الضفة الغربية بالتوازي مع إقامة دولة في قطاع غزة . وهذا يخدم اليهود أولا وترامب ثانيا . لأن مؤسسات السلطة هي من سوقت مشروع الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة والعالم . وأصبح العالم يسمع بالدلة الفلسطينية بعدما كانت ناسيا منسيا .

إن الفصائل التي تطالب بحل السلطة نسيت أنها دخلت الإنتخابات الرئاسية والتشريعية على أرضية أوسلوا . ونسيت أيضا أنها إندمجت في مؤسسات السلطة على أرضية أوسلوا . ونسيت أنها حملت السلاح وطورت من قدراتها العسكرية على أرضية أوسلوا بعدما كان الحجر سلاحها .

أيتها الفصائل الفلسطينية . إذا كانت أوسلوا هي العقبة في طريق التحرير . فأنتم تمتلكون السلاح والعتاد والطريق متاح للجميع حرروا فلسطين ونحن خلفكم .

وأعلموا جيدا أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبعض الدول العربية أيضا . إعترفوا بحق اليهود على أرضنا قبل أوسلوا بزمن طويل .

بقلم/ أشرف صالح