في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي.... وما يجري من مواجهات شعبية فلسطينية تشمل كافة الأراضي .....لايصال رسالة فحواها أننا ضد الاحتلال .....وسياساته.... وممارساته ....وأننا ضد تصعيده واستمرار قصفه ....وقتله..... لأبناء شعبنا وأننا ضد سياسته الصهيونية والاستيطانية .... كما أننا ضد القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال .....وما يجري العمل عليه لنقل السفارة الأمريكية للقدس .......وهنا لا تتوقف الأمور إلي هذا الحد ....بل يجري العمل على قدم وساق..... لأجل ترتيب حل سياسي .... يتحدث عنه نتنياهو تحت شعار اغتنام الفرصة ....وعدم اضاعتها بدلا من اثارة الأزمات .... نتيجة لقرار الرئيس الأمريكي ترامب حول القدس حسب زعمه وأكاذيبه .... وتضليله .
نتنياهو الذي يؤكد أن الادارة الأمريكية سوف تطرح قريبا مقترحات بشأن عملية السلام أثناء مؤتمره الصحفي مع موغريني الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والامنية ..... وما برز من خلاف حول القرار الأمريكي .... وتأكيد الاتحاد الأوروبي على أن القدس عاصمة دولة فلسطين.... وليس عاصمة للكيان الاسرائيلي .
نتنياهو الذي يتحدث بكل وقاحة وغرور واستكبار ..... أنه يجب علينا اغتنام الفرصة لصنع السلام على حد زعمه ..... حتى لا تضيع..... وحتى لا تهرب ....وحتى لا تزول.... على اعتبار أن السلام بحسب المفهوم الاسرائيلي الامريكي .....يعني احداث تغيير شكلي بالاحتلال ..... واعطاء الصفة القانونية له .... وحشرنا بمربعات وكانتونات ما بين غزة وحكمها الذاتي ...وأمام ثلاث مناطق بالضفة الغربية ....ما بين المنطقة أ _ب _سي وبنسب متفاوتة في ظل استمرار المستوطنات والمستوطنين .
أي أن نتنياهو يقول ما قيل كثيرا ....أو قليلا ...وما استمعنا اليه من نتنياهو وائتلافه الحكومي اليميني المتطرف ....وحتى عبر الحكومات المتعاقبة لدولة الكيان التي تري بمفهوم السلام ....بأنه سلام مقابل سلام ....وليس الأرض مقابل السلام .
أن يقول نتنياهو.... فهذا معروف ومحكوم عليه بالكذب والتضليل والخداع ....لكن أن يخرج عن عربي ويطالبنا بالصبر .... وضرورة الاستماع ....على اعتبار ان هناك أخبار جيدة ....وأن عملية السلام ستمضي قدما .
هذا المسئول العربي يعرف جيدا .... أن اسرائيل لا تريد السلام .....بل أن هذه الدولة العبرية قد رفضت مبادرة السلام العربية ....والتي اساسها مبادرة سلام سعودية .... كما رفضت كافة المبادرات والقرارات الأممية .
دولة الكيان تريد أن تعزز الاحتلال ....وتحدث تغيرات بالشكل والمضمون ....بما يتناسب ومخططاتها وسياساتها التي تعزز من احتلالها ...وسيطرتها .... والتي تضييق الخناق على الفلسطينيين بجدار عنصري ...... وبأحزمة استيطانية حول القدس وغيرها ....وبشق طرق التفافية تقطع أوصال الوطن .... وتمنع الترابط بينه .....
يريدون سيطرة بالجو والبحر وعلى الحدود ....وسيطرة كاملة على نهر الأردن .... يريدون أن يستمروا باحتلالهم .... في ظل دعايتهم وأكاذيبهم التي يتحدثون فيها ....على أن الفلسطينيين سوف ينالوا حقوقهم .....ويقيموا دولتهم ....وحتى إمبراطوريتهم أو مملكتهم .
صحيفة الغاردين البريطانية وبتقريرها بعنوان الولايات المتحدة تحاول مواجهة الغضب الدولي بسبب القدس بتأكيد ( أن السماء لم تقع على الارض ) ..... مما يعني أن القدس للصهاينة .... وأن الأرض الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران متنازع عليها ....اذا ما تم استقطاع المستوطنات .... والمدن الاستيطانية والطرق الالتفافية ....والأحزمة الاستيطانية .... وأن ما استولت عليه دولة الكيان أصبح خارج اطار الصراع والمفاوضات ...وأن حدود الخامس من حزيران 67 باستثناء القدس الشرقية ...اضافة الي ما تم استقطاعه يعتبر أرض متنازع عليها .... وأن 22% من فلسطين في حال التزام اسرائيل في حدود الرابع من حزيران .... حتى تدرجت الأمور الي ما نسبته 11 % من أرض فلسطين التاريخية والتي سيجري بحسب مشاريعهم الي تقطيعها.... وفصلها ووضعها في كانتونات ومناطق منعزلة غير مترابطة .....لتصل الي أقل من هذه النسبة .
أى أن المطروح ....أو ما سوف يطرح ....أو ما سوف يجري الاعداد له بالقادم السياسي ....يتم تداوله عبر الاعلام والتصريحات .... يشكل جزء يسير مما يخطط ويدبر ....والذي ربما يأخذ منحي أكثر مما يعرض حتى الان ....حتى ما بعد قرار ترامب حول القدس .
القادم السياسي .... يحتاج الي ما هو قادم ....بالموقف العربي والدولي .... وبالأساس الموقف الوطني الفلسطيني وأن نحدد مرتكزات الخطاب السياسي والاعلامي ....بصورة واضحة وجلية .....وبعيدا عن الغموض والالتباس .... وحتى نمكن الاخرين من قراءة الموقف بصورة واضحة وجلية .
المشهد السياسي الدولي .... فيه الكثير مما نستند اليه....من خلال قرارات أكثر شجاعة واتزان ....ووفق حسابات وطنية.... تعتمد على القراءة المتأنية ....بعيدا عن القرارات الطائشة وردات الفعل غير المخطط .
أقول وللتاريخ ..... أن اغلاق الأبواب سوف يزيد حصارنا ..... وان انفتاح الحالة على غاربها ومشرقها .....سيزيد من الرياح والعواصف.... لذا فالانفتاح يجب أن يكون مدروسا وفق ضوابط .... وأحكام ... كما أن الاغلاق ....يجب أن يكون مدروسا بعناية فائقة ..... والي حد معين .
السياسة والتعاطي معها ...ومن خلالها ....يحتاج الي رؤية وبصيرة وحسابات دقيقة .....وفق معادلات داخلية واقليمية ودولية ..... لأن السياسة لا تحسب على أساس العواطف والتمنيات.... ولا تحسب وفق الاحلام والأوهام .....بل لها حساباتها ومعادلاتها التي يمكن من خلالها أن نحدث تغيرا أكثر تقدما .... وأكثر اتساعا ....وصوابية .... صوب أهدافنا ...وامكانية تحقيق حقوقنا .
الموقف المعلن بعدم مقابلة نائب الرئيس الامريكي موقف صحيح ..... وفق معادلة الواقع ...والرد الطبيعي على القرار الامريكي الجائر والظالم ...وعدم امكانية تسويق الموقف الأمريكي ....وتوفير الغطاء له في ظل مخالفته وتناقضه مع الحقوق الوطنية المشروعه للشعب العربي الفلسطيني .
وبالتالي فان الرفض لمقابلة نائب الرئيس الامريكي بالنسبة لنا .... كما موقف رجال الدين الاسلامي والمسيحي ....كالأزهر والكنيسة .... وكما موقف الكثير من رجال السياسة .... هذا الرفض ليس مجرد رفض فقط .... لقرار الرئيس ترامب ....لكنه موقفا يؤكد على رفض السياسة الامريكية ....وكيفية ادارتها للصراع .....واستمرار انحيازها لدولة الكيان .... وتجاهلها الدائم للحقوق الفلسطينية والعربية .
من هنا لا يجب تكرار التجربة الماضية .... والية العمل السياسي القائم... والتي تم استغلالها بصورة مغلوطة .....والتي أخرجت الموقف الفلسطيني والعربي عن سياقه الطبيعي .....الي حيث يريدون من مواقف لا تلبي الحد الأدني من الحقوق الفلسطينية .
نحن عندما نقول أننا مع السلام العادل والشامل والمشرف ..... فاننا نتحدث بصوت مرتفع ....وبقناعات ثابتة أن السلام أحد الخيارات الاستراتيجية .... والتي نسعي لتحقيقها .... لكن هذا الخيار يجب أن يقابلة استعادة كامل حقوقنا الوطنية الثابتة .... بما فيها القدس عاصمة دولة فلسطين .
أما أن يطرح سياسيا ....ما يمكن أن يفكك ويقسم ارضنا .... ويجعلنا أمام احتلال جديد بشكل وصورة جديدة .... مع بعض التعديلات والتسهيلات ...فهذا لا يمكن أن يكون ....ولا يمكن أن يقبل ....كما لا يمكن أن يمرر .
أمريكا وحكومة نتنياهو .... عليهم بالبحث عن حلول سياسية خارج اطار ما يفكرون به ....وان يستندوا بمبادراتهم ومخططاتهم على حقوقنا الثابتة ....والقرارات الأممية الصادرة وذات الصلة بقضيتنا ..... أن يعتمدوا على حلول شاملة وليست جزئية .... حلول دائمة وليست مؤقتة .... حلول ذات سيادة كاملة وليست منقوصة .
اذا أرادت أمريكا ودولة الكيان أن يبحثوا عن السلام ....فلن يجدوه في ظل الاستيطان والمستوطنين .... ولن يجدوه في ظل السيطرة والهيمنة على الجو والبحر والحدود .....لا يمكن أن يجدوا السلام ....وبالتالي لن يجدوا الأمن .....في ظل حقوقنا الضائعة ....وحصارنا الدائم .....وتقطيع البلاد والعباد .....ووضعنا في كانتونات ومعازل .
ما يخطط من قبل ادارة ترامب ....وما يمكن أن يسمي بصفقة.... قد خرجت ولن تعود..... ولن يكتب لها النجاح..... بل مصيرها الفشل .....لأن السياسة الامريكية القائمة على نظرية الحماية الامنية .....لبعض الدول مقابل المال الوفير ...وشراء السلاح .....وتعزيز الوجود الأمريكي .... تحت مبررات ومزاعم الخطر الايراني ..... على المنطقة ودولها .... كما التكفير والارهاب ....وتغذية بذور الفتنة الطائفية والمذهبية ....وتفكيك دول المنطقة ....وتهيئة الأجواء لتمرير حلول سياسية .....بحالة ضعف عربي ....وارباك سياسي وأمني ....تخطئ الولايات المتحدة اذا ما اعتقدت أن بمشروعها السياسي على أرضية ما يخططون ويدبرون ....يمكن أن يمر ....وأن يجد النور ....بل سيبقي بالظلام ...ولا نريد الاستماع ...ولا حتى الاصغاء للمتحدثين ....حول مثل هذه المشاريع ....مهما كان الخطر القادم ....علينا وعلى غيرنا .
الكاتب : وفيق زنداح