الرئيس الأمريكي ترامب وأفراد عائلته يحتفلون داخل البيت الأبيض بعيد الأنوار اليهودي ( حانوكا)، ولم يكتف الرئيس الأمريكي بالعيد اليهودي وحسب، فهذا شأنه وشأن عائلته، أما أن يتجاوز الرئيس الأمريكي حدود الاحتفال بعيد يهودي ليحوله إلى موقف سياسي فذلك أخطر من قراره الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.
فالرئيس الأمريكي يمضي في عدوانه السياسي على قضيتنا الفلسطينية وعلى شعبنا الفلسطيني، وذلك عندما يكتب في تغريدة له تهنئة لليهود في عيد لهم يقول فيها :( نفتخر في هذا العيد، أننا ندعم الشعب اليهودي الذي يلمع بين الدول، كما نؤيد شعب اسرائيل والدولة اليهودية التي لها في حدود ذاتها تاريخ رائع في التغلب على الظروف غير المواتية، وآمل أن يحتفل بهذا العيد في الولايات المتحدة، في اسرائيل وحول العالم بإجازة ممتعة) وأضاف الرئيس ترامب قائلا ( حانوكا لليهود في جميع أنحاء العالم، عندما يجتمعون حول المنيورا المضاءة ويحتفلون بعجائب الماضي والأمل في المستقبل).
أمام ما يقوله الرئيس الأمريكي ترامب نجد أنفسنا كشعب فلسطيني أما الحقائق التالية :
1= لم يكن الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني مجرد خطوة غير محسوبة في السياسة الأمريكية، بل أن هذا الإعتراف جاء وفق سياسة امريكية مبرمجة عدائية للشعب العربي الفلسطيني منذ ما قبل نشوء القضية الفلسطينية، والتي كانت مواكبة وداعمة دعما مطلقا للخطوات البريطانية المهيئة لإقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين منذ المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897.
2= وبعد مرور أقل من أسبوع على ذلك الإعتراف، وفي ظل عدم الرفض العربي خاصة له إلى اتخاذ خطوات عملية له، يأتي الإعتراف الأمريكي الجديد ليكون آكثر خطورة من الإعتراف الأول، وهو الإعتراف بيهودية دولة الكيان الصهيوني، وإن جاء هذا الإعتراف بعيدا عن وسائل الإعلام ، وفي ظل إنشغال فلسطيني وعربي ودولي بإجراءات رفض الإعتراف الأول لتمرير هذا الإعتراف الأخطر.
3= إن حقيقة الإعترافين من قبل الإدارة الأمريكية أكد أبعاد سياسة جديدة ، بأن طبيعة الصراع العربي الصهيوني هو صراع وجود وليس صراع حدود.
من هذه الحقائق نجد أن عملية السلام المزعوم ليس هدفها تحقيق السلام، بقدر ما تهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني أرضا وشعبا لمصلحة المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني، وأن ما يسمى بحل الدولتين هو مجرد وهم وسراب وقعنا فيه، فلا بد من التخلص منه والعودة إلى طبيعة الصراع بكل أهدافه ووسائله وأدواته.
فالإعتراف الأمريكي بيهودية الدولة هو بمثابة اعطاء الضوء الأخضر للعدو الصهيوني باتخاذ الإجراءات اللازمة للتخلص من أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني المتجذرين في أرضههم التاريخية المحتلة عام 1948.
وقد أصبح اليوم لزاما علينا اتخاذ القرار الفلسطيني بانتهاء الالتزام بأوسلو، والتحول بالسلطة إلى مرحلة الدولة تحت الاحتلال.
فالعدوان السياسي الأمريكي وأمام مواجهته الشعبية الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية، وفي ضوء ما أكده الرئيس الفلسطيني اليوم أمام القمة الإسلامية يمنح القيادة الفلسطينية دعما شعبيا وسياسيا لتنتقل من مرحلة الانتظار إلى مرحلة اتخاذ القرار التاريخي بالعودة إلى حقيقة الصراع، وأن فلسطين الانتدابية من البحر إلى النهر كلها واقعة تحت الاحتلال، ولا يمكن انهاء الصراع بكل التنازلات المؤلمة التي قدمناها لعدونا بعملية سلام مزيفة أكلت الأخضر واليابس من أرضنا الفلسطينية بالتوسع المستمر للاستيطان، فقضية شعبنا لا تجزأ، فشعبنا الواحد الموحد في كافة أماكن تواجده والذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية يتطلع إلى القيادة الفلسطينية لاتخاذ قرارات تاريخية تنهي بها عملية السلام المزيف الذي خدعتنا به الولايات المتحدة الأمريكية والتي ليست بالأساس دولة محايدة ووسيطا نزيها وإنما طرفا معاديا لقضيتنا وحقوق شعبنا.
صلاح صبحية 2017/12/13