مستقبل حماس السياسي ... بذكري انطلاقتها

بقلم: وفيق زنداح

سيبقى السؤال الكبير ... حول كيفية أن تحافظ حماس على مستقبلها السياسي ... وان تواصل مراجعاتها ... وان تحدد وتحاصر اخفاقاتها ... وان تعزز من ايجابياتها ... ربما هذا سؤال كبير ويحتاج الي العديد من المفكرين واصحاب الرأي ورجال السياسة ... كما يحتاج الى مراكز استيراتيجية وبحثية تحدد معالم الطريق الذي يمكن ان تسلكه حركة حماس بكل ما لها ... وما عليها .

وانا هنا سأتناول بعض الجمل والعبارات .. غير المنتظمة بتاريخها وسياقها ... لكنها المتناسقة والمتناغمة برسم معالم الصورة الكاملة بكافة مدلولاتها ونتائجها المحتملة وغير المحتملة ... والتي تبدأ بحركة حماس من حيث نشأتها الاولى مع الانتفاضة الاولى ... وحول مسيرتها ومحطاتها النضالية المقاومة ... والسياسية منها كما ممارستها للحكم ... كما الحديث عن فعلها الجماهيري والدعوي ... كما علاقاتها الخارجية والاسس القائمة عليها ... كما علاقاتها الداخلية ... وما يحكمها من مبادئ وأطر قانونية ووطنية ... والذي سيدخلنا الي عبارة ... اين اصابت ؟؟؟ واين اخطأت حماس ؟؟؟ ... ومدى حاجتها الى وقفات تقيمية واستخلاصات للدروس والعبر ... من تجربتها ... كما سيدخلنا الى كيفية انفتاحها على الخارج ... ومدى علاقتها مع الدول والاحزاب وعلى أي ارضية ... ومنطلق يتحدد هذا الانفتاح ... كما سندخل بمدى عمق انفتاحها على الداخل ... وحكم التجربة ومعالم الطريق وتحديد الاهداف ... كما سندخل حول امكانية السير بخطيين لا يلتقيان والتي تولد الازمة تلو الازمة ... كما سندخل حول ضرورة تحديد خطوط العمل ... لامكانية وصول حماس لاهدافها من خلال الحكم ... أم من خلال المقاومة ... وما بينهما من خلط للأهداف والوسائل التي تفرض تغيرات بمعادلاتها الداخلية والاقليمية والدولية كما سندخل بمنعطف حماس ... والحرج السياسي والعقائدي والتنظيمي في ظل أزمة الاسلام السياسي .. وما تشهده المنطقة من أحداث متتالية ... كما سندخل بامكانية ترتيب حماس لاولوياتها الوطنية بعيدا عن التنظيم الدولي للاخوان .... كما سندخل بامكانية حركة حماس على توازن علاقاتها ما بين التيار المعتدل والاكثر وجودا وحضورا ... وما بين التيار الاخر ... ومدى العداء بينهم مما يصعب على حماس ... ولا يسهل عليها ... في ظل حاجتها الدائمة للانفتاح والتحرك ... وليس استمرار الحصار والتضييق عليها ... كما سندخل حول امكانية حماس باعتمادها على قوتها العسكرية ... وجماهيريتها ... والتي تتغير ما بين فترة واخرى ... والتجارب عديده ... والنماذج متعدده ... حول دول واحزاب كانت تمتلك الكثير ... واصبحت لا تمتلك الا القليل القليل .

لنعود الى السؤال حول كيف يمكن لحماس ان تحافظ على مستقبلها السياسي ؟؟! ونحن نعيش بذكرى انطلاقتها ... باعتبارها حركة وطنية سياسية ومقاومة لها ايجابياتها ... كما لها سلبياتها ... لها محطاتها النضالية التي نشهد فيها ... كما لها محطات اخفاقاتها التي نشهد فيها عليها .

بكافة الاحوال ... وما حدث على حماس من تغير ميثاقها .. كما تغير قياداتها ... كما تغير مرجعياتها ... وعلى اقل تقدير بما نشاهد ونسمع ... لكن حماس واستمرار فتح قنواتها واتصالاتها لا يفيدها ... بل يحدث الضرر لها ... ونحن لا نريد الضرر لحماس بل نريد ان تعزز من مستقبلها السياسي ...والوطني ...كأحد أركان النظام السياسي الذي يمكن من خلاله ان نقوي هذا النظام ... وان نعزز من ديمقراطيته ... كما نعزز من صلابته ومقومات قوته .

رؤيتنا اننا بحاجة للجميع ... ولا نستثني أحد ... لكن حاجتنا تستند الى ارضية وطنية فلسطينية خالصة .... ولا تستند لاي اعتبارات خارجية ... لان الخارج يحدد بالمواقف السياسية والدعم السياسي ... واعلاء الصوت ... مع صوتنا حول حقوقنا ومطالبنا المشروعة ... كما الصوت المنطلق من المؤتمر الاسلامي بتركيا والذي اعتبر القدس عاصمة لدولة فلسطين ... كما غيره من المؤتمرات واللقاءات التي تساند قضيتنا والتي نحن بحاجة اليها

.

قضيتنا الفلسطينية لها خصوصية واضحة ... بحكم تاريخها الطويل ... وبحكم تجاربها واستخلاصاتها والتي تتحدد بالتالي :-

اولا :- يجب ان نحافظ على مكتسباتنا الوطنية واطرنا الشرعيه وما تحقق عبر عقود وسنوات طويلة وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .

ثانيا :- السلطة الوطنية الفلسطينية والتعامل معها باعتبارها مكتسبا وطنيا ... وليست وليدة اتفاقية سياسية اسمها اوسلو التي يجب ان نعمل على الغاءها وشطبها وسحب الاعتراف بدولة الكيان

ثالثا :- جميع القوي السياسية الوطنية والاسلامية يجب ان تكون مشاركة بداخل الاطر الشرعيه الفلسطينية ... المجلس الوطني ... والمجلس المركزي .. واللجنة التنفيذية باعتبارها مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ... كما المشاركة بالمؤسسات التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية أي اننا جميعا يجب ان نكون داخل الاطر الرسمية والشرعيه ... وان يتحمل الجميع مسئولية القرار الوطني وان لا نبقى على حالة تحميل فصيل دون اخر المسؤولية .

رابعا :- برنامجنا السياسي يجب ان نتوافق عليه ... وان نحدد الخطاب السياسي يصورة واضحة ومحددة وان لا يغرد كلا منا بحسب مصالحه واهواءه ... حتى يكون الخطاب مؤثرا وفاعلا وجادا ومسموعا من الجميع .

خامسا :- وسائلنا النضالية يجب ان نتوافق عليها وان نحدد اولوياتنا ... وان لا نستمر بحالة الخلط ... وكأننا نفضل وسيلة على اخرى لان تجارب الشعوب وثوراتها قد حققت اهدافها وحرية اوطانها من خلال كافة الوسائل وليس من خلال وسيلة واحدة .

سادسا :- يجب ان نحدد استيراتيجية اعلامية ... ثقافية ... وطنية واضحة المعالم ومحددة الاهداف ... وان لا يكون لكل منا خطابه الاعلامي والسياسي والثقافي ... والذي يحدث تشوهات فكرية وخلل مجتمعي .... كما يحدث تصدعا بالرأي العام وهذا ليس بمصلحتنا على الاطلاق .

سابعا :- تجربتنا الانقسامية السوداء .. التي وضعتنا بموقف اضعف مما كنا عليه ... والتي وفرت لعدونا ... ولاعداءنا ما يمكن ان يفعلوه من استيطان متزايد ... ومتسارع ... كما صدر من قرار جائر وظالم من قبل الرئيس الامريكي ترامب والذي لا يمكن ان يصدر الا في ظل انقسام فلسطيني .... وواقع عربي يتراجع واسلامي ضعيف وهزيل ... وحالة دولية تستمد قوتها من الحالة الفلسطينية والعربية وهذا ما لم يتوفر .

ثامنا :- ضرورة التقييم واحداث الوقفات للمراجعة واستخلاص العبر والدروس المستفادة والبناء عليها ... لان هذه الوقفات والاستخلاصات ليست محاولة لتحميل طرف دون الاخر مسؤولية ما الت اليه الامور ... لكنها محاولة جادة وصادقة لان براجع الجميع انفسهم ... ويقيموا اداءهم ... ويستخلصوا العبر والدروس ... حتى نتمكن من تصليب مواقفنا ... والخروج برؤية استيراتيجية أكثر قوة وتأثيرا ... وان لا نستمر بحالنا الذي اصبح يضر بقضيتنا ... ويضيع علينا الكثير من سنوات نضالنا وعمرنا واهدافنا الوطنية التي نسعى لتحقيقها .

تاسعا :- يجب ان نعزز من ديمقراطية المجتمع ... كما يجب ان نعزز من ديمقراطية العلاقات الفصائلية ... وان نحتكم جميعا لمبادئ وأسس ديمقراطية واضحة عنوانها الاغلبية واحترام الاقلية لها ... كما الاقلية واحترام قرار الاغلبية .. وان تكون المواقف داخل الاطر الشرعيه لتدارسها وتحديد المواقف حولها .

عاشرا :- العمل الجاد على وقف التصريحات غير المجدية بل والمضرة والمسيئة لصورتنا ومشهدنا الفلسطيني ... والتي لا تعبر عن روح المسؤولية الوطنية والتاريخيه ... بقدر ما تعبر عن سياسة المزايدات ... ومحاولة التصيد ... ومحاولة الظهور بمظهر لا يعبر عن الحقيقة ... والمكشوف للرأي العام الفلسطيني وحتى للرأي العام العربي والدولي .

نحن بذكرى حركة حماس ... والتي نعتز ونفخر بمسيرتها النضالية وبقوافل شهدائها وجرحاها واسراها ... نعتز بقيادتها الجديدة ... والتي اتسمت باحكام العقل بمواقفها ... وأخذت خطوات على طريق المصالحة ... وانهاء هذه الصفحة السوداء من انقسام لم يكن هناك من مبرر له ... بل يسجل في اطار الاخطاء الفادحة التي ارتكبت والتي عطلت علينا ... واضرت بقضيتنا ... لكننا مع ذلك لا نريد الالتفات للخلف ... ولكننا نريد التقدم خطوة ما بعد خطوة ... لاجل مصالح شعبنا ... واولويات قضيتنا ... وان نتعلم الدرس القاسي الذي ولد لدينا قناعات جديدة بعدم الاحتكام الى لغة السلاح ... باعتباره جرما لا يغتفر ... والاحتكام فقط الى لغة الحوار ... ومحاولة الاقناع والتريث حول المواقف الاكثر صوابا والتي تخدم قضيتنا وتحقق مشروعنا الوطني .

كل التحية والتهنئة لقيادة حركة حماس وجماهيرها التي تحتفل بذكرى انطلاقتها ... والتي تعتبر ذكرى الانطلاقه ذكرى لتاريخ مجيد ... ومسيرة نضال طويل ... ووفاء للشهداء ... وفي ذات الوقت نعتبر بذكرى الانطلاقة .. ان على حماس ان تراجع نفسها باستمرار ... وان تحدث من مواقفها بصورة متواصلة ... وان تأخذ من الخطوات الوطنية ما يعزز من مستقبل حماس السياسي وان لا يبقى حماس بدائرة الخطر والتهديد ... بل يبقى حماس بدائرة الشراكة ... وصناعة مستقبل فلسطين .

بقلم/ وفيق زنداح