ثمة ما هو مهم ان نقف على ابواب التاريخ كي نفهم ولا ننتظر الرمال المتحركة القادمة على المنطقة العربية وفلسطين المحتلة ، فالاستقراء الموفق هو من لديه القدرة على الفهم من معطيات واحداث الماضي كي يستدل على وقائع يمكن ان تحدث ، فليس مهما الان التفاعل الحدثي مع الحدث بالقدر الذي من الاهمية ان يقوم التفكير او الفعل تاليا بالياته الاستراتيجية ز
كثر الحديث عن صفقة القرن ، ومن قبلها ما يسمى الربيع العربي .. ومن قبلها بعقود الثورة العربية الكبرى وسايكس بيكو وانتهاء الامبراطورية العثمانية ، وزوال الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، ودخلنا في مرحلة توازن الرعب بين قوتين عظميين ومن ثم زوال احدهما ، وشهدنا الصراع بين القوة الناشئة لامريكا واخراجها للاستعمار التقليدي من المنطقة العربية واهمها بريطانيا وفرنسا ، وتحول الاقتصاد العالمي لركيزته الدولار وظهور اليورو موازيا للدولار بدلا من الجنية الاسترليني والمارك والفرنك الفرنسي ، وظهور اليوان الصيني والين الياباني في حلقة الصراع الاقتصادي في العالم .
بلا شك ان عوامل المتغير الاقتصادي والموارد والعلاقة بين المنتج والمستهلك واحتكار المنتج لادوات انتاجه والحفاظ على رقعة المستهلكين التي تشكل المنطقة العربية والدول الاسلامية اكبر مساحة وتعداد هي من تثير نزعة العدوان والاحتلال لتلك الشعوب وتجزئتها والمحافظة على منسوب التخلف فيها واثارة الفتن العشائية والقبلية والمذهبية ووضع خطوط جغرافية متنازع عليها ومتدالة بين تلك التجمات التي تطورت الى بلدان ودول وممالك .
لم يكن اليهود بعيدين كمحرك لاطماع تلك الدول التي تسعى للسيطرة على اماكن الخامات والثروات في العالم واهمها المنطقة العربية وبالتالي كانت وحدة الهدف بين القوى الاستعمارية والمتغيرات التي تريد ان تحدثها مع الراس مال اليهودي والبروستانتي الصهيوني في وضع جسم غريب يحمل التكنولوجيا وما يسمى الديموقراطية كواحة في منطقة نزعاتها الثقافية قبلية ومذهبية ووسط عشرات الملايين من المستهلكين الذين لا يستطيعوا تجيير ثرواتهم لتنمية قدراتهم الحضارية والتكنولوجية ، بل سعيا لان يكون هذا الجسم الغريب قوة السيطرة العلمية والعسكرية والتكنولوجية في المنطقة .
لم يكن وعد بلفور في 2 نوفمبر عام 1917م الا نتاج مؤتمر دعى له رئيس وزراء بريطانيا للدول الاوروبية عام 1907 وبعد عشر سنوات من مقرراته شهدنا سايكس بيكو عام 1916م والتي تسمى اتفاقية كامبل وكانت اهم مقرراته سبل مواجهة الدولة العثمانية والتوسع الالماني وكما يقولون مؤتمر السلام ، كان الهدف تقسيم الدولة العثمانية وغالبيتها اراضي عربية والسيطرة على المانيا . وحدد الدول التي لا تق ضمن الحضارة الغربية وبالنص الدول العربية والاسلامية .
لقد دعا مؤتمر بنرمان الى إقامة دولة في فلسطين بالتعاون مع المنظمة الصهيونية العالمية تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الإفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب العربية ألا وهي دولة إسرائيل التي ستكون بمثابة دولة يهودية
شكل هذا المؤتمر النواة الأساسية والتي انبثق عنها كل من اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور ومؤتمر فرساي ومؤتمر سان ريمو ومعاهدة سيفر ومعاعدة لوزان وبصدور قرار التقسيم 181 بتاريخ 29/11/1947 وإعلان قيام دولة إسرائيل بتاريخ 15/5/1948 وبتاريخ 11/5/1949 تبوأت اسرائيل مقعدها في الأمم المتحدة بصفتها العضو 59 في المنظمة الدولية
قبل مؤتمر كامبل بسنتين وعام 1905 اكتشف الغرب النفط في البلاد العربية وبالتالي كان الوطن العربي محل الصراع وتقاسم النفوذ وتحديد هوية الحكام فيه بما يخدم السيطرة الكاملة على الثروات العربية وانهاء اي سيادة عربية على المنافذ البحرية التي تتحكم في المسارات البحرية الاقتصادية والعسكرية .
ولكن من المهم ان نقف قبل وثيقة كامبل بيترمان لكي تتضح الصورة :-
-المؤتمر الصهيوني الأول1
لقد تم عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية عام 1897 بمشاركة كافة ممثلي الجاليات اليهودية في العالم من أجل إنشاء وطن قومي لليهود بزعامة ثيودور هرتزل وتم اتخاذ القرارات التالية
• إن هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين بالوسائل التالية . تشجيع الهجرة اليهودية الى فلسطين . تنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية . واتخاذ السبل والتدابير للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني( إعطا ءه شرعية دولية).
• تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة ثيودور هرتزل
• تشكيل الجهاز التنفيذي " الوكالة اليهودية " لتنفيذ قرارات المؤتمر ومهمتها جمع الأموال في صندوق قومي لشراء الأراضي وإرسال المهاجرين لإقامة المستعمرات لليهود في فلسطينبعد انتهاء أعمال المؤتمر الصهيوني الأول خرج ثيودور هرتزل على الصحفيين والإبتسامة العريضة تعلو شفتيه وقال لهم لقد قررنا إنشاء الوطن القومي لليهود وقد تضحكون إذا أخبرتكم أن هذا الوطن سيتحقق خلال خمسة أعوام وعلى الأغلب خلال خمسين عاماً على الأكثر . وفي عام 1948 تم الإعلان عن إنشاء دولة إسرائيل في أرض فلسطين المقدسة في قلب العالم العربي وفي قلب العالم الإسلام
2- السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد
قام ثيودور هرتزل بإرسال رسالة الى السلطان عبد الحميد الثاني وهذا نصها " ترغب جماعتنا في عرض قرض متدرج من عشرين مليون جنيه استرليني يقوم على الضريبة التي يدفعها اليهود في فلسطين الى جلالته . تبلغ الضريبة التي تضمنها جماعتنا مائة ألف جنيه استرليني في السنة الأولى وتزداد الى مليون جنيه استرليني سنويا ويتعلق هذا النمو التدريجي في الضريبة بهجرة اليهود التدريجية الى فلسطين. أما سير العمل فيتم وضعه في إجتماعات شخصية تعقد في القسطنطينية . مقابل ذلك يهب جلالته الإمتيازات التالية ...الهجرة اليهودية الى فلسطين التي لا نريدها غير محدودة فقط بل تشجعها الحكومة السلطانية بكل وسيلة ممكنة وتعطي المهاجرين اليهود الإستقلال الذاتي . المضمون في القانون الدولي وفي الدستور والحكومة وإدارة العدل في الأرض التي تقرر لهم ( دولة شبه مستقلة في فلسطين )ويجب أن يقرر في مفاوضات القسطنطينية الشكل المفصل الذي ستمارس به حماية السلطات في فلسطين اليهودية وكيف سيحفظ اليهود أنفسهم النظام والقانون بواسطة قوات الأمن الخاصة بهم.
قد يأخذ الإتفاق الشكل التالي يصدر جلالته دعوة كريمة إلى اليهود للعودة الى أرض آبائهم . سيكون لهذه الدعوة قوة القانون وتبلغ الدول بها مسبقاً
3-وثيقة كامبل رئيس وزراء بريطانيا وسنخص فيها ما جاء بخصوص المنطقة العربية وفلسطين:
الفئة الثالثة: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديداً لتفوقها ( وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام ) والواجب تجاه هذه الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لإمتلاك العلوم التقنية. محاربة أي توجه وحدوي فيها
ولتحقيق ذلك دعا المؤتمر الى إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الإفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب ألا وهي دولة إسرائيل واعتبار قناة السويس قوة صديقة للتدخل الأجنبي وأداة معادية لسكان المنطقة.
لم يكن غريبا اعلان ترامب او وثيقة ترامب باعلان القدس عاصمة اسرائيل وفيما بعد الدولة اليهودية وليس غريبا ان تقف بريطانيا وفرنسا ضد هذا القرار وبالخلفية التاريخية ليس في مصلحة امريكا ان تكون اوروبا قوية موحدة وكذلك ليس في مصلحة الاوروبيين ان تبقى امريكا مهيمنة على العالم وبالتحديد المنطقة العربية وفلسطين وبالرجوع للتاريخ لقد اخرجت امريكا فرنسا وبريطانيا واوروبا بعد الحرب العالمية الثانية من المنطقة العربية ولكن هناك رؤية مشتركة ببقاء اسرائيل ولكن ليس كما تريد امريكا فالاوروبيين يريدون دولة فلسطينية موالية لهم في المنطقة العربية ولا تخضع للنفوذ الامريكي ومصالحها ، ومن هنا التوجه لاوروبا امام قرار ترامب مهم جدا لكسر معادلة الاحتكار في المنطقة ، وبالتالي الامريكان كانوا حذرين اكثر من الاوروبين وليهم قدرة استدراك اكبر واسرع عندما تحرك ترامب الى السعودية واضعا اقتصاد دول الخليج تحدت يدي امريكا وتحت الحماية الامريكية وطرد غير مباشر للاوروبيين من المنطقة وتحت ما يسمى حل الصراع بالطريقة الامريكية بعيدا عن المجتمع الدولي ومدعوم من الدول العربية وخاصة دول الخليج ولانهاء سايكس بيكو وبزوغ خرائط سياسية وامنية واقتصادية في المنطقة وحل القضية الفلسطينية حل اقليمي مفروض بواقع الموالاة لامريكا .
لم تكن تصريحات السعوديين اتية من فراغ ولكن اتضحت الصورة اكثر بعد زيارة كوشنير للسعودية والعرض على الرئيس محمود عباس ابو ديس عاصمة مما اضطر الاخير ان يعلن ان ابو ديس لن تكون العاصمة بل من ضمن العاصمة الفلسطينية وهي القدس الشرقية ... تتسرب معالم صفقة ترامب وتتسلل للتطبيق بفعل الواقع خطوة خطوة وبالتالي ما يعتبره ترامب ذكاءا وصفقة انه اخرج الاوربيين من الصفقة ليبقى الوطن العربي واهمها دول الخليج تحت السيطرة الامريكية المطلقة وبعدو صنعوه هو ايران ، وتنطلق المشاريع المعلن عنها والتطبيع بمواني وخطوط سكة حديد تربط اسرائيل بالمنطقة ومدينة كبرى تاخذ من مصر والاردن وتوطين وتبادل اراضي وتعديل حدود وتوسع لغزة وضم ل 60% من الضفة . وربما تغييرات واستهداف للاردن .
على ابواب التاريخ ...لاتنتظر ..وفكر
سميح خلف