لن نتخلى عن إرثك يا عمر ...!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

في زمن الضعف والتردي الذي تمرُّ به الأمة، تطالعنا أصوات قلةٍ من دعاةِ الفهمِ والثقافة، ومراكز الأبحاث الدَّعية، والذين هم أبعد ما يكونوا عن عالم الثقافة والفكر، والفهم والبحث، وإنما هم أُجراءُ لدى من خاصموا أمتهم وداسوا كرامتهم، وتنكروا لتاريخهم وثقافتهم الأصلية، بل ولعقيدتهم، ووالوا أعداء الله ورسوله، ومن يوالي أعداء الله ورسوله فهو منهم، فيكون قد خَرَجَ من الملةِ وعلى المِلَّةِ، وتجاوب وتناغم مع أعداء الله ورسوله، ومع أعداء الأمة وتاريخها وثقافتها وعقيدتها، فَهُمْ ليسوا منا نَحنُ (آل الأمة والوطن) لا حاضراً ولا تاريخاً ولا مستقبلاً ولا ماضياً.

عندما يدعوننا أن نتخلص من موروثنا العقائدي والثقافي، وأن نسلم ونستسلم لمطالب الأعداء، ويعلنون بصريح العبارة أن القدس مقدسة لدى اليهود كما مكةَّ مقدسة لدى المسلمين، فلنا مكة كما لهم القدس، هذا الجهل المبرمج والخياني لم يأتي عفوياً، وإنما لتسويق الخيانة وجعلها واقعاً إيمانياً وثقافياً، ويشوهون حقائق العقيدة والثقافة والتاريخ إنتصاراً لأعداء الأمة الصهاينة ومن والاهم ودعمهم، نعم هذا يمثل خروجاً، من إرث العرب والمسلمين والمسيحيين، وخروجاً من إرث العقيدة الإسلامية والمسيحية، خروجاً من إرث عمر وأبي بكر والصحابة أجمعين، خروجاً من العهدة العمرية، وتخطئة لتحرر بلاد العرب من إستعمار الفرس والرومان في صدر الإسلام، وإستنكاراً للفتوحات الإسلامية التي هي أول عملية تحرر سياسي وثقافي وعقدي وهوياتي لأمة العرب، ونشرٍ لعقيدة التوحيد التي إرتضاها الله عز وجل للبشر كافة، ورسالة القرآن الكريم وخاتم النبيين سلام الله عليهم، نقول لهم ليخرجوا دون عودة من بيننا، ومن ديننا ومن ثقافتنا، ليخرجوا من ماضينا وتاريخنا، وليخرجوا من مستقبلنا كما خرجوا من حاضرنا، فالأمة على ما هي عليه من إرث للعقيدة السمحاء، وَفِيةٌ لماضيها التليد، صامدة في وجه حاضرها المرير في مواجهة أعتى هجمة إستعمارية تتعرض إليها، فنحن عرب مسلمون ومسيحيون ونحن أقوياء ومنتصرون، وسنبقى عربا مسلمين ومسيحيين أيضاً ونحن ضعفاء أو مهزومين، لن نغير جلدنا، كما لن نغير عقيدتنا، ولن نتنكر لماضينا، وتاريخنا محلُّ إعتزازنا وإفتخارنا، كما لم نستسلم لأعدائنا وأعداء الله ورسوله والمؤمنين، وسنبقى في صف المواجهة والمقاومة حتى الإنتصار، حتى تتحرر فلسطين كل فلسطين، حتى تتحرر القدس، وكنيسة القيامة والمهد، ويتحرر الأقصى المبارك، الذي لا يقل أهمية وقيمة عن الكعبةِ المشرفة والتي ربط الله عز وجل بينهما في محكم التنزيل بقوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)، فالمسجد الأقصى قبلة الأنبياء والمؤمنين والمسلمين منذ آدم عليه السلام وإلى السنة الثانية للهجرة، هذا ما يؤكد المساواة في القداسة والبركة بين الكعبة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك، وهما أول بيتين أقيما على سطح الأرض لعبادة الله الواحد الأحد، ونحن الفلسطينيون والعرب جميعاً مسلمين ومسيحيين، ورثة الأنبياء وخاتمهم محمد عليه السلام، وورثة الصحابة وعلى رأسهم أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وبقية الصحابة رضوان الله عليهم، ونحن أحفادهم في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس عاهدنا الله، وعاهدناهم، وعاهدنا الأمة أن نبقى أوفياء لهم ولإرثهم سنذود عنه بالغالي والنفيس جيلاً بعد جيل حتى يكتب الله لنا النصر على أعداءه وأعداء البشرية والإنسانية الصهاينة العنصريين ومن والاهم.

لن نتخلى عن إرث عمر وأبي عبيدة وخالد إبن الوليد، ولن نتخلى عن إرث صلاح الدين والظاهر بيبرس وقطز، كما لن نتخلى عن النضال والجهاد من أجل تحرير بيت المقدس وفلسطين حتى تعود حرة سيدة عربية إسلامية ومسيحية ويندحر الصهاينة المعتدين العنصريين هم ومن والاهم من قوى الإستعمار ومن سوق وسوغ لهم من المتساقطين والمطبعين والمتصهينين.

بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس